القاهرة - أحمد متبولي ومحمد الشاعر ومؤمن عبدالرحمن ونبيل عبدالعظيم ساد هدوء حذر في محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومحيط كنيسة مار جرجس في الخصوص بالقليوبية بعد أن استمرت الاشتباكات حتى صباح أمس بين مئات الأقباط ومجهولين، مما رفع عدد الضحايا إلى قتيلين وإصابة 89 آخرين، بينهم 19 من رجال الشرطة، وسط تحركات سياسية مكثفة لاحتواء الفتنة بعد حالة الغضب التي انتابت الشارع المصري بعد الاعتداء على المقر البابوي، الذي يعد الأول من نوعه. وبدت الحركة طبيعية امام الكاتدرائية، بعد أن نجحت المفاوضات التي قادها عدد من أهالي المنطقة بإقناع المتظاهرين بفتح الطريق، لكن العشرات من الشباب الأقباط قاموا بتسلق أسوار الكنيسة أمس وقاموا بقطع الطريق مرة أخرى. كما نجحت الجهود التي قادها أهالي مدينة الخصوص في احتواء الاشتباكات التي تجددت أمام الكنيسة وقام عشرات الشباب من المسلمين والأقباط بتنظيم مسيرات تهتف «مسلم ومسيحي أيد واحدة»، و«يحيا الهلال مع الصليب» بعد حالة من الكر والفر بين الجانبين مساء الأحد. غضب عارم ورغم أن الكنيسة القبطية استقبلت اتصال الرئيس محمد مرسي ببابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني بترحاب؛ فإن حالة الغضب استمرت في الشارع القبطي، خاصة بعد سقوط ضحايا جدد، وترددت أنباء عن اعتكاف البابا في الدير احتجاجا على ما حدث. وقد أكد الرئيس مرسي أن الحفاظ على أرواح المصريين مسيحيين ومسلمين مسؤولية الدولة، وقال «إنني اعتبر أي اعتداء على الكاتدرائية اعتداء علي شخصيا»، وأمر بإجراء تحقيق فوري فى الأحداث، وبإعلان نتائج التحقيق على الرأي العام فور اكتماله، مؤكداً أنه «سيتم تطبيق القانون بكل حزم على من يثبت تورطه في هذه الأحداث، وأنه لن يسمح لأحد بهدم الوطن». وقام فريق من النيابة بمعاينة مكان الاشتباكات، وتعذر دخوله للكاتدرائية، حيث كشفت المعاينة عن خلع كاميرات التصوير الرئيسية للباب الرئيسي وتفحم سيارتين، والعثور على كميات هائلة من الطوب والحجارة والشوم وأسياخ الحديد أمام الكاتدرائية، فيما أمرت بإرسال الجثتين إلى المشرحة، وطلبت النيابة تحريات جهازي الأمن الوطني والعام حول الأحداث وتحديد مرتكبيها. وبيّن التقرير الطبي أن محروس حنا إبراهيم تادرس (30 عاما) توفي نتيجة إصابته بطلق خرطوش، أما القتيل الثاني فقد لقي حتفه أثناء سقوطه من أعلى أحد العقارات أثناء تصوير الأحداث بهاتفه ولم يتم التعرف عليه. القبض على 11 وقال مصدر أمني إنه تم تحديد عدد من المتورطين في الأحداث، وتم القبض على 11 منهم، وسوف يتم الإعلان عنهم لكشفهم أمام الرأي العام، فيما قالت مصادر قبطية إن الشباب لن يهدأ حتى يتم القبض علي المتسببين في الجريمة. وتفاعلت الأحداث سياسيا بشكل كبير، حيث عقد رئيس الوزراء هشام قنديل اجتماعا طارئا صباح أمس مع المجموعة السياسية الوزارية لبحث المشكلة، وطالب وزارة الداخلية بسرعة ضبط المتورطين وتقديمهم للعدالة لتوقيع العقوبة القانونية عليهم، فيما أجري اتصالان بكل من شيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس لبحث احتواء الأزمة، مؤكدا أن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية أمن مصر، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات العبث باستقرار البلاد ودفعها إلى الوقوع في فخ الفتن. من جانبه، أعرب مجلس كنائس مصر عن أسفه الشديد للأحداث، مؤكدا أنه وللمرة الأولى فى التاريخ يحدث اعتداء على مقر الكاتدرائية المرقسية، التي تمثل رمز المسيحية في مصر والعالم العربي والشرق الأوسط، داعيا جميع أبناء مصر الوطنيين إلى ضرورة إعمال العقل للحفاظ على سلامة الوطن وأرواح أبنائه، مشددا على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على حد سواء. كما عقدت لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى اجتماعا طارئا أمس برئاسة رئيس المجلس، أحمد فهمي، الذي أكد أنه من غير المقبول تحول الصراع السياسي إلى صراع ديني، في الوقت الذي أعلن عدد من النواب من الأقباط ومن المنتمين إلى التيارات المدنية اعتصاما مفتوحا ببهو المجلس، مطالبين بإقالة وزير الداخلية. قلق أوروبي ودخلت ممثلة الشؤون الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، الموجودة في القاهرة على خط الأحداث، وقالت في بيان لها إنها تابعت بقلق بالغ الاشتباكات، وأكدت ضرورة تدخل الشرطة لحفظ الأمن من أجل السيطرة على الوضع وإعادة الهدوء والنظام إلى البلاد، معربة عن قلق الاتحاد الأوروبي البالغ إزاء أحداث العنف، مشيدة بالاتصال الذى أجراه الرئيس مرسي بالبابا، وإدانته لأعمال العنف، معربة عن تضامنها مع عائلات الضحايا. وأدانت مختلف القوى السياسية الأحداث، وحمّلت الرئيس والحكومة المسؤولية، معتبرة أن ما حدث استمرار لحالة الفشل السياسي لدى النظام الحاكم، فيما حذّر الإخوان المسلمون من إثارة الفتن في المجتمع، مؤكدة أن هناك عقولاً مدبِّرة تحرِّض على إثارة الفتن كل يوم؛ حتى لا تهدأ البلاد ولا تستقر.