الرغبة في الكتابة والاستمرار فيها يحتمها الواجب والظرف بأنك مواطن مجند في هذه الحرفة لتنقل للمواطن ملاحظاته للمسؤول صغيرا أم كبيرا وحتى تكون على بينة وصادقا فيما تكتبه لابد أن تلتزم بالإمانة عند الكتابة لأنها بالفعل مهنة المتاعب أو السلطة الرابعة التي تتطلب فيمن يمتهنها أن يكون على قدر المسؤولية أولا وأخيرا وأن يكون صادقا في طرحه لدرجة أن القارئ تهمه المصداقية ويستطيع أن يتبينها من بين سطور الكاتب حتى لو كان الموضوع المكتوب فيه شيء من عدم الموضوعية أو الرمزية أو على طريقة «تلميحا وليس تصريحا».والحقيقة أننا في الوقت الحاضر الذي تحولت في وسائل الاتصالات إلى ما يشبه القرية الصغيرة وفي لحظة بواسطة أي وسيلة تعرف ما يحصل في آخر العالم على مدى الأربع والعشرين ساعة إلى درجة أن وسائل الاتصالات اخترقتنا في غرف نومنا بل وأكثر من ذلك إلى الصحراء الخالية من البشر والشجر.إنني أكتب وفي نفسي لوعة عالية من بعض الذين يقرؤونك بشكل مختلف وعلى غير ما تريد أو تقصده ولم يقفوا عند هذا الحد بل يكادون يتعدون عليك إما بالردود الخارجة عن الأدب أو رسائل الجوال أو الإنترنت وزميلاتها قائلين لك إن ما تكتبه لا يتعدى عن الكلام الفارغ المليء بالغموض والطبطبة بينما في الجهة المقابلة تتلقى على بعض ما تكتبه الاستحسان وبعض كلمات المجاملة من البعض الآخر.وقد أسعدني القارئ الذي استدعاني إلى مكتبه على فنجان شاي وقال إنه يتابع ما أكتبه وقد يختلف في البعض ويتفق في البعض الآخر لكن الذي أغضبني منه جدا عندما سألني من أي قبيلة أنا.. هنا دخلنا في المحظور وبدأت القبيلة والفئوية تطل برأسها لدرجة جعلتني أرد عليه ردا قاسيا ولم أنتظر أن يهدئ من ثورتي عليه بل إنني ألحقتها أن نهضت من جلستي قاصدا الخروج لكنه بكل ما أوتي من كلمات المجادلة وأنه لا يقصد شيئا فيما قاله اضطررت للعودة للجلوس ولم يصدق خبرا حيث أمطرني بالأسئلة وأنا أجيب راضيا بأن يحقق معي قارئ على درجة كبيرة من الوعي لولا سؤاله: من أي قبيلة أنت؟؟ أخيرا خرجت من مكتب هذا القارئ وأنا كلي فخر واعتزاز أن يقرأ لي مثل هذا القارئ المثقف.. وكفى بأن هناك قراء يفوقون ثقافيا كثيرا من الكتاب.