احتفالات اليوم العالمي لأطفال التوحد الأسبوع الماضي أعادت إلى ذاكرتي ما عرفته عن المعجزة البشرية نيكولاس جيمس فوجي، ذلك الشاب الصربي الأصل، الأسترالي المولد، الذي ولد في الرابع من ديسمبر عام 1982. وهو يعاني من متلازمة نادرة، هي نقص الأطراف الأربعة، وعاش يعاني مبكراً من فقدان الأذرع والأرجل . عاش فوجي حياته كطفل عُرضة للسخرية ممن حوله، وتسلل الإحباط إلى قلبه، وعاش حالة نفسية، وفي لحظة ما فكر في أن ينهي آلامه بالانتحار! لم يستسلم فوجي لمصيره، وسرعان ما آمن بحتميّة تعايشه مع إعاقته، واقتنع بأن يتحدى نفسه، وفي سن السابعة عشرة أسسّ منظمته غير الربحية «الحياة بدون أطراف» وقدم من خلالها الخطابات في أماكن مختلفة من العالم دعا فيها إلى التعايش مع الإعاقة وبث الأمل في النفس والعيش بإيجابية بعيداً عن الإحباط واليأس، وكثيراً ما كان يضرب نفسه كمثال أثناء خطاباته ليثبت للناس قدرتهم على فعل المستحيل . فوجي مُنع من الذهاب إلى المدرسة بسبب إعاقته، وانتقل إلى كاليفورنيا الأميركية ودرس هناك، وكلما باغتته مشاعر الإحباط، كان يطرح على نفسه السؤال: لماذا هو مختلف عن بقية الأطفال ؟ والدته كانت مفتاح التحول في حياته، حيث عرضت عليه صورة لرجُل مصاب بعجز حاد، وهو يتعامل مع إعاقته بسلاسة وصبر وتحمّل، ما أثار الدهشة في نفسه، واكتشف أنه ليس الإنسان الوحيد المُعرض لهذه الإعاقة، وبدأ يتحدى إعاقته حيث تعلم الكتابة باستخدام أصابع قدمه الصغيرة الظاهرة في أسفل جذعه من الجهة اليسرى وتعلم استخدام الحاسوب والطباعة عليه، وتعلم أيضاً رمي كرات التنس والعزف على الطبل، كما بدأ بالعناية بمظهره وكيفية الحلاقة وتصفيف الشعر والردّ على الهاتف وتنظيف الأسنان باستخدام الفرشاة كما تعلّم السباحة أيضاً. انتقل نك إلى مرحلة الدراسة الجامعية ليدرس المحاسبة والتخطيط المالي، وفي عامه التاسع عشر بدأ بتحقيق أحلامه حيث بدأ بتشجيع والتأثر بمن حوله، من خلال خطاباته المؤثرة وقناعته بأن الله أعطاه الأمل والحياة من جديد. في عام 2005 رُشحّ فوجي لجائزة « الشاب الأسترالي التي تحظى بشعبية واسعة في أستراليا، وحيث تخضع هذه الجائزة لقوانين صارمة، وتخرج من جامعة جريفيث وهو في الحادية والعشرين من العمر، وطاف يتنقل في دول العالم بأسره يخطب ويتبنى قضايا المُراهقين والمعاقين ويتحدث عنها. بدأ نك بنشر أعماله ومشاريعه، ونشر كتابه الأوّل عام 2010، كما سوّق لأفلام وثائقية عن حياته الشخصية في المنزل في عام 2005، ومن ثم نشر الجزء الثاني للفيلم عن واحد من خطاباته المؤثرة، ومن ثم فيلم موجّه إلى الشباب باسم «بدون رجلين، بدون يدين، بدون قلق «. وبدأ العمل في مجال إنتاج الأفلام القصيرة، ونال جوائز عديدة من ضمنها جائزة أفضل ممثل أفلام قصيرة في ذلك العام. تزوّج فوجي في عام 2012 وأصبح رمزاً عالمياً لمتحدي الإعاقة، وقهر المستحيل. المحرر | [email protected]
