أمام خياري الحرب والسلام، وجهة نظري أن طريق السلام أفضل لنا مع إسرائيل، توفيراً للمال والدم العربيين.. استناداً إلى تاريخ طويل من الحروب كان العرب فيها الخاسرين. تعليقاً على مقالنا «لا سبيل إلا بالسلام» وصلني العديد من المكالمات والمخاطبات التي تستهجن ما كتبت، وحقيقة أن ما قلته لم يخرج عن الواقع.. فالواقع أن إسرائيل تربح، والعرب خاسرون.. وللعلم فإن اليهود هؤلاء هم عرب قدموا إلينا من الجزيرة العربية»، وقد تعايش معهم رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وعقد معهم المعاهدات.. فهل يصعب علينا نحن أن نتعايش معهم؟! والأمر لا يتوقف على ذلك، فأنا أقترح أن نسير مع إسرائيل في طريق السلام، وأراهن أنك ستسمع أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ تتردد في جنبات شوارعها بعد وقت ليس بالطويل، وستجد ان الفول المصري قد أصبح وجبة أساسية عند شعبها، فنحن شعوب نؤثر ولا نتأثر، يتعلم منا الآخرون ولا نتعلم، فالاحتلال الإنكليزي دام في مصر سبعين عاماً وخرج الإنكليز يتحدثون العربية، ولم ينطق المصري بالإنكليزية، وغزت فرنسا مصر واستمر فيها أعواماً ولم يتعلم المصريون الفرنسية، وكذلك الأتراك والمماليك، فثق تماماً بأن الشعب الإسرائيلي إذا ما حدث بينه وبين العرب اندماج، فسيتحول إلى شعب عربي. الأمر الثاني الذي أودّ طرحه بصيغة سؤال: هل لو تحررت فلسطين اليوم سيعود إليها الفلسطينيون القاطنون في كندا وأميركا وأوروبا ودول الخليج جميعهم؟ الإجابة: بالقطع ستكون لا.. فمن يرجع إلى وطن نصيبه من الدخل القومي «صفر»، فلا زراعة ولا سياحة ولا اقتصاد. والفلسطينيون المقيمون في الخارج كوّنوا ثروات وجعلوا لأنفسهم في تلك البلدان قواعد، فما الذي سيدفعهم إلى العودة إلى وطن يبدأ من الصفر؟ يجب ألا نخادع أنفسنا، ونعترف بأن إسرائيل قوة ضاربة في المنطقة، فمن لا يعرف أن سيناء قد عادت إلى مصر بدهاء السادات ومكره، وليس بالحرب، لا يصدق أبدأ أن تُهزم إسرائيل التي تملك القنابل النووية من مصر التي كانت وقتها تئن من وطأة الحروب والاستعمار.. لكن نعترف بأن السادات كان يملك العقلية الجبارة.. فقد طرح وقتها على فلسطين حل الدولتين، وقال «سأعطيك كرسي في المحل المغتصَب منك.. وعليك أن تجاهد أنت كي تحصل على الكرسي الثاني.. أليس هذا أفضل من أن تكون خارج المحل وتطالب بالمحل كله؟». يجب أن نعترف بأن إسرائيل هي من تمد بعض الفرقاء الفلسطينيين بالسلاح ليقتل بعضهم بعضا، وهي من تمد سوريا بالسلاح، وهي من تمد المسيحيين في لبنان بالسلاح.. وفي المقابل فإن أغلب الفلسطينيين قد دخلوا لبنان فأفسدوه، ووقفوا إلى جوار صدام عند الغزو، ودخلوا سوريا فخربوها.. فإلى متى هذا الجهل؟ وإلى متى تدوم الحروب وتسيل الدماء؟ وإلى متى تظل فلسطين شمّاعة كل من يأتي إلى سدة الحكم؟ يتناولونها في خطاباتهم الرنانة وعباراتهم المجلجلة.. فإيران تدعي أنها ستحرر فلسطين، وفي الوقت ذاته تحتل الجزر الإماراتية.. فيجب أن يحل السلام.. ويتوقف نزيف الدم. غسان سليمان العتيبي [email protected]