صادفته الاثنين الماضي عند الساعة الثانية ظهرًا، كان يسير على قَارعَة الطريق مجهدًا، شَمس الظهيرة كانت تستمتع بِشِوَاء ملامحه الطيّبة حتى بدا شَاحِبًا قَد جَفّ الريق من شفَتيه، أما رَمْضَاء القَيْلُوْلَة فقد حاولت صَهْرَ قَدميه فلم تجد إلاَّ أطرافهما فظهرا أقْرَبَ إلى السَّمَار!! أوقفت مركبتي -أو راحلتِي- بجواره، ناولته شيئًا من الماء البارد، وبعد أنّ ابتَلّت عروقه بقطرات الماء، وهَدأت نفسه، سألته كم ساعة تعمل متجولاً على قَدميك، أجابني بعد تَنْهِيْدة (8 ساعات) يوميًّا، بادرته وكم راتبك؟! قال بعد موجة من الآهات المكبوتة (250 ريالاً شهريًّا)! كان ذاك (عَامِل نَظافة) في المدينةالمنورة، وتمامًا مثلكم الآن لم أصدق ذلك الرّقم، فكان سؤالي المكرر ذلك اليوم لمجموعة من أولئك المساكين، وكان التأكيد والشهود العدول بأن راتب أحدهم (250 ريالاً)!! أسألكم بالله هل تَغَرّبَ أولئك الغَلابَى، وتركوا الأهل والوَلَد من أجل هذا المبلغ الزهيد؟! وهل يكفي الإنسان كيما يَعِيْش؟! وهل يوازي شيئًا من نَوْعِيّةِ العمل الذي يمارسونه، أو الجهد الذي يبذلونه؟! صدقوني بِهذا الراتب نُجبر أولئك على التّعويض بقيامهم بأعمال غير نظامية، أو كأننا نقول للواحِد منهم: (اسْرق ولا حَرَج)!! ويبقى إذا كان أكثر أصحاب الشركات المشغلة قد فقدوا الضّمير، وتاجروا بأولئك البشر؛ فأين الجهات الحكومية المعنيّة؟ فواجبها أن تتأكد عند التعاقدات وصَرْف المستحقات من أخذ أفراد تلك الفئة الطيبة مستحقاتهم العادلة. وأين لجان حقوق الإنسان من متابعة أحوالهم والدّفاع عنهم؟! فالإنسانية التي تتجاهل قضية عَامِل بسيط لا خير ولا إنسانية فيها!! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (3) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain