بعد 44 يوما من الآن ينتهي العمل بالتدابير المالية المؤقتة المطبقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تتضمن تخفيضات ضريبية كان قد أقرها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، حيث ستدخل حيز التنفيذ خطة تلقائية تتضمن اقتطاعات في النفقات وزيادات ضريبية على جميع الأسر الأمريكية بداية من عام 2013، وهو ما يعرف في الأوساط الاقتصادية بالهاوية المالية. ففي أعقاب فوز الرئيس الأمريكي باراك أوباما بولاية ثانية، سادت حالة من القلق بين أوساط المستثمرين وقطاع الأعمال وسط تكهنات باستمرار الصدام بين الرئيس الديمقراطي أوباما ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وكانت استجابة بورصة "وول ستريت" سريعة لنتيجة الانتخابات حيث هبطت مؤشراتها إلى مستويات قياسية في ظل تكهنات بمشكلات كبرى سيواجهها الاقتصاد الأمريكي حال فشل المفاوضات بين الجانبين. ومما يظهر مدى القلق والخوف لدى قطاع الأعمال والمستثمرين وكافة فئات المجتمع الأمريكي، فقد نشرت أغلب المواقع الاقتصادية الأمريكية لوحة بالعد التنازلي بالأيام والدقائق والثواني المتبقية لإنتهاء التدابير المالية المطبقة الحالية قبل السقوط في الهاوية المالية. وتعد الهاوية المالية الأمريكية أزمة اقتصادية خانقة جديدة، لكونها تعكس واقع التباين الكبير بين النمو الحقيقي للاقتصاد والبذخ المالي الذي ساهم في تراكم الديون التي تجاوزت أضعاف النمو، كما أن العجز التجاري الخارجي المزمن الذي تواجهه أمريكا اليوم يتفاقم مع فشل اقتصادها في تحقيق نمو داخلي حقيقي. وأدرك أوباما وزعماء الكونجرس خطور هذه الأزمة، وتم عقد اجتماع بين الطرفين أمس للعمل من أجل تفادي زيادات الضرائب وتخفيضات الإنفاق، حيث قال أوباما خلال الاجتماع "أعتقد أننا جميعا ندرك أن لدينا مهمة عاجلة يتعين إنجازها". واتفق الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع قادة مجلسي الكونجرس على ضرورة القيام بكل ما هو ممكن للتوصل إلى حل يجنب الولاياتالمتحدة "الهاوية المالية"، والعمل من أجل إيجاد نهج متوازن لخفض العجز، وتعزيز النمو الاقتصادي، وزيادة فرض العمل على المدى الطويل. وقد شارك في هذه المفاوضات كل من رئيس الأغلبية في مجلس النواب الجمهوري جون بينر، ورئيسة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، ورئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد. وفي استجابة سريعة لبدء المفاوضات بين البيت الأبيض والكونجرس، والتي وصفها بعض الخبراء بأنها "بناءة"، فقد ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي، الذي يقيس أداء أكبر 30 شركة صناعية، في نهاية تعاملات أمس الجمعة بنسبة 0.4% بما يعادل 45.93نقطة مسجلا مستوى 122588.31نقطة، ولكنه يظل متراجعا على مدى الأسبوع بأكمله بنسبة 1.8%. كما زاد مؤشر "ستاندر آند بورز 500" الأوسع نطاقا، الذي يقيس أداء 500 شركة، بمقدار 55ر6 نقطة بما نسبته 0.5% مسجلا 88ر1359 نقطة، في حين أنهى الأسبوع بخسائر نسبته 1.5%. وارتفع مؤشر "ناسداك" المركب، الذي يرصد أداء شركات التكنولوجيا، بما نسبته 0.6% ما يعادل 16.19 نقطة ليبلغ 2853.13نقطة، فيما بلغت خسائره الأسبوعية 1.8%، وإذا فشل أوباما والكونجرس في العمل سويا وارتفعت الضرائب وسرت تخفيضات الإنفاق، فإن ذلك يمكن أن يغرق الاقتصاد الأمريكي في ركود آخر، في الوقت الذي يتعافي فيه الاقتصاد الأمريكي، وهو الأكبر على مستوى العالم، بشكل بطيء من أسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن الماضي. وتظل الأسواق المالية الأمريكية والعالمية مترقبة لنتائج المفاوضات بين البيت الأبيض والكونجرس، في حين يميل أغلب الخبراء إلى الاعتقاد بأن سقوط الولاياتالمتحدة في الهاوية المالية لا مفر منه. أ ش أ