يُعاني الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية انتشار ظاهرة الدجل والشعوذة، التي بلغت حداً لا يمكن السكوت عليه، وقد كشفت إحدى الدراسات الصادرة عن مركز البحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة عن أن العرب ينفقون ما يقرب من 10 مليارات دولار سنوياً على الدجالين، حيث ينفق هذا المبلغ على 300 ألف دجال ينتشرون في عالمنا العربي موضحة أن 50 في المئة من نساء العرب يؤمنّ بالدجل وقدرة المشعوذين على حل المشكلات. (القاهرة) - السحر حقيقة قائمة، لكنه لا يؤثر بذاته، وله آثار تقع بقدرة الله تعالى وإذنه ومشيئته، هذا ما أكده علماء الأزهر في إشارتهم إلى أنه من الكبائر والموبقات المهلكات التي تهلك صاحبها وتودي به إلى الهاوية والسحر حرام بإجماع علماء المسلمين، ويحرم كذلك تعلمه وتعليمه، وأما الساحر الذي يباشر السحر بنفسه فكافر، ويقام عليه حد القتل من قبل ولي الأمر، ما لم يتب، فيجب على كل مسلم أن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر من سؤال أهلها أو تصديقهم، طاعة لله ولرسوله، وحفاظاً على دينه وعقيدته. وحول حقيقة السحر، أوضح الرئيس العام للجمعيات الشرعية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الدكتور محمد المختار المهدي، أنه لا يؤثر بذاته لقول الله تعالي «وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله»، والساحر عادة ما يكون قد أوغل في الكفر قبل أن يتمكن من السحر، لأن الساحر لا يكون ساحراً إلا بتسخير الشياطين المردة الذين لا يتعاونون إلا مع أشياعهم من الكفرة، والمؤمن الذي هو على صلة بربه لا يخشى السحر ولا الشياطين، ومن أصيب بحق بداء السحر فعليه الذهاب إلى من يقوم برقيته رقية شرعية، وأنا لا أتفق مع مصطلح علاج السحر بالقرآن، ولكن نقول بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة بشرط أن تكون بعيدة عن الأجر قليلاً كان أو كثيراً، فالتجارة في هذا الأمر تعد مكاسبها سحتاً وحراماً. الرقية الشرعية وحول ما ورد في السنة، أوضح الدكتور المختار المهدي أن الرقية الشرعية تعتمد على عنصرين، الأول تقوى الراقي وقربه من الله، والثاني استعمال المأثور في هذه الرقية، والمأثور في ذلك هو الفاتحة، وأوائل سورة البقرة، وآية الكرسي، وآخر سورة البقرة، والمعوذتان، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم»، وقوله أيضاً: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق»، بالإضافة إلى قوله: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة»، وقد وردت أحاديث صحيحة تفيد أن من يداوم على هذه الأذكار يحميه الله من الشيطان ومن السحر ومن كل ما يؤذيه، وإذا أصيب المرء بشيء من ذلك فله أن يستعين بالأتقى والأقرب إلى الله عز وجل من منطلق قوله تعالي: (إنما يتقبل الله من المتقين)، ومن علامات هذه التقوي أن لا يأخذ المعالج - الراقي - أجراً على رقيته حتى لا تكون وسيلة للاسترزاق، ثم إن على طالب الرقية أن يسد الثغرات التي دخل منها الشيطان كالتقصير في حق الله أو ارتكاب المعاصي. وبالنسبة لدوافع الشعوذة بين الناس، أضاف: أسباب رواج الدجل والشعوذة والسحر في مجتمعاتنا تكمن في أن بعض بيوت المسلمين أصبحت مرتعا للشياطين، حيث يقل فيها ذكر الله، وتقل فيها قراءة كتاب الله، والمواظبة على الأوراد والأدعية الشرعية التي لا تستقر معها الشياطين، وفي مقابل ذلك تجد هذه البيوت مليئة بأنواع المنكرات المرئي منها والمسموع، وهذه البيوت الخربة تصبح مأوى للشياطين التي تصطاد أهلها وتصيبهم بالأدواء، فلا يجدون في ظنهم سبيلاً للخلاص إلا عن طريق السحر والشعوذة، وهكذا يسري الداء، وكلما ابتعد الناس عن الله ومنهجه عظمت حيرتهم وكثر بلاؤهم، ومن ثم، فإن الحل من وجهة نظري هو عودة الناس للطريق المستقيم ونشر الثقافة الدينية الصحية بحيث يعلم كل من يتعرض لمشكلة طبية أن علاجه عند الطبيب وليس عند الدجال. ... المزيد