نظراً لاتصال برشلونة السلمي والحربي بتاريخ المسلمين في الأندلس، فإن متاحف برشلونة المختلفة تمتلك المئات من القطع الفنية سواء التي أنتجت في ظل الحكم الإسلامي، أو التي تمت صناعتها من قبل المدجنين أو المسلمين الذين أجبروا على إخفاء إسلامهم بعد سقوط المدن الإسلامية بأيدي ملوك النصارى. ومن بين تلك المقتنيات الموزعة على متاحف برشلونة قطع خزف ومنسوجات تظهر براعة المسلمين في العصر الأندلسي، وتخلد تقدمهم في العلوم والصناعة آنذاك. (القاهرة) - من أقدم المتاحف بمدينة برشلونة ذلك المتحف، الذي تمتلكه أسقفية فيك إذ تعود الجهود الأولى لإنشائه إلى عام 1891م، عندما افتتح المطران جوزيف مجموعة العرض الأولى لمتحف الأسقفية وذلك تحت تأثير معرض استعادة القطع الفنية الأثرية الكتالونية عام 1868م ثم اكتشاف معبد روماني قديم في عام 1882م وإنشاء جمعية الآثار في فيك وبين عامي 1932 و1978م تم العمل بنشاط لتوسيع مقتنيات المتحف برعاية من رجال الدين والمثقفين ببرشلونة. وفي عام 1995 وباتفاق بين الأسقفية ومجلس مدينة فيك ومقاطعة كتالونيا تقرر إنشاء مبنى جديد للمتحف، وتم افتتاح المتحف الجديد للجمهور في 18 مايو 2008م. مقتنيات ثمينة يقتني متحف أسقفية فيك بعض منتجات الفن الإسلامي التي كانت ضمن كنوز الكنائس، لا سيما من الخزف والمنسوجات والعاج ومن بين تلك المقتنيات قطعة من نسيج الحرير الذي تنوعت مراكز إنتاجه في المدن الأندلسية، وهي قطعة كبيرة يصل طولها إلى 232 سم وعرضها 101 سم، وتمتاز بأرضيتها ذات اللون الأحمر الأرجواني الذي طالما اعتبر في أوروبا إبان عصورها الوسطى لوناً ملكياً خاصاً بالنخب الدينية والأرستقراطية، وقوام الزخرفة المنسوجة بخيوط سوداء وبيضاء ثلاثة أشرطة العلوي والسفلي منهما مكرران، وقوام الزخرفة فيهما رسوم طيور متقابلة يفصل بين كل زوجين منها زخرفة نباتية، وتمتاز هيئة الطيور بسيقان وأعناق طويلة حتى إن البعض يشبهها بالديك التركي «الرومي». أما الشريط الزخرفي الأوسط، وهو أكثر الأشرطة اتساعا فقوام زخرفته رسوم عقود مكررة بداخل كل منها رسم تجريدي لأسد له جناحان وأقدام مزدوجة، وبأعلى كل عقد رسم لطائرين متقابلين يشبهان طائر أبو قردان، واللافت أن النساج جعل العقود على هيئة جسم ثعبان تتخلله رؤوس وحوش متقابلة. وتعود تلك القطعة من النسيج الحريري للقرن الخامس الهجري «11م»، أي لفترة حكم ملوك الطوائف قبيل وصول المرابطين للأندلس. ولا يخالجنا الشك في أن تلك القطعة الرائعة الزخرف والنسج كانت بحوزة أحد كرادلة الكنيسة في برشلونة إذ تعكس بوضوح ما يمكن أن نعتبره تصورا لكرسي العرش، الذي كان يتخذ هيئة حيوانية في العديد من الكنائس وقصور النبلاء، وتعتبر من المقتنيات النادرة والثمينة في متحف أسقفية فيك ببرشلونة. ... المزيد