الرئيس الزُبيدي يناقش مع فاجن إنجازات لجنة الإيرادات السيادية    سريع يعلن استهداف مطارين وهدف حساس في فلسطين المحتلة    الإعلام العبري يتشح بالسَّواد بعد مقتل 7 صهاينة في القدس    سياسي انصار الله يبارك عملية القدس    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 من جنوده شمالي غزة    أمن الضالع يكشف عن 11 جريمة مجهولة    اليمن يودع "سفير الأغنية المهرية" محمد مشعجل    الستر.. أعظم درس في التربية    برعاية وزير الزراعة والري والثروة السمكية كاك بنك يدشن خطتة الاستراتيجسة الخمسية 2029/2025.    رئيس انتقالي لحج يطلع على الأوضاع الاقتصادية والعسكرية في مديرية يافع الحد    تعز.. وكلاء تجاريون في "الحوبان" يهددون بمقاضاة مجموعة هائل سعيد بسبب خسائر بمليارات الريالات    اللجنة الاستشارية تناقش مشروع اللائحة التنظيمية للإطار الاستراتيجي للحماية الإجتماعية    وزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية يرفضون تصريحات الاحتلال بشأن تهجير الفلسطينيين    الهبوط الوهمي: ما الذي حدث؟ ولصالح من يحدث؟    تهديدات تطال الصحافي بكران بسبب مواقفه من أتباع بن حبريش    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير العمل في مشروع إعادة تأهيل ملعب نادي الصمود بالضالع    النائب العام يوجه نيابة استئناف الأموال العامة بحضرموت بالتحقيق في بلاغ منع مرور المحروقات    تشييع جثمان الشهيد المقدم لطف الغرسي في صنعاء    الوزير البكري يعزي في وفاة أمين عام ألعاب القوى عبيد عليان    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي لشؤون المنسقيات يطلع على احتياجات جامعة أبين    محافظ حضرموت يناقش مع وفد صندوق السكان التعاون الثنائي    خبير مالي يوضح حول اسباب شح السيولة من العملة الوطنية بعد الاجراءات الأخيرة للبنك المركزي بعدن    الراعي يجدد التأكيد على ثبات الموقف اليمني المساند لغزة    الأرصاد يتوقع أمطاراً رعدية على عدد من المحافظات    بهدفي البرواني وجراش على عُمان.. المنتخب اليمني للشباب يضرب موعداً في النهائي لملاقاة السعودية الخميس القادم في كأس الخليج العربي    الإسباني كارلوس ألكاراز يحرز بطولة أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    طفل يقود مركبة يدهس طفة في مارب    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    اعتراف مثير من مبابي بشأن باريس    الذهب يستقرقرب أعلى مستوى قياسي    اكتشاف عجائب أثرية في تركيا    ب52 هدفا.. ديباي الهداف التاريخي لمنتخب هولندا    إسرائيل تكشف بنود مقترح امريكي لصفقة تبادل أسرى في غزة وحماس ترحب    ناشطة تحذر من توسع ظاهرة اختطاف الأطفال وتدعو الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    عدن .. قضاة وموظفون يرفعون الإضراب ويعلنون عن اتفاق يعالج مطالبهم    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    مرض الفشل الكلوي (20)    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حاويات خالية».. تدمير وإعادة بناء
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 07 - 2012

على الرغم من كون مجموع أعمال معرض الفنان الفلسطيني شادي حبيب الله لا يتجاوز الخمسة، إلا أنه جمع في هذه الأعمال ثلاثة أنواع من الفنون، مقدماً رؤيته للمادة من خلال الرسم والفن التركيبي والفيديو آرت. ويظهر المعرض الذي افتتح أخيراً في «غرين آرت غاليري» في دبي، تحت عنوان «حاويات خالية» شغف الفنان بالفكرة وتجليها من خلال الوسائل المتباينة عبر تتابعها واستكمالها من خلال كل عمل موجود في المعرض، هذا النمط أبرز نزوع الفنان إلى التدمير وإعادة البناء، إذ إن المادة لا تعنيه كثيراً، فاهتمامه الأساسي يتوجه إلى البنية والفكرة، لذا نجده يبحث عن القيمة الحقيقية للمادة، وعن كيفية إظهار الفكرة ضمن الخط الفاصل بين الواقعية والخيال.
حادثة
سيرة لونية
ولد الفنان الفلسطيني شادي حبيب الله في القدس عام ‬1977، وقد تخرج بعد دراسته الفنون في عام ‬2003 ضمن الاراضي المحتلة، ليعود ويتابع دراسته في كولومبيا ويكمل الدراسات العليا عام ‬2010. وقد رشح لنيل جائزة لوما، فيما منح في عام ‬2012 جائزة «لويس كومفورت تيفاني». عرضت أعماله في بينالي فينيسيا، وبينالي رواق، ورام الله، ولندن. أما أعماله التي قدمها في عام ‬2013، فمنها «البحيرات المتجمدة»، ومعرضه الذي قدم في نيو يورك بعنوان «إمبراطورية الولايات». يذكر أن الفنان يقيم حالياً في الولايات المتحدة الأميركية.
تتمحور فكرة المعرض الذي يستمر حتى الخامس من مايو حول حادثة واجهها الفنان في أثناء سفره من فلسطين إلى نيويورك عام ‬2009، إذ كان يحمل معه عملاً فنياً نفذه في فلسطين، وهي منحوتة تتدلى منها ساق، وقد تم توقيف الفنان في مطار بن غوريون في تل أبيب للتحقيق معه حول هذه الساق ومعناها، إلا أنه بعد التحقيق معه، إذ كان قد فصل عن عمله، تم تجريد الساق من مفهومها الفني وبعدها الإبداعي وحُطمت. هذه الحادثة استوقفت الفنان، وشكلت محطة مهمة في حياته، جعلته يبني من خلالها معرضاً يبرز جانباً من المعاناة التي ترافق الفنان الفلسطيني، الذي تبقى تجربته الفنية محكومة بالظروف الحياتية التي فرضت عليه من جهة، إلى جانب التفاته إلى أهمية تركيب المشاهد الحياتية في بناء فني متكامل من جهة أخرى.
ثلاث رسوم كبيرة مستوحاة من أسلوب الرسم الذي يعتمد في غرف التحقيق، أي على طريقة «السكيتش» الذي يرسمه المحقق للمشتبه فيهم، قدم من خلالها حبيب الله غرف التحقيق والمكان الذي كسر فيه عمله الفني، بالأبيض والأسود، علماً أنه لم يعرف أشكال الغرف التي دمر فيها العمل. هذه الغرف التي شهدت تدمير العمل كانت محط اهتمام حبيب الله، لذا سأل أحد حراس الأمن العاملين عند أحد البنوك الموجودة في المطار التسلل إلى تلك الغرفة ونقل تفاصيلها إليه، لأنه لم يحظ بفرصة رؤيتها، وقد تمكن الحارس من فعل ذلك بعد شهور من الحادثة. يقوم التصوير الذي يقدمه حبيب الله لهذه الغرفة على وصف فردي، لذا نجده اهتم بنقل محتوياتها الكبيرة وتفاصيلها المتعلقة بالمساحة، والأغراض التي توجد داخلها. أظهر حبيب الله هذه الغرف ببرودتها وقسوتها، فهي شبه خالية، تحتوي على كرسي وطاولة، وبعض المستلزمات البسيطة، كالغاز وعلّاقات الملابس. هذا المكان المغلق الذي يتسم بالبرودة ليس مكتظاً بالأثاث، لكنه يبدو مكتظاً بالأحداث التي شهدها، ومملوءاً بذكريات قاسية على الأشخاص الذين مروا فيه، والتي معظمها يحمل الألم لأصحابها. هذا العمل الذي ينطلق فيه الفنان من حادثة فردية وألم ذاتي، يضعنا أمام أهمية الأماكن وما تجسده للناس، حتى وإن كانت فارغة، فاللحظات التي تتشكل فيها من شأنها أن تعيد بناء وصياغة مفاهيم جديدة تمثل جزءاً من حياة الإنسان.
تركيب
تترابط الأعمال الموجودة في المعرض وتتشابك في مساحة معقدة، لتوثق هذه الحادثة التي واجهها الفنان، وبينما اعتمد من خلال الرسومات على الوصف الذي قدمه الحارس للفنان، لتصوير غرفة التحقيق التي دمر فيها العمل، ان الفيديو الذي قدمه حبيب الله، قدم الحوار الذي دار بينه وبين المحقق، وقد صور الفنان نجمتين معلقتين بخيوط، يدفعهما الهواء إلى الالتصاق، وقد كتب الحوار الذي دار بينه وبين المحقق في أسفل الفيديو الذي كان يعرض. وينقلنا الفنان عبر هذا العمل من التصوير إلى السرد، فبعد أن اعتمد على التصوير التجريدي القائم على التحليل ومنح العمل من الذات والمخيلة، قدم من خلال الفيديو الذكرى بواقعيتها الحقيقية الأليمة، ليشكل توثيقاً للواقعة.
أما العمل التركيبي فبناه الفنان من مجموعة من المناديل الورقية التي جمعت على شكل حاوية نفايات إلى جانب الأكياس البلاستيكية التي غالباً ما تستخدم في السفر لتنظيم الأغراض ضمن الحقيبة. يبني حبيب الله من خلال هذا العمل علاقة الكائن بذاته، وكيف يمكن أن تكون هذه الذات معقدة من الداخل أو على العكس شديدة التنظيم من خلال كل ما تحتويه، بينما يمثل فتحها عملية تكشف حقيقية للمرء أمام نفسه، إن لم تكن أمام الآخرين أيضاً. أما المعنى المجرد للأكياس فيدلل من جديد على أهمية البنية للفنان، فهذه الأكياس تتشكل من خلال أشكال ما تحتويه، تماماً كالذات الإنسانية التي تنبني من جراء كل ما يوضع داخلها، سواء وضع ذاتياً أو بتدخل من المحيط الخارجي. أما الرسائل التي كانت مكتوبة على الأكياس، وهي «شكراً وأتمنى لك نهاراً سعيداً»، فهي تمثل الجانب الإيجابي من الرؤية للمستقبل والحياة. كل هذه الأعمال على تباين أدواتها تفضي في الختام الى إظهار نزعة مهمة لدى حبيب الله، تتلخص في كيفية تعاطي الفنان مع الواقعة نفسها بأكثر من أسلوب، وعبر تعدد المواد، وكيفية إقامة الفنان للخيط الفاصل بين الواقعية والخيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.