كان المشهد أسطوريا، أمس الأول، في أكاديمية الشرطة والقضاء يعيد محاكمة الرئيس السابق لمصر (حسني مبارك)، فالمتهم بدا مختلفا عن المحاكمة السابقة، بلا جلطات ولا أزمات صحية، وكان يلوح بيديه لجماهير غائبة.فيما القضاء المصري الذي ما زال صامدا إلى حد ما هرب سريعا من هذا المشهد الأسطوري، إذ أعلن قاضي الجلسة المستشار مصطفى حسن عبدالله انسحابه من القضية استشعارا للحرج، وأحال القضية الأسطورية إلى محكمة استئناف القاهرة.في الطرف الآخر من المشهد الأسطوري، كان الرئيس الحالي (محمد مرسي) يحاول التفاوض مع (الجيش)، وإن قيل إنه لقاء الرئيس بوزير الدفاع وقادة الجيش.هذا المشهد الأسطوري سبقه معركة (الكتدرائية) المرقسية في القاهرة، حين اشتبك الشعب المصري مع الشعب المصري، كمقدمة على نضوج الثمرة في مصر.يقول العرافون: مصر جاهزة لخوض ثلاث حروب أهلية (عقائدية اقتصادية مذهبية)، وهذا ليس دقيقا، فهي ثلاث حروب (اقتصادية أمنية) بغطاء ديني.يقولون أيضا: إن الغرب وأمريكا تحديدا هي من تريد تقسيم مصر، وأن العرب يواجهون مؤامرة (أمريصهيونية)، وهذه حيلة لتبرئة الذات مما فعلته بنفسها.في التسعينيات، حين بدأت يوغسلافيا تتقسم بسبب أطماع سياسييها، لم تدخل العقيدة في الحرب، إذ أن كرواتيا أرادت أن تتمزق من يوغسلافيا عام 1991م، ثم لحقتها حرب (البوسنة والهرسك) في مارس 1992م، وأدخل الدين بالمعركة، مع أن القضية ثأر قديم بدأ عام 1324م، مذ كان الجيش التركي يمر على يوغسلافيا لأخذ الأطفال لصناعة (الجيش الإنكشاري أو الجديد).في ذاك الوقت، وبسبب أطماع سياسيي يوغسلافيا، وضعوا الشعب اليوغسلافي بأكمله أمام مأزق أخلاقي بعد أن فرغت (المواطنة) من قيمتها، ولم تعد تعني شيئا، أو لم تعد تحقق شيئا، فكان البديل القبيلة/ العرق أو الدين، وأصبح الغالبية يعودون لجذورهم العرقية والدينية، ولم يعد أحد قادرا على تحديد الصواب والخطأ؛ لأنه لا يمكن لك أن تكون ضد أسرتك والحرب مشتعلة، وكان عليك أن تقف مع أسرتك وتدافع عنها؛ لأن السياسيين وضعوك أمام مأزق أخلاقي.فهل يحدث لمصر ما حدث ليوغسلافيا، فيضع السياسيون الشعب المصري أمام مأزق أخلاقي بعد أن تفرغ (المواطنة) من قيمتها، فيعود المواطن المصري لجذوره ليحمي أسرته وتحميه؟[email protected]للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة