ثلاث جمل قصيرة قالها الرئيس المصري محمد مرسي خلال الأيام الماضية في مناسبات مختلفة. الأولى كانت تأكيده بانفعال أنه سيقطع أي أصبع تتدخل في مصر، والثانية عندما قال إنه سيدعو المصرييين إلى ثورة أخرى إذا لزم الأمر، والثالثة جاءت على خلفية أحداث الكاتدرائية القبطية مؤخرا حين صرح بأن أي هجوم على الكنيسة يمثل اعتداء شخصيا عليه. وبعيدا عن التناول العابر أو الساخر أو السطحي لتلك العبارات فإنها تكاد تمثل شواهد ودلالات على نوعية فكر الخطاب السياسي للإخوان الذي نتج عنه أسلوب في الطرح يضيف مزيدا من التعقيد على الأزمة التي تعيشها مصر في حين يعتقد أصحابه أنه يعبر عن الكيفية الصحيحة للتعامل معها. لقد ظلت الجماعة محظورة غير مسموح لها بالعمل الوطني العلني من خلال المشاركة السياسية كحزب ضمن الأطر الديموقراطية، وتمكنت من البقاء والاستمرار رغم كل ما واجهته من متاعب، لكنه بقاء كفكر وطموح إلى السلطة فقط دون اكتساب مهارة وأدوات العمل السياسي التطبيقي، فكيف وإذا بالزمن يفاجئها ليس بفرصة المشاركة بل بتولي سدة الحكم في ظروف استثنائية أفرزتها حالة ثورية ضد دكتاتورية سابقة، ولن تسمح بتكرارها في أي صيغة ولديها حساسية مفرطة من أي قول أو فعل أو مظهر أو ممارسة قد توحي بذلك. ذهول المفاجأة بالفرصة الحلم التي استحالت وبهذه السرعة جعل الجماعة لا ترى إلا نفسها ولا تسمع إلا صوتها وتعيش وسواسا قهريا بأن الكل يتآمر عليها ولذا لا يجب أن يتدخل أحد أو طرف أو حتى يستشار رغم توالي الأزمات وتردي الأوضاع وزيادة الاحتقان، وذلك ما جعل الشك يتجه نحوها ليصبح شكا متبادلا قد يؤدي إلى الانهيار إذا استمر. كان يفترض على الجماعة أن تكون الأكثر إيمانا بضرر المصادرة لأنها ذاقت مرارتها، والأكثر وعيا بضرورة وجود طيف سياسي معها وحولها تستفيد منه في اكتساب المهارات الضرورية لإدارة دولة ومخاطبة شعب والتخاطب مع العالم، لكنها لم تفعل أو لا يبدو أنها جادة في ذلك إلى الآن.حين يقول الرئيس مرسي إنه سيقطع أي أصبع تتدخل في مصر فإن هذا الأسلوب لم يعد صالحا لهذا الزمن ولا مقبولا فيه حتى وإن أريد به التعبير عن الجدية والحزم، وحين يقول إنه سيدعو إلى ثورة أخرى فإنها شهادة ضد الحزب الحاكم وليست ضد الآخرين، أما كون الاعتداء على الكنيسة هو اعتداء شخصي عليه فإنه بذلك يختزل كل مصر في شخصه ويعيدها إلى مرحلة الفرد الكل التي عانى هو خلالها وقامت الثورة ضدها، وكان الأحرى أن يؤكد أنه اعتداء على وحدة مصر وتعايش شعبها ورمزية انتماء كل المصريين إلى وطن واحد. مصر لن تتعافى من متاعبها إلا بمشاركة الكل وإلا فالثورة الثانية قد تحدث دون دعوة من الرئيس[email protected]للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة