يرتبط إنشاء المكتبة الإسلامية «فيليكس ماريا باريخا» عام 1954 بنشاطات المعهد الإسباني-العربي للثقافة (IHAC) الذي كان أحد المؤسسات الرسمية التابعة لوزارة الشؤون الخارجية الإسبانية. وقد شغل منصب أول مدير لها المستعرب الكبير اميليو غارسيا غوميس، وشغل منصب الأمين العام فرانسيسكو اوتراي، وكانا قد اتخذا القرار بإنشاء وتنظيم مكتبة متخصصة ذات هوية محددة جداً، يمكن لها أن توفر الدعم الببليوغرافي للمستعربين الإسبان وللأجانب المتخصصين في مجال البحوث العربية والإسلامية، ووقعت مسؤولية تنظيم المكتبة على عاتق الراهب اليسوعي فيليكس ماريا باريخا، الخبير في الإسلام ودراساته والذي حظي باحترام كبير نظرا إلى معارفه الواسعة في هذا المجال، وكان هو الذي وضع الأسس السليمة لمكتبة يمكن ان تعتبر واحدة من افضل المكتبات العالمية في هذه الاختصاصات. وفي عام 1988 تم تبديل اسم «المعهد الاسباني- العربي للثقافة» ليسمى «معهد التعاون مع العالم العربي»، وتم دمجه في نهاية المطاف في الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي الحالية عملا بالمرسوم الملكي 3424/2000، 15 ديسمبر، والتي تحتفل هذا العام 2013، بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها كوكالة اسبانية رسمية. وكان اختصاص المكتبة الإسلامية قد حُدد منذ البداية من خلال نشاطات واسعة هدفها اقتناء الوثائق والكتب والمؤلفات والبحوث التاريخية لتشكيل قاعدة بيليوغرافية واسعة، مما جعل منها أحد الرموز الهامة في هذه الاختصاصات في العالم. وعلى مر السنين ونظرا للتغييرات التي عرفتها المؤسسة الاسبانية، وكذلك الدراسات والبحوث التي قامت بها المكتبة ذاتها، حول العالم العربي والإسلامي، والتي تجسدت جميعها على شكل مجموعات من مؤلفات واسعة وأرشيف غني جدا بالمعلومات عن العالم العربي في مختلف المجالات، الثقافية والفنية والانسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبموازاة ذلك، تتم المحاولة الدائبة لشراء كل ما ينشر اليوم حول العالم الإسلامي، مما أثار اهتماما متزايدا لا بين المختصين في الدراسات الاسلامية فحسب، بل أيضا بين غيرهم من المهنيين مثل الصحافيين والاقتصاديين وعلماء الاجتماع وعلماء السياسة والسينمائيين، الخ. الوثائق والمؤلفات هناك ثلاثة طرائق أو أنماط للحصول على الوثائق والمؤلفات التي تصل إلى المكتبة الاسلامية: الشراء أو التبادل أو الإهداء، وكان النمط الاول لاقتناء الكتب قد اصبح الاكثر انتشارا بعد عام 1974، أما المقايضة وتبادل الكتب والمؤلفات والمطبوعات فقد كانت الوسائل التي سمحت بجمع واكتساب مطبوعات نادرة من الصعب ايجادها واقتناؤها «غالبا ما تكون مطبوعات محلية مكتوبة باللغة العربية»، كما اتاحت اقامة علاقات ثقافية مع مؤسسات ثقافية في عدة بلدان. في المرحلة الاولى للمكتبة ساهمت الأقسام الثقافية في السفارات الاسبانية في الدول العربية في تقديم تبرعات هامة في مجال المطبوعات، كما تقدمت بتبرعاتها بالوثائق والمطبوعات المنظمات الملكية في كل من المملكة العربية السعودية والاردن. وكانت التبرعات هي العامل الاساسي لاقتناء المؤلفات والمطبوعات منذ نشأة المكتبة وخلال قسط كبير من تاريخها، ولكن في السنوات الاخيرة عرفت التبرعات مستوى عاليا يقدمه العديد من المكتبات الخاصة أو باهداء جزء منها، وها هي أسماء بعض المتبرعين: ماريانو اريباس في 2002، وفرناندو بالديراما في 2004، ومانويلا مارين وخوسيه بيريث لاثارو في 2012، وردولفو خيل غريماو في 2012 2013 وفرناندو دي اغريدا في 2012، ومحمد الجيادي في 2013. خلال العام الماضي 2012 تم تخفيض ميزانية المكتبة إلى ثلث ما كانت تتلقاه المكتبة عام 2005، يخصص نصف المبلغ لتغطية تكاليف الاشتراكات في المجلات، ولذا لم يتجاوز عدد الوثائق والمطبوعات التي حصلت عليها المكتبة في عام 2012 الألف وثيقة اغلبها دراسات احادية المواضيع، وتلقت 320 مطبوعة دورية، وهذه أوجه لا تكفي بالكاد للتعويض عما تسلمته من التبرعات «بالمقارنة مع السنوات السابقة». ومع ذلك يحتوي سجل المكتبة على أكثر من 82.000 وثيقة من مختلف الانواع من بينها العديد من الدراسات ومجموعة مختلطة من المواد، يمكن ان نذكر منها على وجه الخصوص الاحصائيات التالية. - 1360 مجلة دورية وما زالت المكتبة تتلقى منها نحو 200 مجلة. - 11200 ارشيفا من السجلات التحليلية، أي تصنيف وتفريغ محتويات المجلات والكتب ذات التأليف المشترك والجماعي «وكثيرا ما توفر هذه الكتب معلومات محددة ورشيقة وديناميكية نظرا إلى ايجازها وإلى سهولة جمعها وتقديمها لوجهات نظر مختلفة. - 260 خريطة و900 وثيقة بيانية «صور ولوحات وبطاقات بريدية» تنتسب معظمها إلى تراث الدبلوماسي فرناندو بالديراما. - 60 من المجلدات المتنوعة المواضيع، ومصدرها التراث الذي تبرع به بالديراما. - 4400 وثيقة من الارشيف العام الذي تبرع به ماريانو اريباس، وضع الاسماء بالاسبانية. - 400 من الملفات السمعية البصرية «اشرطة الفيديو، والاقراص «السيديات» المدمجة السمعية، الخ. ولابد من الاشارة إلى المجموعات القديمة المحفوظة في ارشيف المكتبة الاسلامية، لا سيما جميع تلك الوثائق والمؤلفات الموجودة في المكتبة «ما قبل عام 1900» مع اكثر من 1336 مجلدا في عدة لغات، وهناك كذلك 15 محفوظة. هذه المجموعة عرفت ازديادا مطردا من خلال المشتريات التي تمت في عمليات المزاد العلمي أو فهرس المكتبات الاثرية، ومن المنطقي ان يكون من بين المشاريع ذات الاولوية في المكتبة توفير وتسخير المناهج التكنولوجية والمعلوماتية في خدمة الزوار والباحثين للاطلاع على الوثائق والمؤلفات. خدمات مكتبية وتبرز أيضا الخدمات المكتبية التي تسخرها المكتبة الاسلامية التابعة للوكالة الاسبانية للتعاون الدولي من اجل التنمية (AECID) لمستخدميها والجهود التي تبذلها في اتاحة المجال للوصول الى الوثائق التي يحتاج الزوار والباحثين للاطلاع عليها واستشارتها. تتلخص هذه الخدمات على النحو التالي: معلومات ببليوغرافية يمكن الحصول عليها بشكل شخصي أو عن طريق شبكة النت، وتتجسد هذه بشكل اساسي في عدة وسائل، إذ تنشر المكتبة الاسلامية منذ عام 1985 مجلة «كراسات المكتبة الاسلامية» التي تشتمل على الوثائق والمؤلفات الحديثة الاقتناء والكتب المختصة في مواضيع معينة، وتشتمل ايضا على «الفهرس الاسباني» للمنشورات الببليوغرافية العربية والاسلامية أو الذي يصدر سنويا في الوقت الحاضر، ويمكن استشارة هذه المنشورات جزئيا عبر شبكة النت. وقد تم في عام 2012 نشر الارشيف الكامل لمرحلة الحماية الإسبانية في المغرب. وبالامكان استشارة فهرس ثيسني (Cisne) بعدة لغات، اذ إنه يحتوي على ارشيف ووثائق المكتبة الاسلامية وذلك من خلال صفحة الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي http://www.aecid.es/es/servicios/bibliottecas/catalogos معارض ومستجدات ومن ضمن نشاطات المكتبة تنظيم المعارض الموضوعية والمستجدات، ولا تكتفي بالمعارض الثابتة والدائمة في مقرها، بل أرفقتها في أواخر العام المنصرم 2012، بمعرض خاص حول ما تقتنيه المكتبة من وثائق ومعلومات حول الحماية الاسبانية في المغرب، وهناك معرض يتم التحضير له في هذا العام حول العلاقات الدبلوماسية بين اسبانيا والجزائر بمناسبة مرور خمسين عاما على قيامها، وهناك مشروع معرض آخر بمناسبة الذكرى الالفية على تأسيس مملكة غرناطة. وهناك في المكتبة الاسلامية صالة القراءة، التي يمكن فيها استشارة الوثائق والمؤلفات المرجعية ومجموعة المجلات الموجودة فيها، والتي تعتبر واحدة من اهم المجموعات التي يمكن للباحثين استشارتها من حيث العدد والنوعية. يمكن استعارة الكتب بعد الحصول على البطاقة اللازمة، وكذلك الاقتراض والتبادل بين المكتبات مما يسهل الوصول الى الوثائق المتخصصة في المكتبات الاخرى الاكاديمية الجامعية والمختصة بالبحوث. وهناك أيضا خدمة الاستنساخ التصوير أو المسح الضوئي للمستندات. وتحتوي المكتبة قسما مختصا بتبادل المنشورات، ومن خلاله يتم الحصول على وثائق ومؤلفات هامة وتلك المجلات الهامة التي تصدر عن مؤسسات متخصصة في الدراسات المعاصرة حول العالم العربي والاسلامي، ويتم هذا التبادل بالتعاون مع البيت العربي (Casa Arabe) مثل مجلة اوراق ومحتوياتها من المواضيع التحليلية حول الفكر العربي والاسلامي المعاصر، كما تحصل المكتبة الاسلامية على وثائق هامة من خلال تبادل المواد المكررة مع المكتبات الوطنية والاجنبية. وتستقبل المكتبة زيارات منظمة للافراد والجماعات بمناسبات مختلفة مثل يوم الكتاب أو يوم المكتبة أو بمناسبة المعارض التي تنظمها. وأخيراً يمكن استشارة جميع هذه الخدمات الموجودة في «وثيقة خدمات المكتبة الإسلامية».