فعالية باليوم العالمي للطيران المدني بصنعاء    استمرار الصقيع ..درجة تحت الصفر في المرتفعات    محمد صلاح : سأودع جماهير ليفربول الاسبوع المقبل    محافظو عدن والمهرة ولحج: ما يدور في الجنوب حرب نفوذ بين السعودي والإماراتي    السعودية تبدأ عملية إجلاء قواتها من عدن    ضباط حضارم يحمون الشركات النفطية ومرافقها    النهدي يطل من شاشة «المهريّة» مهددًا حضرموت بالتفجيرات والاغتيالات    حضرموت تعيد رسم المشهد    فريق وزارة الداخلية يتوج ببطولة الوزارات والمؤسسات للكرة الطائرة والمالية وصيفاً    مصرع 23 شخصًا بحريق في ملهى ليلي جنوبي غرب الهند    أمن الحديدة ينفي شائعات اقتحام منازل في الدريهمي    السودان.. مقتل 50 شخصا في هجوم بطائرة مسيرة على روضة أطفال    سقوط أرسنال وفوز السيتي وتعادل تشلسي وليفربول بالبريميرليغ    نواميس النمل    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    مانديلا يصرخ باليمنيين من قبره: هذا هو الطريق أيها التائهون!    حاشد المقاوم الجسور والصلب الذي لا يتزحزح    الفريق السامعي يوجه دعوة لعقلاء اليمن في الشمال والجنوب    أثناء خروجهن من المدرسة.. وفاة فتاتين وإصابة ثالثة عقب سقوط مواد بناء في إب    صنعاء : هيئة المواصفات تشارك في معرض "إبداع أسري للاكتفاء الذاتي"    بعد طرد باريرا بسبب دعمها فلسطين: قاطعوا Scream 7    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 70,354 شهيدا و171,030 مصابا    عدن.. مصلحة خفر السواحل توضح حول الحادث الذي تعرضت له سفينة تجارية قرب باب المندب    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفير الصين دعم مسار التنمية    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    أزمة غاز تخنق عدن ولحج.. محطات تغلق أبوابها وطوابير السيارات تمتد بلا نهاية    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    رئيس انتقالي لحج الحالمي يهنئ الدكتور صلاح شائف بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف    خطوة في الفراغ    الأرصاد يحذر من الصقيع في المرتفعات وينبّه من اضطراب البحر في باب المندب    تعز.. انفجار عنيف في مدينة التربة    انخفاض التضخم في كولومبيا خلال نوفمبر بفضل تراجع أسعار الغذاء    قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    الوفد السعودي يجدد رفض ما حدث في حضرموت ويشدد على ضرورة مغادرة القوات الوافدة    حفر بئر وسط مدينة تعز يثير حالة من الاستغراب وناشطون يطالبون مؤسسة المياه بالشفافية    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    بين الغياب والحنين.. قراءة في ديوان (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    دعوة للتركيز على المستقبل    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفالية توماس جفرسون «أبي الفكر الليبرالي» الأميركي

احتفالية توماس جفرسون «أبي الفكر الليبرالي» الأميركي
واشنطن: محمد علي صالح
تحتفل أميركا بمرور 270 سنة على ميلاد أبو الفكر الليبرالي توماس جفرسون. الاحتفالية تتجاوز الشكليات لتعيد الأميركيين إلى فكر الرجل ومواقفه، ومراجعة أين أصاب وأخطأ، وكيف عاش الرجل تناقضاته بين حلم بالحرية وامتلاكه لعشرات العبيد السود الذين رفض عتقهم. من هو جفرسون؟ وماذا بقي منه في أميركا الوقت الراهن؟
بدأت الولايات المتحدة استعداداتها للاحتفال بمرور 270 سنة على ميلاد توماس جفرسون، أبي الفكر الليبرالي الأميركي. وليس غريبا انطلاق الاحتفالات من جامعة فرجينيا، لأن جفرسون هو الذي أسسها بعد أن أنهي فترتين رئيسا للولايات المتحدة. وكان ولد في مكان قريب منها، ودفن في نفس المكان. وبالإضافة إلى الجامعة، بنى جفرسون منزلا عملاقا بالقرب منها هو الآن متحف يحكي مختلف جوانب حياته الإيجابية والسلبية. فمن ناحية، كان مزارعا ناجحا، ودبلوماسيا، ومفكرا، وسياسيا، ومخترعا، ومن ناحية أخرى، كان يملك مئات من الرقيق الزنوج، ولم يخف رغبته في القضاء على الهنود الحمر.
كان جفرسون مزارعا أرستقراطيا في ريف ولاية فرجينيا عندما انضم إلى جورج واشنطن (أول رئيس في وقت لاحق) في الحرب ضد الاستعمار البريطاني. ثم كتب إعلان الاستقلال، ثم صار سفيرا لأميركا في فرنسا، ثم وزيرا للخارجية في إدارة واشنطن، ثم نائبا للرئيس جون أدامز (ثاني رئيس)، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية مرتين.
غير أن الإسهام الفكري الليبرالي لجفرسون هو الذي ميزه عن بقية الرؤساء. وكتب جفرسون نفسه عن التأثيرات الأوروبية عليه ومنها:
أولا: تأثر بالفيلسوف البريطاني جون لوك (ولد قبل مائة سنة تقريبا من ميلاد جفرسون، وتوفى سنة 1704)، والذي يعتبر أبو الفكر الليبرالي الغربي.
ثانيا: تأثر بفلاسفة فرنسيين، مثل فرنسوا فولتير، وجان جاك روسو، اللذين تأثرا بالبريطاني لوك. وكان جفرسون سفيرا لأميركا في فرنسا عندما وقعت الثورة الفرنسية (سنة 1789). وكان فولتير وروسو توفيا قبل الثورة الفرنسية ب11 سنة، وبعد الثورة الأميركية (سنة 1776) بسنتين.
ما أفكار لوك التي أثرت على جفرسون؟
كان لوك أبو الميثاق الاجتماعي. عكس الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (ولد قبل لوك بمائة وخمسين سنة تقريبا) صاحب نظرية «شريعة الغابة». اعترف لوك بأن الإنسان يمكن أن يكون أنانيا وظالما، لكنه يمكن أن يكون، أيضا، عقلانيا ومنطقيا، وأنه، حسب القانون الطبيعي، أفضل للإنسان أن يتعايش مع غيره، لأن سلامته وأمنه في سلامة وأمن غيره. وفي نفس الوقت، يملك الإنسان حق الدفاع عن حياته، وحريته، وممتلكاته.
كان لوك أبو الفردية، وقال إن الشخص يولد من دون أفكار مسبقة، ثم يستعمل ضميره وعقله ليختار بين الصواب والخطأ. يستعمل الضمير في المواضيع الأخلاقية، ويستعمل العقل في المواضيع المنطقية. وسماها «نظرية العقل»، (كان طبيبا)، وقال إنها أساس هوية الإنسان. وبهذا، تمرد لوك على الفكر المسيحي (أيضا، اليهودي والإسلامي) الذي يحسم بأن الله يخلق الإنسان، ثم يخيره بين الصواب والخطأ، ثم يحاسبه.
وكان لوك أبو التسامح، وكتب في كتابه: «خطابات حول التسامح»، أنه سئم الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا، وسئم التفسيرات الدينية المتعارضة. وكتب لوك:
أولا: لا يقدر أي شخص على تفسير الأديان تفسيرات صحيحة. ثانيا: حتى إذا قدر، يجب ألا يفرض تفسيراته على غيره. ثالثا: يسود الاستقرار عندما تتعايش الأديان، وليس عندما يفرض دين نفسه على غيره.
وكان لوك أبو التمرد الأوروبي على التثليث (الله، الابن، الروح القدس). وكتب أنه لا يؤمن بأن المسيح كان جزءا من الله، وكان مع الله قبل ولادته. وعارض التثليث كما جاء في «عقيدة نيسين»، (وضعت العقيدة سنة 325، قبل ثلاثمائة سنة تقريبا من نزول القرآن).
وكان لوك رجلا متناقضا، رغم أفكاره الليبرالية. استثمر في شركات بريطانية لنقل الرقيق الزنوج من أفريقيا إلى أميركا. وسافر إلى أميركا، واشترك في كتابة دستور دولة كارولينا الكبرى، لتأسيس دولة أرستقراطيين يملكون مواطنيهم ويملكون رقيقهم (قبل استقلال أميركا بمائة سنة تقريبا).
في كل النقاط السابقة، تأثر الأميركي جفرسون بالبريطاني لوك، وتفوق عليه بأنه نفذ أفكاره، خاصة عندما كتب إعلان الاستقلال الأميركي. ولاحظ جفرسون أن أساتذته (لوك، روسو، فولتير) لم يعيشوا ليشهدوا أفكارهم وقد تحققت.
تقول الفقرة الأولى في إعلان الاستقلال الأميركي الذي كتبه جفرسون: «خلال التطورات الإنسانية، يصير ضروريا أن يتخلص الشعب (الأميركي) من علاقاته مع الشعب الآخر (البريطاني)، إذا كانت هذه العلاقة تجلب له الظلم. ويصير ضروريا أن يؤسس الشعب (الأميركي) مكانة متساوية لنفسه مع شعوب الأرض، حسب قوانين الطبيعة، وحسب قوانين الله».
وتقول الفقرة الثانية: «نؤمن بأن هذه الحقائق بديهية. وهي أن جميع الناس خلقوا متساوين، وأن خالقهم منحهم حقوقا معينة لا تتجزأ، وأن من بينها: الحياة، الحرية، والسعي نحو السعادة».
وحسب كتاب «إعادة النظر في جفرسون: وقته، ووقتنا»، هذه الفقرة الثانية هي أبلغ ما كتبه إنسان عن حقوق الإنسان.
وهناك الفقرة التي تعكس رأي لوك (أستاذ جفرسون) في «حق الثورة»، الذي لا يقل عن حقوق الحياة والحرية والسعادة. وهو أن الإنسان، عندما تتعدى حكومته على حقوقه، يملك حق الثورة على حكومته، وتغييرها، بل إزالتها.
تقول الفقرة: «لضمان حقوق الحياة والحرية والسعادة، يؤسس الشعب حكومة يديرها رجال يستعملون سلطات عادلة أساسا موافقة للمحكومين. لكن، عندما يتأكد المحكومون من أن حكومتهم لا تنفذ المبادئ التي فوضوها تنفيذها، يملكون حق تبديل الحكومة أو إلغائها وتأسيس حكومة جديدة. لقد أثبتت كل التجارب البشرية أن الإنسان يمكن أن يتعرض للظلم، وأن الشر يمكن أن يعيش وسط الناس. لكن، عندما يرى الإنسان أن الوضع صار لا يطاق، وأن الظلم قد خيم، يملك حقا وواجبا، أن يثور على الظالمين، وأن يختار حكاما يحترمون حقوقه».
في السياسة الداخلية، ورغم أنه ركز على حقوق الحياة، والحرية، وتحقيق السعادة، شك شكوكا كثيرة في رجال الأعمال. وكتب جفرسون أنهم عكس الحكام الذين يجب أن ينفذوا رغبات المحكومين، يريدون تنفيذ رغباتهم الخاصة التي تتركز على جمع المال، ومزيد من المال.
في الوقت الحاضر يعاني العالم من مشكلة اقتصادية كبيرة، أهم أسبابها هو فساد وطمع البنوك والشركات الاستثمارية العالمية، قبل مائتي سنة كتب جفرسون الآتي: «أفضل لو أن الإنسان عمل عملا شاقا، وجمع المال بعرق جبينه وصرفه على نفسه، من أن يذهب إلى بنك ويوقع أوراقا ويتعهد تعهدات ليصرف على نفسه من مال البنك، ثم لا يقدر على الوفاء بالتعهدات، ولا يقدر على تحقيق كل أهدافه».
وكانت حكومته استدانت من البنوك لبناء مشاريع التنمية والتعمير، فكتب: «كل عشرين سنة يأتي جيل جديد. لهذا، كل عشرين سنة يجب أن تتخلص الحكومة من ديونها على البنوك حتى لا يرثها جيل ليس مسؤولا عنها».
وفي سنة 1790، عارض تأسيس البنك المركزي الأميركي. وفي سنة 1812، عارض تمويل الحرب الأميركية البريطانية بقروض من البنوك. وفي خطاب الوداع في البيت الأبيض، قال: «تظل البنوك الحالية نقطة سوداء في حياتنا، وإذا لم نحل مشكلتها، ستدمرنا. وهي تعتمد على المغامرة، والفساد. وبينما هي تكبر، تقلل قيمنا الأخلاقية».
كان جفرسون ينظر إلى السياسة الخارجية لتكون «دبلوماسية جديدة» أساسها:
أولا: «الثقة بالشعب الأميركي كشعب حر وفاضل».
ثانيا: «تحقيق الأهداف اعتمادا على الحقوق الطبيعية والعالمية للإنسان».
ثالثا: «نبذ الحروب والفساد».
وقال الكتاب إن جفرسون «هجر هجرا لا عودة عنه فلسفة (عقلانية الدولة) الأوروبية التقليدية، التي تبرر أي سياسة تتخذها الدولة، وتدعو الشعب لتأييد دولته ما دامت تنافس دولا أخرى».
وفي سنة 1809، في آخر خطاب له وهو رئيس، قال: «أريد للولايات المتحدة أن تكون إمبراطورية الحرية. أريدها أن تكون نصبا تذكاريا لحقوق الإنسان. أريدها أن تكون شعلة توقد شعلات غيرها في كل مناطق العالم».
مثلما دعا الفيلسوف البريطاني لوك للعدل والحرية، دافع عن تجارة الرقيق الزنوج، وسار على خطاه تلميذه الأميركي الليبرالي جفرسون. غير أن مسؤولية جفرسون كانت أكبر لأنه كان سياسيا، وكان رئيسا للولايات المتحدة لثماني سنوات.
ورغم أن جفرسون، في خطاب الوداع في البيت الأبيض سنة 1809، قال «أريد للولايات المتحدة أن تكون إمبراطورية الحرية»، رفض أن يعترف بثورة هاييتي (ثاني ثورة في الدنيا الجديدة، وضد الاستعمار الفرنسي، وقادها الرقيق الزنوج). وقال جفرسون إنه يخشى أن الاعتراف بثورة زنوج هاييتي سيشجع زنوج أميركا ليثوروا.
غير أن عنصرية جفرسون كانت أكبر (وأخطر) من موضوع هاييتي، لأنه كان يملك مئات الرقيق الذين يعملون في مزارع (وهو المزارع الارستقراطي) تزيد مساحتها عن عشرة آلاف فدان. وحسب كتاب «إعادة النظر في جفرسون»، أثرت عليه العوامل الآتية:
أولا: «طمع رأسمالي بحت تغلب على آراء ومبادئ مثالية».
ثانيا: «خوف من الزنوج: وهم عبيد، إذا صاروا أحرارا».
ثالثا: «خوف السياسي من غضب لوبي تجار الرقيق، وكان أقوى لوبي في أميركا».
رابعا: «إيمان شبه ديني بأن الزنجي أقل مكانة من الأبيض، لهذا، يحتاج إلى الرعاية والمراقبة».
وفي سنة 1807، وقع الرئيس جفرسون على قانون دولي (برعاية بريطانيا التي سبقت أميركا، مستعمرتها السابقة، في هذا الموضوع) بمنع استيراد الرقيق. لكن، كان واضحا أنه فعل ذلك، وبتأييد لوبي تجار الرقيق الأميركيين، لأن منع الاستيراد يزيد أسعار الرقيق.
وحسب الكتاب السابق الذكر: «على أسوأ الفروض، إذا لم يغير جفرسون نظرته إلى الزنجي في كل حياته، كان يقدر على عتق رقيقه وهو على سرير الموت. كانت هذه عادة فيها خليط من السلبية والإيجابية. لكن، لم يفعلها جفرسون».
ولا يذكر رقيق جفرسون إلا وتذكر سالي هيمنغز، عشيقته السوداء التي أنجب منها أربعة أطفال. في الحقيقة، كانت هي الوحيدة التي أعتقها (وأولادها الأربعة) في وصية موته التي كتبها سنة 1826. ولم يعتق 130 عبدا (بعد وفاته، باعهم إخوانه، ليس عطفا عليهم، ولكن لتسديد ديون كثيرة كان تركها جفرسون).
وقبل عشر سنوات، رفع أحفاد العبدة السوداء، سالي هيمنغز، قضايا ضد أحفاد جفرسون، طالبوا فيها بالاعتراف بهم، وقبولهم في «مؤسسة توماس جفرسون». في البداية، رفض هؤلاء، لكن في وقت لاحق، وبسبب قضايا في المحاكم، وافقوا على اختبار «حمضياتهم»، التي أثبتت أبوة جدهم الأكبر لأطفال العبدة السوداء.
أثار الموضوع نقاشات كثيرة، وأنتج تلفزيون «سي بي إس» مسلسلا تحت اسم: «سالي هيمنغز: فضيحة أميركية». وأنتج تلفزيون «بي بي إس» برنامجا تحت اسم: «دم جفرسون: أبيض وأسود».
تقول تفسيرات حول تناقضات جفرسون، جاءت في مسلسل «فضيحة أميركية»، إنه لو عاش بعد زمانه بمائة سنة، سيكون مثل الرئيس أبراهام لنكولن (محرر العبيد). ولو عاش بعد زمانه بمائتي سنة، سيكون مثل الرئيس بيل كلينتون (أكثر رئيس أبيض أيده السود). وطبعا، لو عاش أكثر من ذلك بعشرين سنة، كان سيرى الرئيس الأسود باراك أوباما.
ويقول أصحاب نظرية «الإنسان ابن بيئته» إن تلفزيون «سي بي إس» الذي قدم المسلسل عن عشيقة جفرسون سنة 2000، كان رفض ذلك سنة 1990. وأن مؤرخين أيدوا سنة 2000 ما كانوا عارضوه سنة 1990 حول هذه القضية.
وأخيرا، في احتفالات مرور 270 سنة على ميلاد جفرسون، لا بد أن تطغى حقيقة أنه أبو الفكر الليبرالي الأميركي. ولا بد أن يزور عدد كبير من الناس قبره الذي كتب عليه، حسب وصيته: «هنا مدفون توماس جفرسون، كاتب إعلان الاستقلال، ومؤسس جامعة فرجينيا».
وتخطط «مؤسسة توماس جفرسون»، (التي صارت تجمع الآن بيضا وسودا) مع متاحف «سميثونيان» في واشنطن (أكبر مجموعة متاحف في العالم) لتقديم معرض اسمه: «تناقضات الحرية: الرقيق في منزل توماس جفرسون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.