أكد أن العيش بسلام في المنطقة يتطلب حلاً عادلاً وعاجلاً ودائماً للقضية الفلسطينية أكد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن دولة قطر تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق تنمية مستدامة لاقتصاد متنوع قائم على المعرفة، وذلك في ضوء الركائز الأربع الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية لرؤية قطر الوطنية 2030، التي أسس لها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى. جاء ذلك خلال افتتاح معاليه لأعمال منتدى الأعمال والاستثمار في قطر المنعقد في العاصمة الألمانية، بحضور دولة السيدة أنجيلا ميركل مستشارة جمهورية ألمانيا الاتحادية، وسعادة السيد كلاوس فوفاريت عمدة مدينة برلين، وعدد من أصحاب السعادة الوزراء وكبار رجال الأعمال والاستثمار في البلدين. وشكر معاليه دولة المستشارة أنجيلا ميركل على رعايتها الكريمة ومشاركتها في افتتاح المنتدى، كما رحب بحضور الحدث الذي قال إنه يمثل خطوة متقدمة في مسيرة التعاون الاقتصادي بين قطروألمانيا وفرصة لتبادل الآراء والخبرات بين المسؤولين ورجال الأعمال حول فرص ومجالات الاستثمار المشتركة بين البلدين، ما يؤدي إلى تعزيز التعاون المشترك ويخلق آليات لبلورة مشاريع وشراكات اقتصادية واستثمارية ملموسة وفعالة. وقال معاليه في كلمة خاطب بها الحضور إن الاقتصاد القطري يشهد معدلات نمو مرتفعة وصلت في المتوسط إلى %13 خلال الفترة من عام 2008 إلى عام 2012، مدفوعاً بزيادة الصادرات الهيدركربونية. وإيماناً من القيادة بأهمية الحفاظ على ذلك النمو الاقتصادي المرتفع وتحقيق تنمية مستدامة تتوارثها الأجيال القادمة، فقد عملت الدولة على وضع استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى بناء اقتصاد قوي ومتنوع، تعمل أجهزة الدولة على تحقيقه من خلال استراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016. وفي سبيل تحقيق ذلك، من المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات في قطاع البنية التحتية حتى عام 2019 إلى مبلغ 160 مليار دولار أميركي. هذا إلى جانب التوقعات بنمو قطاعي التشييد والبناء، والنقل والمواصلات بمعدلات تصل إلى %10 و%15 على التوالي خلال العام الحالي. وقد تجلى ذلك مبدئياً في موازنة الدولة للعام القادم 2013-2014 التي تعزز خطة الدولة نحو التنويع الاقتصادي، وتؤكد على تنامي فرص الاستثمار داخل الدولة في العديد من القطاعات الاقتصادية. وزاد معاليه إن قطر استطاعت المحافظة على معدلات النمو المرتفعة التي حققتها خلال وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية، لعبت دول الخليج ومن بينها قطر دوراً رائداً من خلال معدلات النمو المرتفعة وسياسات الأنفاق التوسعية في استقرار الطلب العالمي، وتعويض انخفاض الطلب والإنفاق في العديد من الدول التي طالتها الأزمة. وأضاف أن الاستثمار الخارجي يعد ركناً أساسياً في استراتيجية دولة قطر الوطنية لتنويع مصادر الدخل. وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية بين ألمانياوقطر، فلدى قطر استثمارات عديدة في ألمانيا، تتضمن حصصاً في شركات «فولكس فاجن» و«بورش»، و«هوكتيف»، و«سيمنز»، و«P.S.F»، وعدد من الشركات الألمانية الأخرى، كما للشركات الألمانية حضور في المشهد الاقتصادي القطري، من خلال قيام عدد منها بتنفيذ بعض مشاريع البنية التحتية. العمل الدبلوماسي وأضاف معاليه إننا في دولة قطر نؤمن بضرورة تسخير العمل الدبلوماسي من أجل السلام والتنمية، ليس فقط في منطقتنا بل وعلى امتداد العالم، وربما كان المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور بالسودان، والذي انعقد في الدوحة الأسبوع الماضي وبمشاركة إقليمية ودولية واسعة، نموذجاً لهذه الرؤية، واستلهاماً لهذا المنهج، فعندما يتحقق السلام في أي منطقة من مناطق التوتر في العالم، فإن ذلك يعني ترسيخ الاستقرار ودوران عجلة التنمية وفتح أبواب الاستثمار والتطور الاقتصادي في تلك المنطقة. استثمارات مشتركة ولعله من المناسب أن أنتهز فرصة هذا المنتدى لأدعو القطاع الخاص في كل من دولة قطر وجمهورية ألمانيا الاتحادية للقيام باستثمارات مشتركة في القارة الإفريقية، فهي قارة زاخرة بالموارد الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية والفرص الاستثمارية، خاصة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسياحة والتعدين. صحيح أن بعض مناطق القارة يشهد حالة من عدم الاستقرار وتوترات أمنية، ولكن صحيح كذلك أن معظم هذه المشاكل قابلة للحل بجهود دبلوماسية إقليمية ودولية. وإذا ما واكب هذه الجهود الدبلوماسية تحرك اقتصادي فعال وذو مردود سريع وتأثير مباشر على حياة السكان فإن مناطق التوتر هذه يمكن أن تصبح وفي زمن قياسي نماذج للنمو الاقتصادي ومراكز لجذب الاستثمارات. السلام وانطلاقاً من قناعتنا في دولة قطر بأن السلام والأمن والاستقرار السياسي شروط أساسية للازدهار الاقتصادي فإننا نؤكد على أن العيش بسلام في المنطقة يتطلب ضرورة الحل العاجل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية حتى يصبح الشرق الأوسط منطقة مستقرة وآمنة وقادرة على استغلال مواردها الاقتصادية بالصورة المثلى التي تعود بالنفع والخير لدولها ولشركائها حول العالم. وبالتأكيد فإن هذا الحل الذي نتطلع إليه لا يمكن تحقيقه بغير امتثال إسرائيل للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وذلك بانسحابها من الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها عام 1967، وبإقرارها بكامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كذلك فإننا ومن واقع حرصنا على السلام باعتباره الطريق إلى التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية نتطلع إلى تسوية سلمية عاجلة لأزمة الملف النووي الإيراني تحفظ لإيران حقوقها المشروعة، ويطمئن الجميع من خلالها على سلمية البرنامج النووي الإيراني، وبذلك نبعد عن منطقة الخليج شبح الحروب وعوامل التوتر، ونحافظ على أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية والمهمة للاقتصاد العالمي، ونعتقد أن ألمانيا يمكن أن تضطلع بدور إيجابي مهم في هذا الشأن. الأزمة السورية والحديث عن الاستقرار في الشرق الأوسط يقودنا بالضرورة إلى الحديث عن الأزمة السورية وما نتج عنها من أوضاع مأساوية بسبب ممارسات النظام، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 100 ألف شخص خلال عامين، وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها، وذلك إلى جانب التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة في المنطقة مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً من خلال مجلس الأمن لحماية الشعب السوري وتحقيق مطالبه المشروعة، ولا شك أن ألمانيا تستطيع بما لها من ثقل ووزن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف وفي الاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار وبناء سوريا الجديدة. لم أكن أود التركيز على السياسة في منتدى اقتصادي ولكن يصعب الحديث عن الاقتصاد بمعزل عن السياسة، ثم إننا الآن في ألمانيا الدولة الأوروبية الهامة والمؤثرة والتي قدمت وما زالت تقدم للعالم تجارب رائدة ودروساً مفيدة في كيفية تجاوز الأزمات وتحدى الصعاب وتحقيق النهوض الاقتصادي وبناء الدولة العصرية القادرة على تحقيق الرفاهية لشعبها، والمساهمة الفعالة في تنمية وتقدم واستقرار العالم من حولها. تطوير العلاقات ولذلك فإننا مهتمون جداً بتطوير وتعزيز علاقاتنا معها في مختلف المجالات والانتقال بها إلى آفاق أرحب وأوسع لمصلحة بلدينا وشعبينا الصديقين ولمصلحة السلام العالمي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التعاون الاقتصادي بين قطروألمانيا رغم قوته إلا أنه ما زال دون طموحات وآمال البلدين، وعليه فإننا نتطلع إلى توسيع آفاق التعاون المشترك وزيادة الفرص الاستثمارية المتاحة أمام الجانبين، من خلال وضع استراتيجية مشتركة مبنية على أسس ومصالح متبادلة والاستفادة من الديناميكية التي تشهدها العلاقات في تعزيز التعاون المشترك. وسوف يقوم وفد دولة قطر، والذي يضم شخصيات رسمية وممثلين للقطاع الخاص بعرض التطورات التي يشهدها الاقتصاد القطري على كافة المستويات وفرص الاستثمار والتعاون بين البلدين. وختاماً، أتمنى لهذا الملتقى مواصلة النجاح والتقدم نحو تحقيق الأهداف الهامة التي يعقد من أجلها، وأكرر شكري لجميع السادة الحضور.