اتخذت دولة قطر بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد -حفظه الله- قبل مؤتمر المانحين في الكويت لشعب سوريا، طريقاً مختلفاً وفريداً لإغاثة الشعب السوري، وبلغ ما قدمته من مساعدات حتى أواخر يناير الماضي 441 مليون دولار، وقامت بإيصال المساعدات إلى الشعب السوري في الداخل وفي المخيمات، وأشرفت مع الجمعيات القطرية للإغاثة على تنفيذ ذلك، من خلال لجان الإغاثة التي تشكلها مناطق النزوح، كما تكفلت الدوحة بتوجيهات من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد بدفع التكاليف الدراسية للطلاب السوريين النازحين بالمدرستين السورية والأردنية في قطر، ناهيك عن جمعيات الإغاثة القطرية التي سيّرت حملات مساعدات مباشرة إلى مخيم الزعتري في الأردن وإلى السوريين في شمال العراق وفي لبنان وتركيا، دون الحاجة إلى وسيط. أما فيما يتعلق بمؤتمر المانحين في الكويت، فمنذ أيام قالت ماريكسي ميركادو المتحدثة باسم صندوق الأممالمتحدة للطفولة -بمؤتمر صحافي في جنيف-: «الاحتياجات تتزايد أضعافاً مضاعفة ونحن مفلسون»، ثم أكملت: «حتى الآن لم يصلنا إلا القليل جداً.. نفعل الكثير.. نضطلع بجهد هائل، لكن الاحتياجات ضخمة وتزداد كل يوم»، وعلينا بعد تصريحها أن نعود إلى ما قاله بان كي مون -الأمين العام للأمم المتحدة- الذي وصف مؤتمر المانحين في الكويت في يناير الماضي بأنه أكبر مؤتمر إنساني تنظمه الأممالمتحدة، بمشاركة 59 دولة، ثم نسأل أين الأموال التي أُعلن عنها في مؤتمر الكويت ووصلت إلى مليار ونصف مليار دولار؟! ولماذا لم تصل أموال المانحين إلى الشعب السوري الجريح؟ إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن هناك تقارير تؤكد أن جزءاً كبيراً من أموال المانحين سوف توزع بواسطة الهلال الأحمر السوري، الذي يتبع بالكامل نظام بشار الأسد الذي فقد شرعيته، ولعل هذا ما دفع مؤيدي نظام بشار الأسد الدموي، ومنهم إيران التي تزوده بالسلاح ونائب مجلس الأمة الكويتي عبدالحميد دشتي، إلى الترحيب بمؤتمر المانحين في الكويت، على عكس الأغلبية في الكويت التي رفضت آلية مؤتمر المانحين بشدة؛ لأن الأموال والمساعدات ستصل إلى أيادي النظام عن طريق الأممالمتحدة. لقد اختارت قطر أن توصل المساعدات بنفسها إلى الشعب السوري ولم تقبل تسليمها إلى طرف ثالث، ولعل هذا هو سبب غضب بعض نواب البرلمان الأردني الذين هاجموا اللاجئين السوريين في الزعتري، بل وذهبوا إلى نعت أهلنا السوريين في الزعتري بأقبح الصفات، وكالوا المديح لنظام بشار الأسد الدموي، ثم قاموا بشتم قطر والسعودية، وكان آخر من قام بالتهجم نائب رئيس البرلمان الأردني، لقد كانت الدوحة محقة في عدم تسليم المساعدات لطرف ثالث، بعد أن رصدت وسائل إعلام أن المساعدات الأخرى لا تصل إلى اللاجئين، بل يتم بيعها قبل أن تقترب من مخيم الزعتري. هناك حقيقة لا تخفى على أحد، وهي أن مصر التي خرجت من ثورة في الأمس القريب، وتعاني من صعوبات اقتصادية متراكمة بسبب النظام القديم، تستوعب الآن نصف مليون سوري، واستوعبت من تم ترحيلهم من بعض دول الخليج العربي –دون كلل أو ملل-، بعد أن احتجوا ضد نظام بشار الأسد الدموي المدعوم من إيران الفارسية، في حين أن من يمارسون التشبيح ويدعمون بشار ونظامه بمسيرات تجوب الشوارع يلاقون كل ترحيب!. مصر ستظل أمًّا لكل العرب، ولهذا قال المعارض السوري لنظام بشار الأسد محيي الدين اللاذقاني: «مصر تحتضن أكثر من نصف مليون سوري، لم تنصب خيمة واحدة، ولم تتسول باسمهم، وفتحت مستشفياتها ومدارسها لأولادهم بالمجان». ما قاله اللاذقاني ليس بغريب على الشعب المصري، الذي عُرف بشهامته وكرمه عندما وقف مع أهله في جزيرة العرب التي مرت بمجاعات عدة عبر التاريخ، وستبقى مصر كبيرة، في حين أن غيرها يتسول باسم الشعب السوري زوراً وبهتاناً. أخيراً وليس آخراً، من المحير أن تقوم السلطات الأردنية بالدعوة إلى حل سلمي يبقي نظام بشار الجزار لتتماهى مع الدعوات الإيرانية المساندة لنظام فقد شرعيته، بعد أن دعت الأردن إلى رحيله على لسان ملكها في السابق، والذي سبق وحذرَنا أيضاً من الهلال الشيعي ويعني «الهلال الفارسي».