اللافت خلال تغطية أحداث غزة الاخيرة، تباين استعمال المصطلحات، كل بحسب عقيدته وانتماءاته، حتى باتت للكلمات حربها الخاصة خلال التغطية التلفزيونية. خلال الحرب الاميركية على العراق، كتب المعلّق الاميركي توماس فريدمان تحت عنوان "إطفاء حريق في البنتاغون": " تشعر وزارة الخارجية الأميركية بالغضب في كيفية تصوير وسائل الاعلام العربية لغزو الولاياتالمتحدة للعراق، انا شخصيًا لا ارى اين تكمن المشكلة، ومن مشاهدتي للقنوات الفضائية العربية، استطيع القول ان تغطيتها للحرب تختلف عن تغطية القنوات الاميركية لها بكلمة واحدة، اذا لم تكن بحرف واحد، فقناة "سي ان ان" تصفها ب"حرب اميركا في العراق" وشبكات التلفزة العربية تصفها ب"حرب اميركا على العراق". بين "في" و"على" المسافة شاسعة، وهي تفسِّر الى حد كبير وتبسّط معنى حرب الكلمات او المصطلحات اذا جاز التعبير. واليوم حرب المصطلحات ذاتها تستعمل في حرب اسرائيل على غزة، فالمصطلحات ليست بريئة ولا هي حيادية، بل يمكن ان تكون سلاحًا فتاكًا واكثر ضراوة من الرصاص والقنابل. يقول الكاتب والمحلل السياسي نبيل بو منصف ل"إيلاف" ان هناك تنافسًا بين القنوات التلفزيونية مع وجود معايير مهنية تختلف بين قناة واخرى، ويمكن استثناء الصحافة المكتوبة عن ذلك، لانها الاقرب الى المعايير المهنية بين بعضها البعض. بينما في الاعلام المرئي والمسموع، ما يحدد الموضوع عمومًا هو سياسة المؤسسة، ورأس المال، وارتباطاته، وهناك مسائل عقائدية للاشخاص الذين يديرون مطابخ التحرير، وهم اشخاص لا يملكون خبرة كبيرة بالسياسة ولديهم عقيدة ومفاهيم سياسية كلها تلعب دورًا بتحديد المصطلح، ايًا يكن التعبير، سواء الحديث عن الشهداء او القتلى، او المقاومة او المسلحين، والتعابير تختلف من خلال اسقاط للمفهوم المهني للمطبخ الاعلامي. الى اي مدى يجب ان تكون القنوات الفضائية موضوعية ولا تتدخل بالخبر او التغطية من خلال المصطلحات؟ يجيب :" بالمبدأ دائمًا، وهو امر ثابت ودائم، مسألة ان نكون محايدين في الخبر امر بديهي، انا من انصار ان يكون الخبر محايدًا بالمطلق، واذا كان هناك موقفًا ان يعلن على حدة، والامر في غزة والموضوع الفلسطيني من الصعب تحقيق الامر، لاننا نتحدث عن اسرائيل، وهي عدوة لكل العرب، وفاشية، واخلاقيًا لا يمكن اتخاذ موقف محايد منها اطلاقًا، ولا ينطبق ان نكون محايدين امام مجازر من هذا النوع، والامر نفسه ينطبق اذا اردنا الذهاب الى اتجاهات اخرى، مع مذابح ومجازر تحدث خلال الثورة السورية. اختلاف المصطلحات قديم وبرز خصوصًا خلال الحرب الاميركية على العراق، هل يمكن الحديث اليوم عن مصطلحات بريئة في ظل قنوات مسيسة؟ يجيب بومنصف :" لا وجود لبراءة في الاعلام، وليس فنًا للفن، هو منخرط بالعمق في السياسة، واتجاهاتها، وبتمويل القنوات، وتركبية رأس المال التي تكونها المؤسسة تلعب دورًا بارزًا في توجيه مصطلحاتها، الا اذا كان المالك او المساهم قد اتخذ قرارًا بان تكون الوسيلة الاعلامية متجردة وموضوعية بالكامل بمعزل عن رأس المال الذي يوجهها، ويبقى الامر نادر الوجود، ولا نشهده حتى في الغرب، من خلال مواقف تتخذ، ولا وجود لامور متجردة بالكامل. حول استخدام المصطلحات في حرب غزة ظهر اختلاف كبير في المصطلحات خلال تغطية "الحرب" على غزة بين قناة الجزيرة والعربية والميادين، وهنا ابرز هذه الاختلافات: - قناة "الميادين" : - العدوان الإسرائيلي على غزّة. - قناة "الجزيرة" : - الحملة الإسرائيلية على غزّة. - قناة "العربية" : - العمليّة الإسرائيلة في غزّة. - قناة "الميادين" : - الشهداء في غزة. - قناة "الجزيرة" : - الضحايا في غزة. (أحيانًا تكتب شهداء) - قناة "العربية" : - القتلى في غزة. - قناة "الميادين" : - قوى المقاومة الفلسطينية. - قناة "الجزيرة" : - الفصائل الفلسطينية. - قناة "العربية" : - الميليشيات الفلسطينية. - قناة "الميادين" : - اغتالت إسرائيل الشهيد أحمد الجعبري قائد كتائب عز الدين القسّام. - قناة "الجزيرة" : - اغتالت إسرائيل أحمد الجعبري القيادي في الجناح المسلّح لحركة حماس. - قناة "العربية" : - استهدفت إسرائيل أحمد الجعبري المطلوب الأوّل لديها منذ عشر سنوات، في قضايا إرهابية. - قناة "الميادين": - دكّت صواريخ المقاومة الفلسطينية عمق تل أبيب، ومستوطنات أخرى في فلسطينالمحتلة. - قناة "الجزيرة" : - قصفت الفصائل الفلسطينية مدينة تل أبيب الإسرائيلية. - قناة "العربية" : - سقطت قذائف من غزة على أرض إسرائيل.
