وإدراكا لذلك يقول كارلو سينجالي رئيس غرفة التجارة بمدينة ميلانو الإيطالية, إن دول جنوب المتوسط التي مرت بتغيرات عميقة, ولاتزال تشعر بتأثيرات هذه التغييرات, لا يجب أن تشعر بالعزلة. ويري سينجالي أن زيادة التعاون الدولي يمكن أن يجلب الاستقرار ويوفر مزيدا من الفرص للمنطقة, بل إن إحدي الأدوات المهمة للتغلب علي الأزمة الاقتصادية التي تعد بحق المشكلة المركزية في جميع أنحاء العالم, هذه هي الرؤية التي غلبت علي أكثر من 500 رجل أعمال و15 وزيرا, بالإضافة إلي السياسيين والأكاديميين الذين شاركوا في أعمال المنتدي الاقتصادي والمالي لمنطقة حوض البحر المتوسط, ولم يكن رئيس الوزراء الإيطالي السيد ماريو مونتي أقل حماسا, بل عبر عن سعادته للعلاقات الوثيقة التي تجمع ايطاليا ببلدان الربيع العربي, وأشار باعتزاز الي أن الرئيس المصري الجديد اختار بلاده كأول دولة أوروبية يزورها بعد تقلده منصبه, وكشف مونتي عن أن السنة التي أمضاها في رئاسة الحكومة الايطالية, ركزها علي لقاء القيادات الجديدة في دول الربيع العربي, وأضاف بقوله نريد أن نكون متحاورين ممتازين, ونرغب في الإسهام بكل ما نستطيع لضمان الاستقرار والنمو. وبينما تحدث برونوا يرمولي رئيس منظمة بروموس الإيطالية, التي تنظم المنتدي, عن أنه طلب من الحكومات والمنظمات الاقتصادية الأوروبية والأخري بمنطقة المتوسط الواسعة, إقامة عقد متوسطي جديد أولويته القصوي التنمية الاقتصادية والاجتماعية, لمنطقة حوض المتوسط, فإن رئيس الوزراء الايطالي شرح ما هو متوقع من الضفة الجنوبية للمتوسط, بتأكيده لا نريد العودة إلي الوراء, وأبعاد مخاطر الراديكالية والهجرة غير الشرعية, وتوفير الأمن, وفي المقابل, فإن الشركات الايطالية والأوروبية, والمتوسطية ستعمل معا لإيجاد الثروة, وتوفير فرص العمل, كما أعرب مونتي عن أمله في استمرار البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وبنك الاستثمار الأوروبي في أداء عملهما بالمنطقة. وأغلب الظن أن أوروبا وبتحفيز من ايطاليا قد حسمت أمرها من أجل الإسراع بتقديم مساعدات لدول الربيع العربي, وتفعيل شراكة دوفيل مثلما كشف انزو كواترو شيوشتي السكرتير العام للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير, وأشار الي الاستثمارات الكبيرة في تونس والاتفاق مع مصر, مؤكدا أننا ننظر الي المستقبل بأمل كبير, وقد تم ترجمة ما قيل في ميلانو بإعلان كاترين أشتون.. الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي في القاهرة, عن5 مليارات يورو دعما أوروبيا لمصر, وذلك في خطوة جريئة غير مسبوقة, وسوف يتم تقديم ذلك من خلال2 مليار يورو من البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير, و2 مليار أخري من بنك الاستثمار الأوروبي, والمليار الخامسة في صورة الدعم الذي تقدمه الدول الأوروبية بشكل ثنائي, وكشفت المصادر الأوروبية في منتدي ميلانو, عن أن اتفاقية تجارة حرة شاملة مع مصر هي في قيد التفاوض المبدئي, وهذه الاتفاقية سوف تسهم في تدفق أكبر للاستثمارات الأوروبية لمصر, فضلا عن نفاد الصادرات المصرية بصورة كبيرة الي الأسواق الأوروبية. ويبقي أن نعرف, أن الاهتمام بمنطقة جنوب وشرق المتوسط لم يأت من فراغ, فرغم الاضطرابات الكبري, فإن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ3% خلال2011, وسيصل هذا العام الي5%, كما أن ايطاليا حجم تجارتها مع المنطقة وصل الي 50 مليار يورو وهو ما يمثل نحو20% من اجمالي التجارة الأوروبية مع دول المتوسط, ومن هنا ليس غريبا أن تدافع عن التعاون مع دول جنوب المتوسط ودول الخليج, ويأخذنا وزير التنمية الاقتصادية بالحكومة الايطالية كوارادو باسيرا بعيدا, بتأكيده لقد تغير كل شيء, التقاطع القديم بين الأسواق لم يعد موجودا, ونحن نعتبر الشمال والجنوب سوقا واحدة. وأغلب الظن أن ذلك جزء مهم من العقد المتوسطي الجديد, فلم يعد كافيا التعاون ما بين الشركات الكبري في أوروبا, بل جاء الدور الآن لعقد شراكة ما بين الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا ودول جنوب وشرق المتوسط, واذا ما علمنا أن هناك 14 مليون شركة صغيرة ومتوسطة في منطقة جنوب وشرق المتوسط مسئولة عن99% من الأعمال وثلثي قوة العمل بها, لأدركنا حجم الأعمال والاستثمارات المقبلة, ومن ثم جاءت خطوة تدشين مركز الأورومتوسطي لدعم المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة في مدينة ميلانو الإيطالية علي هامش المنتدي, وهو ما يتطلع الجميع لأن يكون نموذجا متميزا للشراكة الجديدة, وتوفير القدرة التنافسية لشركات الجنوب للدخول الي السوق العالمية. وأغلب الظن أنها خطوة طموحة من أجل تجمعات أورومتوسطية علي صعيد البحوث والتصنيع, وفرصة لاستكشاف ماذا يمكن لأوروبا أن تعمل بالتعاون مع دول الجنوب, ومعرفة الفرص الصناعية في الجنوب مثلما يقول انطونيو تاجاني نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشئون الصناعة والأعمال.