اعمال شغب خلال مواجهة الاهلي المصري مع بالميراس واعتقال مشجع أهلاوي    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    المستوطنة الأثيوبية في عتق.. خطر داهم على حياة المواطن وعرضه    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    العرب والمسلمين بين فن الممكن المهين والاقتصاد المكثف المفخرة    الطريق الدولي تحت سيطرة الحزام الأمني.. خنق لخطوط الإرهاب والتهريب    شبوة تودع شهيدي الواجب من قوات دفاع شبوة    إن بي سي الأمريكية: عجز اسرائيل عن اعتراض الصواريخ الايرانية يتزايد    خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    بوتافوجو يفجر كبرى مفاجآت المونديال بإسقاط سان جيرمان    إصابة 36 مستوطنا صهيونيا في قصف إيراني على بئر السبع    ميسي يهدد عرش رونالدو العالمي    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    صحيفة أمريكية تكشف حجم خسائر إسرائيل اليومية    البيت الأبيض يعلق على موعد قرار ترامب بشأن الهجوم المحتمل على إيران    في ظروف غامضة    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    نتائج الصف التاسع..!    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    الحوثيون يقرّون التحشيد الإجباري في الحديدة بدعوى نصرة إيران    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    المعبقي يكشف عن اجراءات نقل مقرات البنوك إلى عدن وكيف ستتعامل مع فروعها في مناطق سلطة صنعاء    ذمار تضيق على نسائها    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    تعادل إيجايي بين السهام والصحة في بطولة البراعم لأندية تعز    من عدن إلى الضمير العالمي    عاجل وخطير: الحرس الثوري الإيراني يدعو إسرائيل لإخلاء مفاعل ديمونا    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    مناقشة تنفيذ مشروع شبكة الصرف الصحي في مدينة البيضاء    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    تصريحات بلا أثر.. ومواطن يئن تحت وطأة الجوع والانهيار    من يومياتي في أمريكا .. هنا أموت كل يوم    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كوستاريكا تقلب الطاولة على الدومينيكان    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    انهيار متواصل للريال اليمني.. أسعار الصرف تواصل التدهور في عدن    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    الصبر مختبر العظمة    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إهمال جرحى الثورة في اليمن يُثير التساؤلات
نشر في الجنوب ميديا يوم 22 - 11 - 2012


2012/11/22 الساعة 17:24:21
التغيير – صنعاء - عبد الكريم سلام :
بعد معاناة طويلة لجرحى الثورة اليمنية ومناشدات متعددة لحكومة الوفاق من أجل تدارك تدهور الأوضاع الصحية للعشرات منهم، أصدرت المحكمة الإدارية حكماً قضائياً قضى بإلزام الحكومة بعلاج الضحايا الذين جرحوا خلال الإحتجاجات الشعبية جراء العنف الذي تعرضوا له من قبل قوات الأمن والجيش.
شكّل الحكم الذي صدر عن المحكمة الإدارية في منتصف شهر نوفمبر 2012 في العاصمة صنعاء بارقة أمل لجرحى الإحتجاجات خاصة ولليمنيين عامة بولوج مرحلة جديدة لدولة القانون يكون فيه الحاكم مقيّدا بممارسة سلطاته بالقوانين ومسؤولا عن تحقيق العدالة والإنصاف لمحكوميه، إلا أنه في الوقت ذاته سلط الضوء على مدى تردد الجهاز الحاكم في التكيّف مع متطلبات مرحلة ما بعد الربيع اليمني ومدى تخليه عن تضخيم الذات السلطوية وفق ما يدور في الشارع اليمني على خلفية قضية جرحى الثورة .
وفي الواقع، ما كان جرّ حكومة الوفاق إلى أروقة القضاء ليحصل لو أنها تعاطت مع قضية الجرحى بمسؤولية وإيجابية. فالحالات الحرجة لعشرات من الجرحى قوبلت بإهمال الجهات الحكومية المعنية وبتجاهل القوى السياسية رغم القرار الرئاسي الذي أصدره عبدربه منصورهادي، ورغم محاولاتهم المتكررة لفت الأنظار إلى محنتهم الإنسانية الأمر الذي جعلهم يحتمون بالقضاء كملاذ أخير.
فبعيد انتخابه مباشرة أصدر الرئيس اليمني القرار رقم (8) لسنة 2012 م بشأن ضحايا الاحتجاجات السلمية ونصت مادته الأولى الفقرة (ج) بأنه "على الحكومة توفير الرعاية الصحية للمصابين ومعالجتهم في الداخل والخارج بحسب طبيعة الإصابة"، غير أنه منذ ذلك الحين ظل العشرات من الجرحى وعلى مدار ثمانية أشهر يترددون على بوابة مجلس الوزراء مطالبين بتدارك جراحاتهم قبل أن تستفحل لكن الحكومة قابلتهم بالتسويف وبالوعود من وقت إلى آخر فيما كانت معاناة ومضاعفات إصاباتهم تتزايد وحالاتهم الصحية تتدهور حتى أن بعضهم قضى متأثراً بجراحه بسبب ضعف أحوالهم المادية وفقرهم الشديد وجرّاء التمييز السياسي الذي زاد من عذابات وأوجاع الضحايا.
دعوى مستعجلة أمام القضاء
في حين استفاد الجرحى المنتمون للأحزاب السياسية (خاصة حزب الإصلاح) الذي يبدو أن أتباعه استحوذوا على المنح العلاجية في الخارج المقدمة من تركيا وقطر، وفق ما صرح به عدد من المصابين، تعرض بقية الجرحى لاسيما منهم المستقلون للإهمال ولم يحظوا بالرعاية الطبية على الرغم من خطورة الإصابات التي يعانون منها.
على سبيل المثال، أصيب بسام ياسين الأكحلي بطلقة نارية أدت إلى تهشيم الزوائد الشوكية والجذرية مع شرخ في فقرته الظهرية الثالثة مما أدى إلى إصابته بشلل سفلي ولم يستطع الحضور إلى المحكمة جراء تدهور حالته الصحية.. أما عبدالله فازع العبسي فقد أصيب مرتين ويعاني من تهشيم عظام رجله اليسرى.. أحمد اليريمي أصيب بشظايا في الجمجمة ويعاني من شلل نصفي.. عادل على العماري أصيب بطلق ناري من عيار 12/7 أدت إلى إصابة ذراعه اليسرى بشلل.. عيسى الصوفي أصيب بثلاث طلقات نارية في ساقه اليمنى نتج عنها كسور وتفتت العظم وتمزق الأعصاب.. محمد القباطي أصيب بطلقتين في أسفل الظهر.. بسام رسام بعاني من شلل نصفي... والقائمة تطول.
كل هؤلاء وغيرهم من عشرات الجرحى يحتاجون إلى تدخلات علاجية وجراحية وأوصت التقارير الطبية بنقلهم إلى الخارج، لكنهم ظلوا على مدار ثمانية أشهر يحملون جراحاتهم إلى أمام مقر الحكومة بحثاً عمّن يداويهم ويعيد لهم عافيتهم المتهالكة، ولم يحصدوا سوى المرارة والحسرة جراء صدّهم من قبل المعنيين حتى جاؤوا مضطرين إلى القضاء كي "ينصفهم ويضع حداً لمعاناتهم"، كما قال ل "swissinfo.ch "عبدالله فازع العبسي الذي قدم إلى مقر المحكمة الإدارية محمُولاً على على عكازين.
زملاؤه الآخرون الذين جاء بعضهم محمولاً على كراسي متحركة، يرون أن كل الوسائل الإحتجاجية من وقفات واعتصامات وإضراب عن الطعام وموت رفاق لهم لم تثمر في شيء ولم تدفع الحكومة إلى التعاطي مع مطالبهم بمسؤولية حتى وجدوا من يساندهم في قضيتهم هذه، وهم يقصدون بذلك القاضي أحمد سيف حاشد، الناشط الحقوقي والعضو في مجلس النواب اليمني الذي حمل قضيتهم ومطالبهم إلى القضاء، والذي قال ل swissinfo.ch: "إن اختيار طريق القضاء جاء بعد أن استنفذ المتضررون طرق وسبل المتابعات والملاحقات المختلفة من أجل النظر إلى محنتهم الإنسانية".
ومع أنهم قاموا، كما يوضح حاشد، بتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر الحكومة واعتصموا في منصة ساحة التغيير وتحدثوا لوسائل إعلام وصحف متعددة، وتقدموا بعرائض وطلبات إلى السلطات الإدارية المعنية "لكن كل ذلك لم يهزّ ضمائر المعنيين، ولم يحرك مشاعرهم تجاه الحالات الإنسانية للجرحى التي تتفاقم مخاطرها يوما بعد يوم، فالتجأنا إلى رفع دعوى مستعجلة حتى نتمكن من تدارك تدهور حالاتهم الصحية والنفسية"، وأشار أحمد سيف حاشد أيضا إلى أن بعض الجرحى "كانوا على وشك السفر إلى الخارج لكنهم استُبعدوا أو استُبدلوا بآخرين، الأمر الذي ضاعف من معاناتهم النفسية والجسدية مع أنهم جرحى الثورة".
ابتزازات حزبية وسياسية
الدكتور عبدالله الصوفي الذي يعمل طبيبا متطوعاً في المستشفى الميداني لساحة الحرية في مدينة تعز والذي مرت عليه كثير من تلك الحالات قال في تصريحات ل swissinfo.ch: "إن العشرات من جرحى الثورة تعرضوا لإهمال مُزدوج من قبل الجهات الحكومية ومن قبل الأحزاب السياسية" نظرا لأنهم "من المستقلين الذين لا ينتمون إلى أحزاب سياسية، وليست لهم أطر تنظيمية تتبنى قضاياهم وتضغط من أجل علاجهم"، على حد تعبيره.
وبدلاً من أن يتعامل السياسيون مع هؤلاء الجرحى بوصفهم حالات إنسانية، تعرضوا لابتزازات حزبية وسياسية وصلت إلى حد "مساومتهم على الدواء مقابل الإنخراط في الحزب"، وتحولوا في نهاية المطاف إلى "حالات منسيّة ومُهملة بسبب استقلاليتهم، بل ربّما يُعاقبون لتصدّرهم واجهة الإحتجاجات الشعبية للثورة"، حسب رأي الدكتور الصوفي.
ثمة من يذهب إلى أبعد من ذلك ليرى أن التسويف والمماطلة تجاه علاج هؤلاء الضحايا هو سلوك حكومي مقصود ترمي السلطات والقوى السياسية المشاركة في الحكم من ورائه إلى تحويل مُعاناتهم وآلامهم إلى عبرة للآخرين الذين لا زالوا على حماسهم الثوري حتى تحقيق كامل أهداف الثورة، لكن الدكتور الصوفي يرى أن "تعمّد الحكومة إهمال الجرحى لجعلهم عبرة لغيرهم أو لمساومتهم السياسية على جراحهم لم تؤد إلا إلى تزايد إصرارهم على مواصلة النضال السلمي".
في الأثناء، يتساءل مراقبون: هل سيكون الحكم القضائي كافياً لدفع حكومة الوفاق لتحمل مسؤوليتها تجاه الضحايا؟ فمن المعلوم أن رئاسة الحكومة تعاملت مع القضية وكأنها فوق القانون، حيث رفضت في بداية الأمر مجرد استلام الإعلان القضائي بالدعوى مما اضطر المحكمة إلى إبلاغ وزارة الشؤون القانونية، ومع ذلك لم يحضر أي دفاع عن الحكومة وهو ما أجبر رئيس المحكمة على تنصيب محام حتى صدر الحكم بإلزام الحكومة بعلاج الضحايا.
يبقى أن مدى إذعان الحكومة اليمنية للقرار الصادر عن المحكمة بعد أن تبين إهمالها للجرحى سيُعيد طرح إشكالية دولة القانون (خاصة في الأوساط الحقوقية والمدنية) في ظل تجدد المخاوف من الذات المتضخمة للحاكم لدى الشارع اليمني الذي خرج في احتجاجاته حالماً بواقع جديد يكون فيه الحكام والمحكومين سواسية أمام القانون وتحترم فيه رابطة المواطنة لا رابطة الإنتماء السياسي والحزبي.
" سويس انفو "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.