بقلم/ انور سلطان ذكر الشيخ عبدالله اليهري اسباب ما اسماه جوهر الخلاف الحقيقي داخل مجلس الحراك، لكنه بالغ في بعضها كثيرا. الخطير في حديث الشيخ عبدالله اليهري هو قوله ان المرحلة مرحلة فرز، ولا ندري هل يعني ويعي ما يقول اما مجرد كلمة سطرها دون ان يشعر. ذلك ان الفرز يعني قطيعة وربما يعني اكثر من ذلك. مقال الشيخ عبدالله اليهري غير واضح في اغلبه وخلط بين السبب والنتيجة. مثلا، كيف يمكن ان يكون خروج باعوم من السجن، او اشهار المجلس الوطني وتشكيل نجاح سببا للخلاف؟ يمكن قبول سبيين للاختلاف ذكرهما الشيخ عبدالله وهما الاستقالة من احزاب الاحتلال، وتبني اسم الجنوب العربي من الآن، وليس الهوية الجنوبية المستقلة. فجميع المطالبين بالاستقلال اوغالبيتهم الساحقة متفقون على الهوية المستقلة، ومن يتمسك باسم "اليمن الديمقراطية" او الاسم كاملا ( ج ي د ش) يتمسك به لانه الاسم الرسمي للدولة، على ان يطرح الاسم للاستفتاء بعد الاستقلال. وهذا ليس خلافا جوهريا حول الهوية المستقلة بل خلافا شكليا يمثل احد اسباب الاختلاف والتباين. بل حتى اسم "حراك" نفسه كان نقطة خلاف ولا يزال. ان السبب الحقيقي والجوهري للخلاف هو الزعامة والرئاسة، خصوصا ان المكونات تدعي انها حركة جماهيرية لا تنظيمات، بينما هي تنظيمات لها برنامجها ووثائقها ولوائحها الداخلية، وهذا الادعاء او هذه النظرة لها سلبيتان: انها تجعل من المكون تنظيما هشا لانه تنظيم لا يعرف انه تنظيم ولا يريد ان يكون كذلك، والسلبية الاخرى هي مفاقمة الصراع على الزعامة والرئاسة داخل المكون. ففي المجلس الاعلى كل طرف يريد ان يحتكر الجماهير لانه يدعى ان المجلس حركة جماهيرية. ومصطلح "حراك" الذي دخل في اسم المجلس هو سبب في هذا التشويش والارتباك. طالما كان الصراع صراع زعامة ورئاسة، فان الحل الوحيد له هو الاعتراف بالواقع، وفك الارتباط بين الطرفين. وان يتحول كل مجلس الى تنظيم حقيقي ويتخذ له اسما تنظيميا بدل من الاسم الجماهيري "الحراك" الذي اربك كل شئ، والكف عن الادعاء بان المجلس الاعلى حركة جماهيرية وليس تنظيما. ان النقطة الرابعة (انشقاق بامعلم حسب تعبيره) توضح ان الخلاف خلافا تنظيميا اكثر منه خلاف رؤية ومبدأ، ذلك ان بامعلم يتمسك باسم الجنوب العربي. وكذلك شأن النقطة الخامسة. اما النقطة السابعة فهي نقطة خلطت بين السبب والنتيجة اذا صحت، حيث تلقي تهمة جزافا على الطرف الاخر. فالشيخ عبدالله اليهري يتهم الطرف الاخر بانه يتلقى دعما لتقويض تيار باعوم لانه يعتبر خنجر في جسد الاحتلال والاحزاب اليمنية. اذن هؤلاء خونة يقفون مع الاحتلال؟ ايعقل هذا يا شيخ عبدالله؟ ابلغ الامر الى هذا الحد؟ فكيف تفسر اذن عدم تقاربهم مع علي ناصر الذي يرفع شعار التغيير لا التشطير والذى صمت عنه اخيرا ومازال غامضا ويتمسك بالفدرالية؟ وكيف نفسر تقاربكم وربما تحالفكم انتم مع علي ناصر الذي لم ينطق يوما بالاستقلال والتحرير والذي هاجم الهوية المستقلة اكثر من مرة وانتصر للهوية اليمنية؟ وهو في تواصل مستمر مع سلطات الاحتلال والحزب الاشتراكي؟ حتى انه نفى خبر عن ترشحه للرئاسة، وهذا النفي بحد ذاته يدل على امكانية قبوله. والوضع عنده ليس احتلال ولا يراه كذلك؟ ممكن تفسرون لنا هذا الامر؟ ولا انتم مرفوع عنكم القلم؟ او ان كل ما تفعلونه سنة يجب الاستنان بها؟ النقطة العاشرة ذكر فيها امران، ان الاخرين يريدون اعادة الدولة السابقة، ويطرحون فك الارتباط (هل مصطلح "فك الارتباط" يبرر كل هذا الخلاف؟). غير مستساغ ولا منطقي القول ان الصراع الحقيقي هو على اعادة الدولة السابقة بكل كواردها وقيادتها الحزبية. حتى لو افترضنا ذلك، وهو مستحيل، هل يشكل هذا صراعا جوهريا؟ نفترض ان الحزب الاشتراكي الان تبنى خيار الاستقلال وطرح انه يريد اعادة النظام السابق بكل حذافيره (نفترض انه وصل به الجنون الى هذا الحد) هل يمكن عمل صراع معه، ام يجب العمل معا لتخليص البلاد اولا من الاحتلال ونيل استقلالها وبعد الاستقلال يقضي الله امر كان مفعولا في شكل النظام والهوية. انتهت التعقيب على موضوع الشيخ عبدالله اليهري. وادناه رسالة لمن يهمه موضوعها. هل يجب الان الاتحاد، او على الاقل التعاون، على هدف الاستقلال ام الصراع على الهوية؟ اذا كان هناك طرف متمسك بالاستقلال والهوية اليمنية هل يجب عمل صراع معه ام نهتم بالقاسم المشترك وهو هدف الاستقلال؟ ايعقل ان يتصارع بشر اسوياء على نظام مفترض سيحكم الجنوب مستقبلا ويتركون الاحتلال؟ وبالتالي فهذا ليس السبب الحقيقي بل اتهامات فرضها الصراع على من يكون في المقدمة. لقد بلغت هذه الصراعات السخيفة الى حد فقدان العقل والمنطق، واستحضار الماضي وتحميله لطرف ورمي تهم افتراضية لا اساس لها الا محاكمة النوايا، لو صحت ولو كانت ممكنة يجب الا تكون سببا في شق الصف الجنوبي، وان افترق كل في مكونه، ويجمتع الكل تحت هدف الاستقلال في مواجهة الاحتلال. علام الخلف بينكمُ علام وانتم جميعا تحت اقدام الاحتلال، كونوا اسيادا اولا ثم اختلفوا على النظام واختلفوا على السلطة، سيكون عندها للاختلاف معنى. اما الاختلاف على زعامة تنظيم والتمسك بذات التنظيم وتبادل التهم لهو حماقة ما بعدها حماقة. ان ما تفعلونه الان اخطر بما لا يقاس من عودة الماضي كما هو بكل حذافيره، لو كنتم تعقلون وتعون. ذلك انكم تُدخلون الجنوب في صراع وهو تحت الاحتلال سيسقط الجنوب الى الابد تحت الاحتلال وسيمكنه من افنائه. وهو صراع ليس للشعب فيه ناقة ولا جمل، ولكنه صراع على من سيكون في المقدمة، ولانه سخيف وشخصي تغلفونه بغلاف الهوية والتهم الافتراضية.