غجريات ليلى الجمال / علي الجريري 1 – الليل يا ليلى من الحي العجمي في عكا القديمة ، إلى باب الخليل في القدس العتيقة ، عراقة الأسوار واحدة ، وشموخ الحضارة باق كصخرها ، كانت هي ظل حياتها الجديدة وكأنها عادت إلى عمر صباها تعزف إلحانها الغجرية ، وتعشق اللون الأبيض والسماوي ، وقفت إلى جانب الكوة الحجرية و تصورت إلى جانبها وهي تجلس مسترخية في ابسط حالات تجلياتها تسند ظهرها إلى حائط تلك الكوة داخل الباب ، تشد المارة إلى نعومتها ورقتها وبساطتها بثوبها الفضفاض ، ترقص مرة وتعزف مرات ، كي تبقى الصورة الأخرى في الذاكرة ، لا فرق عندي بين ذاكرتي المنسية أو ذاكرتها الخصبة تسرد الحكايات مثل كرج الماء كما يقول المثل " لمن يحفظ القصائد الغزلية عن ظهر قلب " كانت هنا قبل عام تجلس في الذاكرة ليلى الغجرية ، كما ليلى العامرية وليلى منصور الجمال ،انتهى العزف وسرنا سويا كانت تعتمد علي في متابعة طريقها مع صديقتها تتعرف على أحياء البلدة العتيقة ، والدها من الطرف الأغر في العاصمة البريطانية وأمها كنعانية من عكا وعكا تعرف البحر مثلما تعرف ليلى الجمال ، التي غنى لها وديع الصافي أغانيه الخاصة بليلى عندما التقاها في حفل خاص كانت تقدمه لحساب الجاليات العربية في بلاد الاغتراب ، حيث كانت أغانية ولم تزل توحد العرب الذين عصفت بهم دروب السياسات والتعصب الطائفي وثقافات الحقد والتكفير ، ليكون للأغنية فعلها وسحرها في قلوب المحبين والعاشقين وخاصة تلك التي تحملها معها العاشقات من شوارع القدس العتيقة معطرة بالفل والياسمين من القدس ؛ اعتق عواصم الشرق للأرض التي كان اسمها فلسطين ولم يزل اسمها فلسطين . ورغم أوجاعها ظلت تغني عن ليلى وتقول : الليل يا ليلى تعاتبني وتقول لي القدس لا تتعب من الطرب ، وإن خانها الأعراب ؛ لا تعتب على العرب . 2 – هنا إذاعة الشرق الأدنى بصوت منير شما ومضينا تحدثني عن الأيام حيث كنا نسهر عند درج الطابونة في القدس العتيقة طويلا لا نغمض عيوننا ولا ننام كانت حكاياتها لا تنتهي ، أما اليوم فكان حديثنا عن إذاعة الشرق التي كانت على بعد أمتار من هنا من حي المصرارة في باب العمود حيث أقف مع ليلى الغجرية ، أمام الجنود المدججين بالسلاح الذين وقفوا على أهبة الاستعداد لقمع احتجاجات الفلسطينية ضد التعديات على المسجد الأقصى وحرمة الحرم القدسي فيها ، وفي دعوتها لي وصديقتي العمرية حدثتنا عن أقدم مذيعي ومحرري إذاعة الشرق تميم شما الذي خمد صوته ؛ هذا الإعلاميّ الفلسطينيّ منير شمّا رئيس تحرير سابق لبي بي سي العربيّة يوم الثلاثاء 4 جوان 2013 بعمان عن سنّ تناهز 93 سنة بعد مسيرة تفوق النصف قرن. كان منير شما أحد أشهر الإعلاميين في القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية " بي.بي.سي" ذاع اسمه منذ خمسينات القرن الماضي، عندما كان يقرأ نشرات الأخبار في تلك الإذاعة وتحت رقابة مشددة ترك الإذاعة احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 . يذكر أنّ منير شمّا كان التقى أثناء عمله في تونس بالزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان معجبا بعمله واجتهاده في الإذاعة التونسية واقترح عليه الجنسية التونسية عام 2005 لكنّ القائم بأعمال سفارة بريطانيا في تونس خيّره بين الجنسية البريطانية والجنسية التونسية فرأى أنّه من مصلحته على الأمد البعيد أن يحتفظ بالجنسية البريطانية. وهو من مواليد مدينة صفد الفلسطينية عام 1919 الذين ذاع صيته منذ خمسينيات القرن الماضي منير شما الذي عمل في إذاعة الشرق الأدنى الفلسطينية في مدينة يافا عام 1943 وعمل مأمورا لأحراش القدس ومأمورا لأحراش رام الله مضيت معهن إلى بعض هذه الأحراش على قمة جبل يشرف على صحراء القدس شرقا وعلى المدينة العتيقة غربا وكتبنا على بعض جذوع تلك الأشجار العتيقة اليوم رحل عن عالمنا احد أهم من كان قائما على زراعتك ورعايتك هنا أيتها الأشجار فاحتفظي بذكراه واحفظي اسمه انه منير شما الراحل جسدا عنا والباقي في ذاكرة الزمان والوطن متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله. ما هذا ؟ Bookmarks هي طريقة لتخزين وتنظيم وادارة مفضلتك الشخصية من مواقع الانترنت .. هذه بعض اشهر المواقع التي تقدم لك هذه الخدمة ، والتي تمكنك من حفظ مفضلتك الشخصية والوصول اليها في اي وقت ومن اي مكان يتصل بالانترنت للمزيد من المعلومات مفضلة اجتماعية