لا يشك أحد من العارفين ببواطن الأمور ولا حتى بظواهرها ، في عنصرية الكيان الصهيوني وفي كون وجوده من الأساس ، يستند إلى فكرة التمييز العنصري على أساس ديني . التشكيك في عنصرية الكيان الإسرائيلي يبدو عملاً غير أخلاقي منذ اللحظة الأولى لتأسيس هذا الكيان . لكن مسألة التشكيك في عنصرية الكيان الصهيوني تجاوزت حد انعدام الضمير إلى حد انعدام المنطق ، بعد أن أعلن الكيان الإسرائيلي ممثلاً في العديد من حكوماته التي تعاقبت على إدارة ما يسمى بإسرائيل خلال العقد الأخير من الزمن ، عن مطالبة الآخرين بالاعتراف به كدولة يهودية . وهو عمل ينطوي على إشارات تبدو واضحة ، لنية الصهاينة في إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن كل مواطن غير يهودي ، وبالتالي ترحيله من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948. الكيان الإسرائيلي على الرغم من ذلك ، ورغم إصراره على انتزاع اعتراف دولي وإقليمي بدولته كوطن قومي لليهود وحدهم ، ما زال حريصاً على الظهور بمظهر الدولة التي لا تمارس التمييز العنصري في الداخل ، والتي تعامل جميع من يحملون جنسيتها ، بمن فيهم المليون ونصف مليون فلسطيني ، بشكل مساو لليهود . وهذا هو السر في الحرص الذي يبديه الكيان الإسرائيلي ، على وجود تمثيل نيابي داخل الكنيست لكل أطياف المواطنين الذين يحملون جنسيته ، وخصوصاً الفلسطينيين الذين يمارس ندرة منهم ، العمل السياسي من خلال الأحزاب التي تعد جزءاً من النظام القائم ، مهما بدت توجهات تلك الأحزاب التي يترشح الفلسطينيون على قوائمها ، معادية للعنصرية . المسألة إذن لا تعدو أن تكون مجرد ديكور خارجي ، الهدف منه تكريس صورة الكيان الصهيوني بوصفه دولة ديمقراطية طالما تبجح الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكيون ، بوصفها بتلك العبارة الشهيرة « واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط « . وهذا يعني وبكل بساطة ، أن أي فلسطيني يقبل بالترشح على قوائم أي حزب صهيوني للفوز بمقعد في الكنيست ، يساهم بشكل فعلي في إضفاء طابع الشرعية على وجود الكيان الإسرائيلي ، ويساهم في الاعتراف بحقه بالوجود في فلسطين ، ويكرس للأكذوبة التي تقول بأنه صاحب الحق فيها . فهل تستحق بعض المكاسب الهزيلة التي يمكن أن يحققها الفلسطينيون الذين يحملون جنسية العدو ، إذا افترضنا جدلاً بالقدرة على تحقيق مكاسب فلسطينية من أي نوع ، كل الخسائر التي يتكبدونها في سبيل ذلك ؟! ممارسة المعارضة من خلال العمل الحزبي ، تعني الاعتراف بسلطة النظام القائم .. هذا في الأحوال العادية .. أما في حالة الاستعمار الاستيطاني القائم على التوسع ، فهو يعني التواطؤ مع المحتل ومنحه شرعية هو في أمس الحاجة إليها ، مهما بلغت درجة المعارضة التي يمكن أن يبديها النواب المترشحون على قوائم الأقلية . ليس هناك فلسطيني مهما كانت محدودية وعيه السياسي ، لا يعي هذه الحقيقة ، فهل يعي العرب الباقون حقيقة كل من سمح له ضميره بدخول مبنى الكنيست ؟ لا أعتقد أن معظم العرب يمتلكون الوعي الكافي لإدراك حقيقة هؤلاء . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain