أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي قابلني صديقي بزهوٍ وهو يتحدث منتشياً قائلاً، أتذكر يا صاح أنه قبل أيام انتهت ملحمة كروية رائعة، وطُوي مهرجان رياضي حافل بالإثارة، قلت أتعني اختتام مسابقة دوري خادم الحرمين الشريفين للأبطال في كرة القدم، قال هو ذلك ما أعنيه وفاز بالكأس وبكل اقتدار النادي العميد نادي الاتحاد من أمام زميله نادي الشباب . قلت لصديقي أجل نعم لقد تابعت وتابع الملايين ذلك الختام الكروي الجميل وتلك المباراة المثيرة، قال صديقي وهل تعرف ما هي الدروس المستقاة من تلك المباراة المشوقة ومن ذلك النهائي الكروي الحماسي، أجبته متعجباً لعلني أراك يا صديقي العزيز تبحث عن مكان مرموقٍ لك بين المحللين الرياضيين أم هل تريد مزاحمة المعلّقين النجوم، فضحك صاحبي كثيراً وأجابني، أبداً أبداً ما ذلك عنيت البتة، قلت إذاً ماذا عنيت، ردّ مجيباً بالطبع التحليل الرياضي له أهله العارفون به، والنقد الرياضي له أساطينه المتبحرون فيه والإعلام الرياضي له قواعده وأصوله، ولكني استقيت من النهاية السعيدة للفريق البطل الاتحاد العميد دروساً إدارية بل وتربوية لا تقل أهميةً عن النواحي الرياضية، ولا تبعد عن الجوانب الفنية للمباراة أو لمسيرة النادي في البطولة حتى حصد هذه الكأس الغالية، قلت يا صديقي لا تبعد بي كثيراً، هاتِ أسمعني وأفدني، قال أتذكر أن العميد وقبل فترة وجيزة أعطى إجازة طويلة لعددٍ من قدامى لاعبيه الذين كان لهم باعهم الكروي وتاريخهم الطويل في النادي، قلت بلى أذكر ويومها قامت الدنيا ولم تقعد، صحافةً وجماهير ومحبين للنادي، كلهم ثارث ثائرتهم وعاتبوا بل ولاموا إدارة النادي لاستغنائها عن لاعبين كانوا يعدونهم مفاتيح فوز للنادي العريق، بل اعتبروا من قبل بعض المشجعين رموزاً لا يمكن المساس بها أبداً. ولم يخفِ بعض المنتقدين قلقه على مستقبل الاتحاد، قاطعني صديقي قائلاً ولكن الذي دار في الكواليس يومها ويعرفه المقربون من بواطن الأمور أن بعضاً من أولئك اللاعبين تضخمت الأنا العليا لديهم، وكانوا يرون أنفسهم أكبر من النادي، وأنهم هم أنفسهم النادي وغيرهم أقل منهم ولا بد أن يسير النادي إدارةً ومدرباً على أهوائهم، ذاك ما تناقلته المجالس حينها، قلت ولكن تسريحهم لم يضرّ النادي كما كان التخوف من بعض محبي النادي، بل أتاح الفرصة لجيل واعد من الشباب اللاعبين الموهوبين الذين حققوا فوزاً كبيراً للكيان وكأسا غاليةً للنادي، وسيكون لهم مستقبلهم المشرق على مستوى المنتخبات الوطنية بإذن الله تعالى، حينها صمت صديقي برهة ثم هبّ قائلاً : ومربط الفرس في الموضوع كله بل والدرس الأهم في وجهة نظري في الإشارة التي يجب أن لا يغفل عنها أي شخص في نادٍ أو مؤسسة أو ينتمي إلى كيان أو وظيفة حكومية أو خاصة، أن الكيان الذي ينتمي إليه أكبر منه، وأن لا يظن نفسه يوماً أنه أكبر من الكيان، وأن لا تأخذه الظنون يوماً ليعتقد أن الكيان لن يمضي بدونه، واستطرد صديقي موضحاً وحتى لا يعتبر أحدٌ نفسه كبيراً في عمله أياً كان منصبه إلا بعمله المتقن وإخلاصه في فريق عمل ينتمي إليه ويكون جزءاً منه، وأن يرى نفسه دوماً ضمن فريق عمل الكيان الذي يعمل ضمن منظومته، وختم صديقي بل ويجب أن يكون الشخص وفيّاً للكيان الذي ينتمي إليه ويؤمن بفضله عليه، قلت وفي ذلك إشارة قوية لمن يود أن يبقى في الذاكرة ويرتقي مدارج الأوفياء ويعتلي الصدارة بتواضعه لا بكبره وعليه أن يؤمن بذلك إذا لم يرد أن يطويه النسيان بعد انتهاء خدماته، واللبيب بالإشارة يفهم، وهنا لملم صاحبي أوراقه وأخذ بعضه وانصرف وهو يردد نعم نعم حقاً أن الكبير كبيرٌ بفعله وعمله المخلص ولا بد أن يشعر دوماً بأنه صغيرٌ في نفسه كبير في أعين الآخرين. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain