عززت المشاركة الملحمية للشعب الإيراني في الإنتخابات الإيرانية، دور طهران في محور المقاومة، فليس من الصواب القول بأن انتخاب الدكتور حسن روحاني هو التصويت ضد العدالة والتطور والمقاومة وكرامة البلاد، بل جاء ذلك كردة فعل للشعب الإيراني انعكاساً لسوء التدبير الاقتصادي. طهران (فارس) واشار الباحث السياسي الايراني "صالح اسكندري" في مقال الى انتخابات الرئاسية الحادية عشرة في الجمهورية الإسلامية، وقال: لقد أدلى الناخبون هذه المرة بأصواتهم بشكل عقلاني وعلى خلاف الانتخابات الماضية فإنهم لم يتخذوا قرارهم في انتخاب رئيس البلاد انطلاقاً من أحاسيس سياسية منفعلة، ومنظمة الإذاعة والتلفزيون بدورها قد وفرت فرصة جيدة وعادلة أمام المرشحين لبيان برامجهم لكي يتمكن الشعب من اتخاذ القرار بشكل عقلاني وما زاد هذه العقلانية هو أن الناخب الإيراني قد أمعن النظر في اختيار مرشحه وبالتالي تحولت الانتخابات إلى ملحمة سياسية بعد أن تأسى الشعب بخطابات قائد الثورة الإسلامية وأدرك أهمية المشاركة الواسعة التي لها تأثير بالغ على كرامة الوطن واقتداره وأمنه. وعند تحليل آراء المرشحين نلاحظ بعض القضايا الأساسية بشكل مشهود مثل العقلانية في طرح البرامج الخاصة لحلحلة المشاكل التي تعصف بالبلاد والابتعاد عن النقاشات غير المجدية حول أصول نظام الجمهورية الإسلامية واجتناب كل أمر سلبي تجاه الطرف المقابل. فالمرشحون قد أدركوا القضايا التي لها الأولوية في استئصال المشاكل الاقتصادية بما في ذلك التضخم والبطالة ولم يعيروا أهمية للنقاشات التي لا جدوى منها كما حدث في الانتخابات السابقة، حيث وضعوا برامجهم ومشاريعهم أمام الرأي العام. ومن الجدير بالذكر أن كل مرشح كان يعكس وجهة نظر حزب أو تيار سياسي أو اجتماعي معين وأبناء الشعب بدورهم امتلك الخيار التام في انتخاب مرشحيهم. ومن المواقف الخالدة في الدورة الحادية عشرة للانتخابات الرئاسية في إيران تتجسد في رسائل التهنئة المتوالية التي بعثت إلى الشيخ حسن روحاني من قبل المرشحين الآخرين والتي نشرتها وسائل الإعلام، وعلى الرغم من أن الدكتور محمد قاليباف الذي حاز على المرتبة الثانية كان له الحق القانوني في المطالبة بإعادة فرز الأصوات إلا أنه لم يفعل ذلك. وبالطبع فإن هذه المسائل لو كانت قد حدث قبل أربعة أعوام لتجنبت البلاد إهدار نفقات طائلة، فالعقلانية في الانتخابات واحترام نتائجها قد رفعت من مستوى المنافسة السياسية بشكل عقلاني لذا يمكن القول إن الدكتور روحاني تمكن من إحياء جانب من الثروة الاجتماعية إذ إن الأعداء إبان السنوات المنصرمة قد بذلوا قصارى جهودهم لزعزعة ثقة الشعب بالانتخابات وبالمرشحين أنفسهم. ومن الخطأ بمكان ادعاء أن انتخاب الدكتور حسن روحاني يعني التصويت على الفكر المناهض لحوار العدالة والتطور والمقاومة وكرامة البلاد، كون الدكتور روحاني يؤمن بالعدالة وضرورة تطوير البلاد وكرامتها ويؤمن بالمقاومة إلا أنه يرى أن المبدأ الأخير إنما يتحقق عن طريق التدبير والعقلانية ويعتقد أن تغيير الأساليب المتعبة لا يعني تغيير المبادئ والأصول الثابتة. وكذلك فإن مطالبة الشعب بتغييرات اقتصادية لا تعني تغيير خطاب الكرامة والعدالة والتطور، وهذا ما يدركه الرئيس الذي انتخبه هذا الشعب. /2608/