صلاح السقلدي القدس العربي – إلى متى سيظل الغرب يتخذ منا نحن العرب أدواة طيعة ينفذ من خلالها كل ما تحتويه اضباراته وأجندات سياسته التي لا تنتهي ولا تطوى؟ فالمتابع اليوم لما يجري بمنطقة الشرق الأوسط من تدخلات غربية بالشأن الخاص بهذه المنطقة لاشك بأنه سوف تعتريه حالة من الدهشة وتتملكه نوبة من الاستغراب؛ لا لهذا التدخل المستمر وحسب، بل لحالة الاستكانة والخنوع الذي تسيطر اليوم على الحكام العرب من مشرق بلادهم حتى مغربه. أطرف ما بأمر هؤلاء الحكام، ان كان يوجد لديهم شيء من الطرافة، هو حالة الشعور بالعزة والأنفة المفتعلة أصلا حيال التعاطي مع سياسة إيران بالمنطقة (كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد) وكيف يستنهض الحكام العرب كل نخوتهم ويستأسدون ازاءها وهم الثعالب المستكينة تجاه (ماما أمريكا) و(بابا إسرائيل) وما يعملانه بحق شعوبهم، وما كل ذلك إلا ليقينهم انهم بحمى تلك البوارج والغواصات. يفلق رؤوسنا الإعلام العربي وخطب حكامه بحديثهم الذي أصبح مملا عن الخليج العربي وحق العرب بانتساب هذا الخليج الى اسمهم العربي لمواجهة التسمية الفارسية له. لا نعرف ما الجدوى أن يبقى هذا الخليج عربي الاسم غربي الاستخدام؟ نقولها بألم مرير ان الحكام العرب أصبحوا غير مؤتمنين أصلا على حياة شعوبهم بالبر فكيف لا يكون حديثهم عن الخليج العربي مجرد سد عورة مكشوفة تساقط عنها ورق التوت أمام هذه الشعوب؟ وأصبحت إيران للأسف الشديد هي الأحق بحماية هذا الخليج و(تفريس) اسمه أيضا؛ بعد ان غسل الحكام العرب ايديهم من هذا الخليج الحيوي المهم حتى اصبحت مياهه مرتعا للبوارج العربية القادمة عبر الممرات العربية والمعرجة على موانئه للتزود بالوقود واستعراض عضلات القوة. إذن لقد فتحت الحكومات العربية اراضيها ومياهها لراعي البقر الأمريكي القادم من خلف المحيط؛ وأصبحت إيران بمواقفها الثابتة المقاومة لقوى التسلط والهيمنة بالمنطقة هي الأجدر بامتلاك هذا الخليج الحيوي، على الرغم من محاولة ذلك الغرب صنع بعبع الخطر الشيعي على دول المنطقة بعد أن قضى وطره بفزاعة الخطر الشيوعي لعقود كثيرة مرت منذ منتصف القرن الفارط الى مطلع القرن الحالي. تحضرني هنا حكاية طريفة سردها الكاتب العربي الكبير أنيس منصور باحد مؤلفاته وما أكثرها؛ يقول فيها بما معناه: انه في القرن الماضي وأثناء مؤتمر للأدباء العرب بدولة الكويت اعتلى منصة المؤتمر الشاعر والأديب اليمني الشماحي إن لم تخن الذاكرة بهذا الاسم؛ وألقى قصيدة بعنوان: (من المحيط الأطلسي إلى المحيط الفارسي)؛ فضجت القاعة مستنكرة هذه الاستهلالية المستفزة للشماحي؛ قائلين له: (إن هذا الخليج عربي وليس فارسيا وهو أيضا ليس بمحيط يا شماحي..)؛ فكان رد الشماحي بكل برود: (بل لقد صيّرهُ كرمكم فارسيا وحوّلهُ سخاؤكم محيطا...) لا تعليق لا تعليق؛ اترك لك قارئي الكريم حرية الحكم بين الشماحي وبين معارضيه وبيننا وبين حكامنا في بلاد العُرب التي هي أوطاني.