إذًا فقد حدثَ! "الولاياتالمتحدةالأمريكية" تعلن أمام "مجلس الأمن الدولي" التابع للأمم المتحدة تأييدها لافتتاح مكتب ل"طالبان" في الدوحة استعدادًا أو تأهبًا لبدء المصالحة في أفغانستان!. ولأنها أمريكا ولأنه مجلس الأمن يقفز السؤال البديهي على الفور: هل تغيرت أمريكا أم تغيرت طالبان؟! هل تنازلت طالبان أم تنازلت أفغانستان؟!. والحاصل أنه طوال الأسبوع الماضي والأنباء الواردة من أروقة البيت الأبيض ودهاليز الأممالمتحدة تشير بوضوح إلى ثمة تغير كبير في النظر إلى "الحركة الجهادية" بمفهوم البعض، والجماعة الإرهابية بمفهوم البعض الآخر، حتى كان ما كان ووقفت روزماري ديكارلو مندوبة واشنطن الدائمة في مجلس الأمن لتعلن أن تحقيق المصالحة هو أفضل وسيلة لإنهاء العنف في أفغانستان! وأن مرحلة الانتقال السياسي في أفغانستان والتي ستشمل إجراء الانتخابات في العام المقبل ستكون فرصة تاريخية لتحقيق لحظة موحدة لجميع الأفغان، خاصة عندما يتم نقل السلطة سلميًا إلى الرئيس المنتخب الجديد!. صحيح أن روزماري عادت فقالت إن أمريكا ستقف بقوة مع النساء في أفغانستان لحماية مكاسبهن التي حصلن عليها بشق الأنفس! وصحيح أن جون كيري نجح في تهدئة الرئيس الأفغاني الحالي حامد قرضاي بشأن مسمى المكتب السياسي الذي تم تدشينه في الدوحة، لكن ذلك كله لا يلغي ولا يقلل من أهمية السؤال الكبير والملح لكل من عاصروا مثلي بدء تكوين حركة طالبان: من الذي تغير أو ما الذي تغير: أمريكا أم طالبان؟!. الإجابة السهلة تقول إن السياسة لا تعرف لغة الثوابت والمواقف وحتى المواثيق الدولية كما هو الوضع في الحالة الفلسطينية، ولأن ذلك كذلك فإن مصلحة الطرفين تقتضي ذلك.. أمريكا وقوات التحالف المنهكة هناك في جنوبأفغانستان، وطالبان التي تخرج من قائمة إرهاب وتدخل في أخرى!. والإجابة الشكلية أو سمها الرومانسية تقول إن ثمة تغيرات عديدة حدثت في خطاب طالبان "خطابات العنف والإرهاب والتخلف والرجعية وانتهاك حقوق الإنسان" إلى آخر التهم الجاهزة الحقيقية منها وغير الحقيقية فضلاً عن تنامي ضغط جماعات حقوق الإنسان الأمريكية فيما يتعلق بأفغانستان!. ومهما يكن من أمر فإن الشيء الثابت الآن هو أن المفاوضات مع طالبان ستبدأ بعد أيام خاصة بعد أن نجح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بإقناع "المسؤولين" في طالبان بتغيير أو حتى إلغاء اسم "إمارة أفغانستان الإسلامية" المعلق على مكتب الحركة في الدوحة واستبداله ب"المكتب السياسي لطالبان أفغانستان"!. الشيء المثير للضحك.. وشر البلية ما يضحك أن الرئيس الأمريكي أوباما يقول في برلين أن المسار السياسي لا يمنع استمرار "القتال" ضد طالبان، وفي المقابل ترد طالبان بقتل 4 جنود من الأمريكان، ويعلن وزير الدفاع الألماني من أفغانستان أثناء زيارته لقوات التحالف هناك تأييده لبدء مفاوضات السلام مع طالبان!. امتدادًا لذلك أو قريبًا منه يقول أوباما إن قرار التفاوض المباشر والمتواصل جاء بعد ان تعهدت طالبان بعدم السماح لإرهابيين بدخول أفغانستان، وبإشراك حكومة قرضاي في المفاوضات، وترد طالبان في بيان رسمي أنها "لا تريد أبدًا أن تؤذي دولًا أخرى داخل أراضيها" في إشارة واضحة إلى أن هجمات 11 سبتمبر 2001 لن تعود!. لقد جاء الإعلان عن قرب بدء المفاوضات الأمريكية الطالبانية بحضور الحكومة الأفغانية لتعيد للأذهان ما جرى وما كان حين اتفق الرئيس الأسبق برهان الدين رباني مع الشيخ عبدرب الرسول سياف على دعم طالبان مؤقتًا للتخلص من نفوذ حكمتيار.. فلما قويت الحركة استدارت على رباني وكل من وقف في طريقها بدءًا من أحمد شاه مسعود وانتهاء بعبدالرشيد دوستم!. بقي أن نشير إلى أن بدء المفاوضات لا يعني بحال الحكم بنجاحها، وفي ذلك يكفي أن نقول أنها مفاوضات بين جهة تدرج الأخرى في قائمة الإرهاب، وجماعة لا تطيق ذكر مصطلح "ديمقراطية"!. لقد انطلقت طالبان "جمع طالب في لغة البشتو" قبل 19 عامًا يوم أن ثار الملا محمد عمر لخطف واغتصاب فتاتين في قندهار آمرًا بشن عملية انتهت بشنق قائد عملية الاختطاف والاغتصاب وحين كانت أسماء بحجم رباني، ومسعود، وحكمتيار، وسياف، ودوستم، ويونس خالص، ومحمد نبي، تبدأ في الأفول، استيقظ العالم على من يدقون بقوة على أبواب "كابل".. الملا عمر، محسود، رحماني، حقاني، متوكل، عبيدالله، عبدالقديري محمد يضم، زمان.. هل بات من الممكن أن أقول الآن أنني أعرفهم والتقيت بعضهم مثلما التقيت وحاورت مسعود وسياف وحكمتيار أم أن ذلك "حرام" عفوًا "محرم".. إيه.. دنيا!. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain