د. عبد العزيز حسين الصويغ أثارني خبر قديم احتفظت به بين الأخبار الغريبة التي قد أرجع إليها لاحقاً، حيث رأيت فيه جانباً غريباً من النفس الإنسانية التي مازالت تُشكل لغزاً لعلماء النفس والاجتماع. كان عنوان الخبر الذي نشرته صحيفة الرياض في 22 نوفمبر 2009م : "خمسيني يحتفل بزواجه الثاني بعد مرور 24 ساعة على وفاة زوجته الأولى"؟! وكانت الزوجة المتوفاة قد أدخلت العناية المركزة بعد صدمتها بخبر خطبة زوجها، غير أن هذا لم يثنه عن المضي في إجراءات زواجه بل استغل الزوج هذه الفرصة ليحدد موعد الزفاف دون أن ينتظر مصير زوجته وصادف الموعد بعد وفاتها بساعات، في حين أتم العريس مراسم الفرح بزواجه الجديد في موعده المحدد رغم توافقه مع حالة الحزن والعزاء التي يعيشها أبناؤه وأسرة زوجته الأولى؟! *** ورغم أن الرجل لم يُطلق زوجته بل تزوج عليها ثانية، وهو أمر ليس فيه خروج عن استخدام حقه الشرعي في الزواج، فإن تصرفه حظي بقدر هائل من تعليقات القراء وصلت إلى 364 تعليقاً، ترحموا على الزوجة وانتقد معظمها الرجل ووصفوه بأوصاف كثيرة أقلها خائن للعشرة، وجاحد، ومريض، وقاسي القلب، وعديم الإحساس، وقد اخترت من بين هذه التعليقات بعضها: - [آآآه يالنذل ومين المهبوله اللي ترضى تتزوج واحد معدوم الإحساس والإنسانية الا وحده مثل طينته ما أقول الا الله يرحمها ويصبر أولادها بس] - [مريض الله يشفيه بس المسكينة الزوجة الثانية كيف بيكون وضعها مع عياله بتكون ضحية حماقة زوج عديم الإحساس] - [ياحريم اهتموا بأنفسكم وادرسوا وتوظفوا وجمعوا فلوسكم ,رجال هالوقت مالهم أمان شوفوا وشلون غدر بالمسكينة زوجته هي في العناية تحت الأجهزة والرجال راح يتزوج حتى ماراعى شعور عياله ..رجال هالوقت مشافيح حريم ,راحوا الرجال اللي عليهم الكلام ,أما رجال الزمن هذا مالت عليهم] - [حسبي الله مو كافي انها دخلت العناية بسببك تتزوج اول ماتوفت والله الرجل مايستاهل انك تضيعي عمرك من شانه اذا أعرس اتركيه ودوّري غيره ضاقت..] - [للأسف..كيف تثق الزوجة الثانية بهذا الرجل اللي ما عنده خوف من الله ولا ضمير ولا إنسانية ... والله انا لو من زوجته الثانية لأخاف ،اللي ما عنده رحمه ينخاف منه] *** يقول المثل: "العشرة ماتهون إلا على الكافر، أو ابن الحرام". فسبحان الله الذي نزع الأحاسيس من بعض البشر، فحين تجف داخلَ النفس الإنسانية عاطفة الإحساس بآلام الآخرين وحاجاتهم، وتحل القسوة بالقلوب فتمسي مثل الحجارة التي لا ترشح بأي عطاء، أو أشد قسوة من الحجارة؛ لأن من الحجارة ما تتشقق قسوته الظاهرة فيندفع العطاء من باطنه ماءً عذبًا نقيًا، ولكن بعض الذين قست قلوبهم يجف من أغوارها كل أثر للفيض والعطاء. وصدق الله تعالى حين خاطب بني إسرائيل فقال: }ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{ [البقرة:74]. نافذةصغيرة: [[سبحان الله كيف تقسو قلوب بعض المسلمين حتى رأينا بعضها قد أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة وسبحان الله كيف تغيض المودة والرحمة من قلوب بعض الأزواج وقد جعلها الله تعالى آية من آياته، ودليلاً من دلائل عظمته فقال سبحانه: }ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون{ .]] د.محمد عبده يماني – رحمه الله. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain