وكأنه راغب في أن يحصل منها علي حقوقه المحروم منها منذ ست سنوات حسب عقد نكاح أو استرقاق أبرمه اصحاب الورث أو التكية والعزبة, هكذا يبدو اسلوب ومنطق المسئولين الحاليين في التعامل مع قناة دريم الفضائية المصرية. منطق الوارث لصك استعبادنا إعلاميا نحن المواطنين المصريين انه منذ عام1934 سيطرت حكومة ملك مصر والسودان- آنذاك- وبمباركة الاحتلال الانجليزي علي كل أثيرنا وتردداتنا ومحطاتنا الإذاعية الاهلية والشعبية الناشئة في مصر ليتم التحكم المركزي فيها بمنطقة الشريفين في القاهرة علي بعد خطوات من قصر عابدين ولتنطق باسم مدينة الحاكم دون باقي مدن البلاد المتحضرة: هنا القاهرة! ثم جاء حكامنا العسكريون لينشئوا لأول مرة في تاريخ وزارات مصر التي تعود لعام1870 وزارة للإعلام في نوفمبر1952 بمسمي وزارة الإرشاد القومي وفي عهد السادات جري تخصيص وزارة كاملة للإعلام في عام1970 ثم جاء مبارك لينشأ بعد عام من توليه التركة اتحاد الاذاعة والتليفزيون مسلما إياه في عام1982 وبأيدي الشريف عصمتنا الإعلامية!. حين ضاق الخناق علي الناس من احتكار حكامهم لكل قنوات بلدهم الاذاعية والتليفزيونية التي تردت منذ الثمانينيات مثلما تردت كل أوضاع مصر وضاق مبني ماسبيرو علي ساكنيه وعلي المكاتب المحيطة به والتي مدت سلوكها الي المبني لإرسال تقاريرها ومقابلاتها, ومع انتشار أطباق الفضائيات علي الأسطح المصرية تخرج لسانها لاحتكار صور الحاكم وتلتقط اخبار وبرامج قادمة من خارج مصر ومتحدثة عنها, لم يعد كثيرون يأبهون بالمبني الاحتكاري السلطوي في ماسبيرو الذي فقد دوره كبيت الزوجية الوحيد لمن يريد الدخول في طاعة الحاكم وسمعه وبصره. في عام ألفين, وبعد نحو عشر سنوات من نجاح وجاذبية القنوات العربية الفضائية الموجهة من روما ولندن ثم بعد أربع سنوات من القصف الفضائي الاعلامي للجزيرة من الدوحة رغم صغر مبناها وقتها الأشبه بعلبة عود كبريت او ثقاب, اضطر الحاكم المبارك ان ينشئ بيت طاعة اخر في أقصي المدينة بعيدا عن بيت الزوجية الاصلي بماسبيرو ليستخدم مع زوجاته الجديدات احدث تكنولوجيا وتقنيات العصر وبهرجته الفضائية وسمح في تلك المنطقة التي اسماها بالمنطقة الحرة ببعض الحرية الاعلامية اعترافا منه بالحق ان باقي البلاد ليست حرة. وأشبه بمن يريد ان يأكل من ثدي جواريه ولو اسماهن ب الحرة سمح الحاكم لمن تريد من القنوات ان تبيع هواها ان تستأجر هواءه الفضائي وتمارس قدرا من حريتها غير مسموح به في بيت الزوجية او مع ام العيال في ماسبيرو حتي تعيد جذب المواطنين وتبعدهم عن إغراءات القنوات العربية أو الاجنبية التي تبث من الخارج طالما انه سيتم مراعاة الحشمة السياسية فيما يتعلق بمن في يده العصمة. وحتي لا يبدو الحاكم المالك الوحيد لبيت الطاعة حرص ان يمتلك فقط نسبة45% باسم الزوجة الاولي: اتحاد الاذاعة والتليفزيون ودخلت بعض بنوكه وهيئاته بجزء آخر يضمن أغلبيته التصويتية ليبدو وهو يعلنها شركة مساهمة للانتاج الاعلامي ويطرح النسبة الاقل كأسهم في البورصة. بالطبع فخر لكل مصري أن تكون في بلده شركة مصرية لمدينة الانتاج الاعلامي يبلغ رأسمالها نحو ملياري جنيه, وبغض النظر عن ان هذه المليارات لم تحقق سوي عشرة ملايين جنيه ربحا في الأشهر التسعة الأولي من هذا العام اي اقل من اي سعر فائدة متواضع لمن يريد ان يريح نفسه من الادارة والتجارة ويودع ماله في بنك, وناهيك عن أن سعر سهم هذه الشركة انخفض في السنوات الاخيرة من اكثر من خمسين جنيها الي نحو ثلاثة جنيهات ونصف, ولكن يبقي السؤال بلغة المكسب والخسارة للبلد: لماذا تهدر الدولة أصولها ورأس مال مؤسساتها وبنوكها ومواطنيها في مشروع يبدو خاسرا وفاشلا اقتصاديا؟ ولماذا نحرم خزانة الدولة من كل الجمارك التي يتم اعفاؤها علي ملايين الأجهزة التي تستوردها القنوات والشركات الخاصة داخل المدينة بزعم انها منطقة حرة للاستثمار ناهيكم عن الاعفاءات الضريبية لأرباح الشركات الجديدة بها؟ إن آخر وأوهي حجة يمكن لمسئول ان يدافع بها عن اصراره علي عودة قناة دريم الي بيت طاعته الإعلامية فيما يسمي بالمنطقة الحرة في مدينة الانتاج الاعلامي هي دعوي الحفاظ علي المال العام وسيادة القانون! لان المعيار هو كم تدفع الشركات والقنوات المصرية خارج تلك المنطقة من ضرائب علي أرباحها او مرتبات العاملين بها لخزينة مصر مباشرة وليس بالضرورة لشركة تجارية لا تحقق ربحا يذكر للدولة رغم الاحتكار غير الدستوري الذي أعطاه النظام السابق لها؟ وماذا فعل اصحاب الضمائر الحية لمئات الملايين من الجنيهات التي حصل عليها أنصار جمال مبارك بأمر مباشر لاحتكار إذاعة خاصة في مصر بشكل يخالف العقد المستمر للآن وحتي بعد الثورة وبعلم الحكام الجدد؟. المطلوب ليس أن ينقلب الاعلاميون علي انفسهم بالمطالبة بالمساواة في القمع والظلم بينما يسعد الجلادون برؤية المذعورين وهم يختبئون في أركان بيت الطاعة ولو لإيجار غرفة كاتاوة لدرء الضرر او الابلاغ عمن هم خارج بيت الطاعة الاعلامي في مدينة أكتوبر. بل ما نريده المساواة في الحرية والعدالة قيما وممارسة وليست شعارا حزبيا. نريد اطلاق حرية المواطنين المصريين في بث إعلامهم وإرسالهم الفضائي والأرضي من أي بقعة في ارض مصر وليس في مكان بأسوار بصحراء اكتوبر حدده لنا نظام مبارك الذي حاول احتواء الإعلاميين الذين فروا من بيت الزوجية الاصلي في ماسبيرو لتحدد اقامة عملهم في مدينة الانتاج الاعلامي. إن استمرار التعامل مع الإعلاميين وكأنهم سحرة فرعون او باعة الهوي المطلوب تحجيم اماكن عملهم وكأنهم يبيعون أجسادهم في اماكن محظورة علي الصغار والصالحين ربما يكون سبب استمرار ممارسات الأنظمة السابقة السالبة لحرياتنا الإعلامية. المطلوب ان تمتلئ احياء القاهرة وكل مدن وقري مصر بمحطات الاذاعة والتليفزيونات الأرضية والفضائية. لتكن لقنواتنا ما لصحافتنا من حرية التنقل في مصر, وبالتالي يحق لقناة مصر25, وليس فقط دريم, ان تكون خارج أسوار مدينة أكتوبر مثلما يسمح لزملائنا الصحفيين في الأهرام والمصري اليوم والحرية والعدالة والصباح ان تصدر وتطبع في أي مكان بمصر. فلنتكاتف للخروج جميعا من بيت الطاعة الاعلامي فيما يسمي بالمنطقة الحرة الي رحاب مصر; وليس بالحصول علي مهلة وقت للعودة الي الاسر; حتي ولو دفعنا أموالا أو غرامات لنعتق قنواتنا او نخلع انفسنا من رقبة الأسر فلا سيادة لقانون ظالم ولو ادعي البعض أنه أشبه بعقد نكاح لا يخالف شرع الله, فردنا انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق بقبول هذا الاسترقاق. يا حكامنا الجدد: متي استعبدتم الناس وقد ولدتنا هذه الثورة أحرارا ؟