«اقرأ».. هي أولى كلمات القرآن الكريم التي نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك تعتبر القراءة أمراً سماوياً وطريقاً للمعرفة ينير للجميع سبيلهم في الحياة على اختلاف توجهاتهم وثقافاتهم، وهو ما جعل من القراءة هواية محببة للكثيرين وظلت فترات زمنية طويلة واحدة من أرقى الاهتمامات التي يتوجه إليها الناس، غير أنها الآن صارت نسياً منسياً في ظل تعقد الحياة الحديثة وتعدد الانشغالات، فضلاً عن ظهور وسائل متطورة وجذابة استقطبت الكثيرين وفتحت المجال واسعاً لهوايات جديدة هزت عرش القراءة وجعلتها في غير المكانة التي تستحقها؛ إلا أن إمكانية استعادة القراءة لمكانتها قائمة باتباع جملة من الخطوات تبدأ بتشجيع الطفل على ممارستها وتنتهي بجعلها عادة يومية. نظرا لأهمية القراءة في دعم شخصية الإنسان وإكسابه معارف وخبرات متنوعة، حرصت «الاتحاد» على تحري أسباب عزوف الناس عن القراءة، وكيفية تحفيزهم على ممارسة هذه الهواية المفيدة، وتوضيح أهمية القراءة وأثرها النافع للفرد والمجتمع. في هذا الإطار، اقترحت خبيرة التنمية البشرية الدكتورة نوال الكتاتني خريطة طريق تتضمن عددا من الآليات والخطوات التي تسهم في التشجيع على القراءة، واستغلال المناسبات والفرص لحض الأطفال على ممارسة القراءة ما يعيدها إلى مكانتها اللائقة. أسباب العزوف حول أهمية القراءة، قالت الكتاتني إن القرآن الكريم يوضح أهمية القراء، ولذا جاء أول خطاب إلهي وجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه دعوة إلى القراءة والكتابة والعلم، لأنه شعار دين الإسلام «اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم» (العلق 3-5). وتأثر الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم بهذا الأمر وانكبوا على قراءة العلوم وفروعها ومناحيها المختلفة، وكان لهم إسهامات فعالة في إثراء مختلف العلوم وتطوره. وعن أسباب عزوف الناس عن القراءة، أجملتها الكتاتني في الافتقار إلى معرفة فوائد القراءة، وضعف الهمة والعزيمة والإرادة، وضعف المعرفة بكيفية القراءة والمطالعة، والانشغال بالأمور الحياتية الهامشية على حساب الأهم، وضعف تنظيم الوقت وإدارته بشكل متميز وفعال، وضعف وجود الحوافز المادية والمعنوية. واستعرضت الكتاتني أهمية القراءة في صياغة شخصية الفرد، وإكسابه خبرات ومعارف جديدة، وتنمية الشخصية، وتوسيع مدارك الفرد ورؤيته الشاملة للحياة، مبينة أن القراءة تعمل على التكيف الشخصي للمتغيرات السريعة والمستحدثات العصرية، واكتساب الآراء والأفكار والخبرات، وإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية، وتنمية الفكر والوجدان والعاطفة، والقراءة ترفع الفرد فوق الاهتمامات اليومية، وهي تكسر الحواجز بينه وبين البشر، فنجده يتفاعل مع أفكارهم، إذ أن القراءة فرصة لمعرفة الآراء والأفكار والتعبير ما يقرأ ويبدي ملاحظاته وآرائه فيه، وهي أداة للتميز والتفوق التحصيلي، كما إنها من أهم الوسائل التي تنقل ثمرات العقل البشري، وتنمي وتنشط القوى الفكرية، وتهذب الأذواق، وتشبع حب الاستطلاع النافع، القراءة تجعل للفرد قيمة عالية في المجتمع. ... المزيد