الثمانية والأربعون ساعة التي منحها وزير الدفاع للرئيس المصري والقادة السياسيين للاستجابة للمطالب الشعبية كانت لتفهم على أنها الساعات الأخيرة من عمر حكم الإخوان المسلمين في مصر بعد انتظار أكثر من سبعين عاماً ليحكموا واحداً من أكبر وأهم الدول العربية. تحليل خاص – بيروت (فارس) وصفت المعارضة تجربة حكم الرئيس محمد مرسي بالفشل والاستبداد وتهميش الفئات الأخرى ومحاولة "أخونة" الدولة وتعريض أمن مصر القومي لأخطار كثيرة. هي تهم كبيرة كانت مبرّراً كي يقوم وزير الدفاع قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بانقلاب عسكري على الرئيس مرسي، مدعوماً بتظاهرات مليونية من المعارضة، وبغطاء سعودي – إماراتي صريح وتواطؤ أميركي ضمني. كان موقف القوات المسلحة المتمثلة بالجيش والحرس الجمهوري والشرطة وقوى الأمن في التعاطي مع المتظاهرين، ومنذ رفض قائد القوات المسلحة تنفيذ قرار مرسي باعتقال بعض عدد من الإعلاميين والسياسيين المعارضين لمرسي، واضحاً منذ بداية الحراك الشعبي المصري في الثلاثين من يونيو لإسقاط حكم الإخوان، الذي يشكل في نظرهم خطراً أكبر على مستقبل مصر ودورها العربي والقومي الريادي. وفي مواجهة الملايين المحتشدة في الشارع، جاءت دعوة الرئيس المصري للحوار في الربع الساعة الأخيرة قبل انتهاء المدة التي منحه إياها وزير الدفاع للحل، مبادرة ضعيفة وفارغة وغير مرضية لم تلق قبولاً من المتظاهرين، ليأتي بعدها قرار خلع الرئيس الإخواني والبدء بالتخطيط بين القوات العسكرية والحركات والقوى المعارضة للمرحلة الانتقالية بتعيين رئيس مؤقت للبلاد وتشكيل حكومة انتقالية تضم كافة الفئات السياسية وتأتي ملبية للمطالب الشعبية. خُلع الرئيس، وبدأ التخطيط للمرحلة الانتقالية لتحديد المرحلة التالية بكل دقة، مع دعوة المتظاهرين إلى عدم إخلاء الميادين خوفاً من العودة للوقوع في الأخطاء التي أدت إلى خسارة ثورة 25 يناير والتي كانت السبب بضياع الربيع المصري بانقضاض الإخوان المسلمين على الثورة واستيلائهم على الحكم، بحسب ما تقول المعارضة. لكن تأثير خلع مرسي لم يقتصر على الشارع المصري فحسب، بل له تأثير واضح على مجمل الدول العربية، وبخاصة على سوريا. فبعدما أعلن مرسي قطع العلاقات مع سوريا وإقفال سفارتها في القاهرة، إرضاء للسلفيين ولدول في الخليج الفارسي، وبضغوط من الشيخ يوسف القرضاوي، مهدداً بمساعدة المعارضة السورية المسلحة عسكرياً، وهو إعلان إعتبره الجيش المصري تجاوزاً للخط الأحمر، وتهديداً للأمن القومي المصري. المعارضة السورية في الخارج، وخصوصاً الإخوان المسلمون، يشعرون بتأثير هذا التغيير في مصر على وضع المعارضة سياسياً وعسكرياً ونفسياً. وأول انعكاسات هذا التغيير خسارة مرشح الإخوان المسلمين وقطر في انتخابات الائتلاف الوطني للمعارضة السورية وفوز المرشح المدعوم من السعودية، شيخ عشيرة شمَر احمد العاصي الجربا برئاسة "الائتلاف"، على منافسه مصطفى الصباغ الذي تدعمه قطر، وخروج الأخير من الأمانة العامة للائتلاف. مصادر في "الائتلاف" ربطت بين نتائج الانتخابات والتغييرات الحاصلة في مصر بخسارة «الإخوان المسلمين» نفوذهم فيها، حيث شعر العلمانيون بأنهم في موقف سياسي أفضل، خاصة بعد توسيع "الائتلاف" ليضم 22 شخصية علمانية و14 من الحراك الثوري و15 من "الجيش الحر". الرئيس السابق لحزب الكتائب اللبنانية، الوزير السابق كريم بقرادوني أكد في حديث خاص لوكالة فارس، أنّ من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها الرئيس المصري السابق محمد مرسي أنه أخذ موقفاً ضد النظام السوري، ما أتاح المجال للجيش المصري أن يعتبر أنّ الحكم الإخواني يشكل تهديداً للأمن القومي المصري. ورداً على سؤال عن كيف سيؤثر سقوط الرئيس مرسي على الصراع الدائر في سوريا، علّق بقرادوني بالقول: "غياب الإخوان المسلمين عن الحكم في مصر سيؤدي الى إضعاف الإخوان المسلمين في سوريا وهذا من شانه أن يلعب لصالح النظام في سوريا ويقدّم ورقة إيجابية جديدة لصالح الرئيس السوري بشار الأسد". من جهته، أكدّ الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان فايز شكر أنّ في حوار خاص مع وكالة أنباء فارس أنّ ما حصل في مصر سيؤثر إيجابياً على سوريا "لأنّ القضاء على المشروع الإخواني المصري يعني القضاء على المشروع التكفيري الذي يقاتل النظام في سوريا، خاصة إثر التقدّم في الميدان السوري وانتصار مشروع الدولة". وأضاف: "إنّ سقوط حكم الإخوان أمّن ورقة ايجابية لمصلحة الشعب السوري ينطق بها الرئيس الأسد". لكن ما هو تأثير سقوط حكم الإخوان على حركة حماس؟ الوزير شكر رأى أنّ حماس ستعود الى محور المقاومة إثر الأحداث الأخيرة، وهي مضطرة الى العودة إلى مساحة المقاومة التي صنعت عزة للفلسطينيين وأمنت ضربات متتالية للعدو الاسرائيلي، "إلاّ اذا أرتأت حماس أن مصلحتها تكون مع الاسلام السياسي المتطرف". وعما إذا كان سيقبل الرئيس السوري والشعب السوري عودة "حماس"، أجاب شكر: "في رأيي، الرئيس الأسد لا مشكلة لديه أبداً، ففي النهاية كل من يوجّه بندقيته الى العدو الصهيوني لن يكون لأحد مشكلة معه". أما الوزير بقرادوني فرأى أن حركة حماس قد "شردت عن خطها الوطني في الفترة الأخيرة، وكنت أتوقع من وجهة نظري أن تواكب موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجهة عدم التورط في الصراع والبقاء على الحياد الإيجابي". وأضاف: "أمّا وأنها أخذت موقفاً معادياً للنظام السوري وتحالفت مع أعدائه في الخارج وخاصة قطر، لذلك فإنّ عودة حماس الى سوريا لن تكون مقبولة بعد اليوم لا من قبل النظام ولا من قبل الشعب السوري". لا شك أن قطاع غزة هو الضحية الأولى للتغيير في مصر حيث اشتد الحصار على القطاع واشتد التضييق على معبر رفح وتقليص عدد العابرين وصولاً إلى إغلاق السلطات المصرية المعبر بشكل كامل منذ يوم الجمعة الموافق 5/07/2013. كما أغلقت السلطات المصرية الأنفاق بين مصر وغزة وقفاً تاماً يوم 26/06/ 2013 ما تسبب في نقص حاد في إمدادات الوقود والمحروقات، والوقف التام لاستيراد مواد البناء ولا سيما الحديد والإسمنت التي تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى قطاع غزة في إطار الحصار الشامل الذي تفرضه على قطاع غزة. / 2811/