كتب الخبير الإيراني في الشؤون الدولية "مصطفى كرمي" في تحليل له أن الإخوان المسلمين لم يستطيعوا إيجاد تغيير أكثر مما أحدثته الثورة المصرية وقد ووجهوا بردود أفعال شديدة في أول خطوات بعد استلامهم السلطة كإجراء الاستفتاء الدستوري وعزل النائب العام وتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية ما أدى إلى استياء من أداء محمد مرسي قاد إلى تظاهرات الثلاثين من حزيران وعزل الأخير على يد الجيش. طهران (فارس) وحول دواعي فشل الإخوان المسلمين أحصى كرمي مجموعة من الأسباب أولها أنهم لم يكونوا الحركة التي أشعلت فتيل الثورة، ليس هذا فحسب بل لقد وقفوا في البداية موقف المتفرج على الأحداث قبل أن ينخرطوا فيها. وعبر التنبيه إلى تحفظ حركة الإخوان على نشاطات حركة "كفاية" التي انبرت لمعارضة النظام السابق عام 2005 ذكر المحلل أن الإخوان وعلى الرغم من تاريخهم العريق لم يستطيعوا البقاء في الصدارة ساعة الأزمة وأضاف: "لم تكن قوة الإخوان ومشروعيتهم عل الصعيد السياسي والاجتماعي في المستوى الذي يؤهلهم للظهور كقوة بارزة في الخارطة السياسية المصرية". واستمرارا في عرض الأسباب أشار التحليل إلى أنه على الرغم من التنظيم الذي تتمتع به حركة الإخوان وما لها من نفوذ في المجتمع المصري إلا أن القسم الأعظم من مواليها لا يمتلكون الاستعداد للظهور كقوة ناشطة مما يقلل من قدرة الحركة على تحريك الشارع المصري. وعبر استعراضه لمطالبات الثورة المصرية من إسقاط النظام الدكتاتوري واستبداله بنظام ديمقراطي قانوني مدني يحترم التعددية وحقوق المواطنة أضاف المحلل: "لم ترتكز الثورة المصرية أساسا على ايديولوجية الإخوان المسلمين كي تمنحهم مشروعية تحقيق أهدافها، إذ لم يشكل الإخوان سوى جزءا من فصائل الثورة". وإشارة إلى الدور الحيوي للقيادة في الثورات وعدم قدرة الإخوان على الإضطلاع بهذا الدور قال كرمي: "في الوقت الذي لم يقد ثورة 25 يونيو شخص أو حزب معين بل كانت تُوجَّه عموما من قبل شبان عبر المواقع الاجتماعية لم يتمكن الإخوان توظيف هذا العنصر، الذي كان يمكن أن يمدهم بالقدرة والمشروعية، بالشكل الصحيح". وفيما يتعلق بالتركيبة الاجتماعية نبه التحليل لتنوع المجتمع المصري اجتماعيا وثقافيا ودينيا وتشكيل المسيحيين حوالي 10% من سكان مصر ووجود الأحزاب العلمانية والليبرالية والناصرية القومية وتفشي نزعة الحداثة بين المسلمين من المصريين ذاكرا: "حتى بين الشرائح المتدينة فالإخوان لا يشكلون القوة المؤثرة الوحيدة فهناك جامعة الأزهر ذات الرؤية المحافظة أيضا". وفي إشارة لكرمي إلى السلفيين والتكفيريين الذين دعموا الإخوان تارة على الرغم من اختلافهم معهم فكريا وعارضوهم تارة اخرى حيث دعم حزب النور تدخل الجيش في عزل مرسي أردف قائلا: "هذا يعني أن الإخوان المسلمين لم يستطيعوا استقطاب قاعدة شعبية واسعة تدعمهم في تنفيذ ما يصبون إليه". وكسبب آخر ذكر التحليل أن ما حصل في مصر نتيجة الثورة لم يكن تغييرا بنيويا أساسيا بل انتقالا للسلطة من جماعة إلى اخرى وقال: "الثورة في مصر لم تمنح الثوار السلطةَ وجُلّ ما فعلته هو تهيئة البيئة لانقال السلطة من دون المساس بالمؤسسات السلطوية الجوهرية كالجيش والمؤسسة القضائية". وقال كرمي أنه في ظروف كهذه لم يكن لأي من القوى السياسية ومنها الإخوان القدرة على مواجهة العسكر مضيفا: "حتى بعد استحواذ حركة الإخوان على أغلبية البرلمان ومنصب رئاسة الجمهورية فبمجرد أن واجهت بعض المؤسسات السلطوية تحد ما أحست باقي القوى السياسية بالقلق من مساعي الإخوان المسلمين لتثبيت سلطتهم". كما ولفت التحليل في الختام إلى دور المشاكل الاقتصادية التي شكلت جانبا من أسباب الاستياء الشعبي ضد مبارك واضطرار الإخوان من أجل وضع الملف الاقتصادي في أولوياتهم إلى الكف عن إضعاف باقي المؤسسات السلطوية ما أدى إلى تقييد قدرتهم على إيجاد التغيير. /2819/