ثمانون يوماً .. استعرض فيها ثمانون عضواً في فريق العدالة الانتقالية، صفحات مطوية من كتب التاريخ اليمني المليء بالشموخ المقتات من عزة بسطائه الذين ينتفضون كلما اشتد عليهم الظلم. صراعات سياسية وإخفاء قسري وانتهاكات حقوق الإنسان، وقضايا ذات بعد وطني بما تحمله من مواضيع هامة تتعلق بالإرهاب والنازحين واسترداد الأموال والأراضي المنهوبة .. ملفات يصعب استيعاب جذورها في أيام معدودات، وهو ما راهن عليه الكثير. فريق العدالة الانتقالية استطاع أن يحقق الشيء الكثير رغم الغوص الحذر في أعماق بعض القضايا والعودة السريعة إلى الشاطئ حيثما يلتقي الجميع على مسافة واحدة يحرص كل منهم على نجاة الآخر. وبطبيعة الحال فإن بمثل صعوبة مواضيع العدالة الانتقالية، تكون صعوبة الحديث والكتابة عنها، تماماً كمن يبحث عن إبرة في كومة قش متراكم ، وما يدفع للكتابة عنها هو فقط الدافع الذي يبدو على أعضاء فريق العدالة الانتقالية برغم اختلاف مكوناتهم وأيدولوجياتهم، فالإصرار في انتزاع حلول تساعد على السير إلى الأمام رغم التأوهات تعد إشراقة أمل بأن البلاد ماضية إلى حيث أرادت أرواح الشهداء وأنات الجرحى الذين كانوا سبباً في إيصال الجميع إلى طاولة الحوار. المركز الإعلامي لمؤتمر الحوار الوطني استطلع آراء عدد من فريق العدالة الانتقالية لمعرفة آرائهم وتقييمهم لمسار العمل خلال الفترة الماضية ونظرتهم المستقبلية لما سيؤول عن الفريق من قرارات وتوصيات، وكانت الحصيلة كما يلي: رئيس مجموعة الإخفاء القسري بفريق العدالة الانتقالية الدكتور عبده غالب العديني أكد أن التقرير الذي تضمن قرارات وتوصيات ست فرق وتم قراءته في الجلسة الختامية، وتحديدا بالنسبة لفريق العدالة الانتقالية، كان ملبياً لقرارات الفريق وللجهد المبذول الذي قدمه خلال المرحلة السابقة. وقال :" تعتبر القرارات التي خرجنا بها قرارات إيجابية وهناك ارتياح تام من تلك القرارات التي صدرت حتى الآن". وأشار فيما يتعلق بالمرحلة الأولى لعمل الفريق بأن المجموعات المنضوية في إطار الفريق كان لديها خطط تفصيلية تم الاتفاق عليها، إلى جانب الخطة العامة للفريق، حيث عملت المجموعات على تنفيذ تلك الخطط بكل جهودها. واعتبر أن ما تم إنجازه يفوق 80% من القضايا التي تم الاتفاق عليها في إطار مجموعات العمل وفي إطار فريق العدالة الانتقالية بشكل عام. وأشار إلى أبرز ثلاثة قرارات تم إقرارها في المرحلة الأولى تتعلق بالصراعات السياسية والمدة الزمنية لهذا الفريق، وكذلك ما يتعلق بالإخفاء القسري وأيضا النقطة الأساس الأخرى وهي ما تتعلق بإعادة الإعمار والمسرحين والمبعدين وكذلك أيضاً هيئة استرداد الأموال والأراضي المنهوبة داخل وخارج الدولة والتي كانت من أهم القرارات التي عمل الفريق على خصوصها وتم التعامل معها بإيجابية. عضو مجموعة الصراعات السياسية هاني عبد الحميد كرد من جانبه أشار إلى أن تقييمه لأداء الفريق خلال الفترة الماضية وتنفيذ ما خطط له مسبقاً جيد .. مؤكداً أن هذا الإنجاز الذي حصل إلى الآن هو توافق الفريق بشكل عام باختلاف مكوناته وإن كان هناك بعض المعوقات التي أدت إلى تجاوز بعض الأشياء أو تأخير بعض الأعمال الناتجة عن خوف بعض المكونات من بعضها، إلى جانب الإرتباط الكلي بإملاءات المكونات، وكذا أزمة الثقة التي شعر بها أعضاء الفريق في بداية عملهم وتلاشت شيئاً فشيئاً. وأكد أن ما حقق في إطار عمل الفريق خلال الفترة الماضية إنجاز عظيم. فيما قال عضو مجموعة استرداد الأموال والأراضي المنهوبة محمد عبده مراد :" نحن نشعر بكل الرضى عن ما تم انجازه من خطة عمل الفريق وما تواقف عليه الفريق من قرارات وتوصيات والذي يعد انجاز كبير نعتز به وبعد مؤشر ايجابي لمستوى وعي الاعضاء المشاركين في الفريق واستشعارهم بالمسؤولية الوطنية لتحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني الذي ينتظر بفارغ الصبر من مؤتمر الحوار إخراج البلد من الأزمة الراهنة وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح ". وفيما يخص تقرير نتائج وتوصيات المرحلة الاولى أكد أنها كانت إيجابية وعبرت إلى حد ما عن هموم وتطلعات الشعب اليمني بكل مكوناته. وأشار إلى أن الصعوبات والعوائق التي واجهت عمل الفريق في بداية الأمر كانت تتمثل في تشدد بعض الاعضاء عند مواقفهم، إلا أن الجميع حقيقة استشعروا حجم وعظمة المهمة الوطنية الأمر الذي ساهم وفي التغلب على تلك المعوقات وتآلفت القلوب واصبح الجميع بمثابة أسرة واحدة .. معتبراً أن الفريق تجاوز المرحلة الصعبة وهي المرحلة الأولى من عمل المؤتمر. أما شذى الحرازي مقررة الفريق، فقد أكدت أن مستوى أداء الفريق كان بالنسبة للجميع مفاجأة لأنه من أصعب الفرق خاصة وأن المواضيع التي يتعاطى معها الفريق حساسة، وأن الفهم العام في الفريق للمواضيع المتطرق إليها لم يكن بالقدر المطلوب في البداية. وأشارت إلى أنه وبالقياس بعد مرور ثلاثة أشهر وإنجاز التقرير الذي قدم في الجلسة الختامية الثانية، وبالأداء العام فإن الفريق يتوجه نحو المسار الصحيح وأنه أكثر دقة في هذه المرحلة في الخوض في الموضوعات المتعلقة بالفريق في إطار زمني محدد. كما أكدت على أن تقرير المرحلة الأولى المتضمن قرارات ست فرق، ومنها العدالة الانتقالية جاء ملبياً جداً لتطلعات الفريق بحسب فرق العمل. وقالت :" في هذه المرحلة وبناء على الدور الذي نلعبه كفريق عدالة انتقالية، نحن قمنا بإرساء قواعد عامة للعدالة لم تكن موجودة من قبل بالعكس كانت قد تتناقض مع روح المبادرة الخليجية المبنية على الحصانة الذي نراها من وجهة نظرنا غير مشروعة بالأساس لكننا حكمنا التعامل مع المجرمين ومع من نهب البلد خلال الفترة الماضية بطريقة محددة هي أكثر عدالة أعتقد مما جاء في المبادرة الخليجية". وتبدو النائب الثاني لرئيس فريق العدالة الانتقالية علياء فيصل عبد اللطيف الشعبي، أقل تفاؤلاً من السابقين، إذ تشير إلى أن الفريق لم يبدأ بعد المناقشة المستفيضة في محددات قانون العدالة الانتقالية الذي يعد من أهم المواضيع المناطة بالفريق.. معتبرة أن القرارات التي خرج بها الفريق لم تلبي تطلعات الفريق بشكل عام . يوافقها الرأي عضو مجموعة الصراعات السياسية عبد الكريم الخيواني . ويشير إلى أن التقرير جاء مخيباً للآمال كونه أغفل الكثير من النقاط وأوجد الكثير من النقاط المختلف عليها بهدف تمريرها. وقال :" هناك محضر موقع من لجنة التوفيق ونواب الرئيس تم تعديل العبارة فيما يخص ضرورة الخروج بنتائج نهائية في قضية الجنوب وصعدة وبناء الدولة، ولا أدري إذا لم يخرج المؤتمر بنتيجة في بناء الدولة فماذا نتوقع". ولفت إلى أن مستوى الإنجاز لم يتم بالشكل المطلوب نتيجة الإرباك في الخطط التي نزلت من الأمانة العامة وبعض الإشكاليات الإدارية. ويختلف الأمر كلياً لدى عضو مجموعة استرداد الأموال والأراضي المنهوبة مانع المطري الذي قال :" بالنسبة لفريق العدالة الانتقالية رغم حساسية المواضيع التي تم مناقشتها إلا أنه استطاع وبعون الله أن يتجاوز الكثير من التعقيدات ومن التخندق الذي كان موجودا في بداية عمله". وأكد المطري أن الفريق استطاع أن ينجز خطته للمرحلة الأولى بكفاءة عالية وبنسبة مرتفعة جداً .. معتبراً ذلك النجاح بسبب المنهجية والأسلوب الذي اتبعه الفريق في عمله من خلال تجنب المواضيع الأكثر خلافية وترحيلها إلى المرحلة التالية التي سيختلف العمل فيها عن المرحلة الأولى بحكم التقارب والتآلف لأعضاء الفريق والاستيعاب الدقيق للمهام الموكلة إلى الفريق. وأشار إلى أن ما وصل إليه الفريق من قرارات تضمنها التقرير الذي تم قراءته في الجلسة الختامية، كانت موفقة وينبغي الإشادة بها . وقال :" أعتقد أن هذا هو الصواب فيما فعلوه لأنه يثمن دور الفرق التي عملت على مدار شهرين وحصلت على توافق في معظم القرارات التي وصلت إلى لجنة التوفيق". وبين أن كل الفرق لا تمر منها القرارات إلا بتوافق وفقاً للنظام الأساسي وبالتالي لا معنى لتأجيل بعض القرارات مثلما كان يطرح في الماضي .. معتبراً أن البيان الختامي الحالي سيحظى برضى شعبي واسع. عضو مجموعة الإخفاء القسري بفريق العدالة الانتقالية الأستاذ علي سيف حسن أشار إلى عدد من التصورات الخاصة بالمحددات المناطة بفريق العدالة الانتقالية. حيث أكد في هذا الصدد ضرورة صياغة النصوص الدستورية والقانونية المتعلقة بالحقوق والحريات بشكل عام بما في ذلك النصوص المتعلقة بالعدالة الانتقالية بصياغات واضحة ومحددة وغير قابلة للتأويل أو لتعدد التفسيرات وأن ينص في صلبها وبصورة قاطعة تجريم التفسير التعسفي أو التبريري لهذه النصوص من قبل الجهات الرسمية والقضائية أو من قبل العاملين فيها. ومن تلك المحددات أيضاً التأكيد وبصورة حاسمة وقاطعة على التزام الدولة بسلطاتها التشريعية والقانونية على حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وصون كرامتهم، وتعامل متساوي ومتماثل مع كل حالات الانتهاكات وحقوق الإنسان ومع كل الضحايا هذه الانتهاكات بما في ذلك المخفيين قسراً دون تمييز مكاني أو زماني سواء في الأولوية أو الاهتمام في جبر الضرر. وحول مبادئ العدالة الانتقالية التي يفترض أن يشملها قانون العدالة الانتقالية أشار في هذا الجانب إلى أهمية كشف الحقيقة واعتبار تحقيق ذلك مسؤولية حصرية على عاتق مؤسسات وهيئات وأجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وحق دستوري لكل المواطنين والمنظمات المدنية والحزبية، والاعتراف بالجرم دون تبرير والاعتذار المؤسسي عن كل الخروقات والانتهاكات لحقوق المواطنين وهدر كرامتهم بما في ذلك المخفيين قسرا والتعهد بعدم تكرار ذلك .