بوابة الشروق يحتدم الصراع على السلطة وأدواتها في دول التحول صوب الديمقراطية، فيما يقع الصحفيون ضحية استقطاب بين رجال الحكم القديم والجديد، ويصارع آخرون لتحقيق استقلالهم عن تأثير السلطة، بحسب إعلاميين شاركوا مساء أمس الأول في انطلاق مؤتمر "أريج" للصحفيين الاستقصائيين العرب في القاهرة. واكتسبت الجلسة الافتتاحية نكهة سياسية إثر جدال بين وكيل نقابة الصحفيين المصريين جمال فهمي، الذي وجه انتقادات لاذعة للحكومة الإسلامية في بلاده، وحازم غراب، مدير عام قناة "مصر 25"، ذات اللون الإخواني. في جلسة الحوار التي أدارها الإعلامي يسري فودة، نائب رئيس مجلس إدارة شبكة "أريج"، عبّر فهمي- الكاتب في صحيفة "التحرير"- عن خوفه مما وصفه ب"محاولة قيام نظام فاشٍ في مصر"، منتقدا قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة بخصوص الإعلان الدستوري وإقالة النائب العام. من جهته، رفض غراب الخوض في السياسة، مؤكدا أنه جاء للحديث عن مهنة الإعلام، لكنه استذكر صعود "مافيا وعدد من رجال الأعمال الذين ترعرعوا في عهد النظام السابق"، قبل وصول "قوى إسلامية فرضت وجودها" في الشارع المصري. ونفى في الوقت ذاته، أن تكون قناة "مصر 25" صوتا للإخوان المسلمين في البلاد.. وقال: "يجب ألا نكون مطايا لأحد، لا لسلطة ولا لرأسمال، بل خداما للرأي العام". وفي تقديمه للجلسة الحوارية عبر فودة عن شعوره ب"الإحباط واليأس" من حالة الصحافة العربية في مرحلة ما بعد الثورات.. وقال: "إن الصحفيين في مراحل التوتر يكونون أكثر عرضة للتأثر بانتماءاتهم الوطنية، الدينية والسياسية، مما يؤثر في تغطية الاضطرابات"، مضيفا "ينتابنا القلق وتؤثر فينا عوامل متعددة". لكن ألبرت شفيق، مدير قنوات "أون تي في"، كان أكثر تفاؤلا، إذ اعتبر أن ما يمر به الإعلام "حالة صحية" ستؤدي إلى المزيد من التوازن في نهاية المطاف. وكشف حازم غراب عن مساع لتأسيس مجلس وطني للإعلام في مصر للإشراف على الإعلام فيما يخص منح التراخيص وتنظيم الأداء ولانتزاعه من هيمنة الدولة، وللحد من انتشار المؤسسات الإعلامية ذات الملكية الفردية، والاستعاضة عنها بمؤسسات مساهمة عامة تخضع لرقابة الرأي العام بشكل مباشر، وتحرر الصحفي من القيود التي يفرضها المستثمرون في قطاع الإعلام أو أجهزة الدولة. رنا الصباغ، المديرة التنفيذية لشبكة "أريج"، قالت: إن الإعلاميين العرب "يحاولون تلمس حدود المسموح به وسط تشكيك من المجتمع في مصداقية الإعلام". وتحدثت عن إيجابيات، منها مشاريع قوانين لحرية المعلومات في عدد من الدول العربية، للحاق بالأردن، اليمن وتونس، التي أقرت تشريعات مماثلة في السنوات الأخيرة، كما عبرت عن تفاؤلها ب"جيل جديد من الصحفيين الشباب" المؤمنين بأهمية الصحافة الاستقصائية، المهنية والموضوعية. وتستضيف القاهرة لأول مرة هذا العام، مؤتمر شبكة "أريج" للصحفيين الاستقصائيين العرب بمشاركة قرابة 300 مشارك، بعد أن كان يعقد في العاصمة الأردنية منذ سنة 2008. تستمر فعاليات المؤتمر حتى مساء الأحد مع عشرات من جلسات الحوار وورش العمل تحت عنوان "تقصي أصحاب النفوذ: واجب الإعلام". جدير بالذكر، أن الشبكة منذ نشأتها عام 2005، دربت هذه الشبكة نحو 30 مشرفا، والعديد من أساتذة الإعلام في جامعات عربية، إضافة إلى 300 صحفي ميداني، كما أشرفت على إنجاز أكثر من 150 تحقيقا استقصائيا في مختلف وسائل الإعلام.