كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها عن نشاطات غير مسبوقة تقوم بها هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية لجمع بيانات عن اتصالات هاتفية عبر الانترنت للعديد من الدول. وقد نشرت هذه الصحيفة التي قامت خلال الاسابيع الاخيرة بافشاء النشاطات التجسسية لاجهزة الاستخبارات البريطانية تقريرا جديدا في 21 يوليو عن هذه النشاطات. لندن (فارس) وبحسب تقرير الغارديان فان هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية وفي اطار مخطط استخباراتي استغلت موضوع مرور اسلاك الالياف الضوئية المخصصة للاتصالات عبر اراضيها لتخزين كم هائل من البيانات الشخصية والحساسة التي تمر عبر هذه الاسلاك. ولم تقتصر نشاطات هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية على هذا المقدار، بل انها وضعت هذه البيانات في متناول نظيرتها الاميركية ايضا. يشار الى ان الهدف من هذا البرنامج كان تخزين وتسجيل ما يمكن من الاتصالات الهاتفية وبيانات الاتصالات الالكترونية بسرية وبدون علم الراي العام. وفي اطار هذا البرنامج الذي نفذ تحت عنوان "تمبورا"TEMPORA جرى تخزين كم هائل من البيانات والمعلومات التي تم التقاطها من الالياف الضوئية على مدى ثلاثين يوما وتحليلها بدقة. ويسمح برنامج تمبورا بتسجيل وتخزين المعلومات والبيانات وكذلك نشاطات ملياري شخص من مستخدمي الانترنت. وبتطبيق هذا البرنامج بات بامكان الاستخبارات الاميركية والبريطانية تسجيل المعلومات الشخصية للمواطنين على شبكة الانترنت. يشار الى ان هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية تقوم بالتجسس على المعلومات المتبادلة عبر اسلاك الالياف الضوئية التي تخص دول اوروبا الغربية وتمر عبر اراضيها منذ خمس سنوات. ويشتمل برنامج تمبورا على امكانيات تجعله قادرا على تسجيل المكالمات الهاتفية والرسائل الالكترونية والمعلومات المدرجة في الفيس بوك والمواقع الانترنتية المستخدمة. هذا فضلا عن ان تجسس بريطانيا على الوفود المشاركة في مؤتمر "جي 20 " الذي اقيم بلندن 2009 ادى الى ردود فعل غاضبة من قبل هذه الدول والى فضح بريطانيا اكثر من ذي قبل باعتبارها احدى الدول المضيفة للاجتماعات والمؤتمرات الدولية. يشار الى ان التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان مؤخرا يشير الى ان هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية قامت عام 2009 بالتنصت والتجسس على المكالمات الهاتفية والاتصالات الالكترونية للوفود المشاركة في مؤتمر مجموعة العشرين. وما تم تسريبه لحد الان عن عمليات التجسس التي قامت بها هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية هي جزء ضئيل من هذه النشاطات. ويجب الانتظار للكشف عن ابعاد اخرى من هذه الاجراءات غير القانونية. وفي اول تعليق على فضيحة التجسس دافع وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في تصريحات ادلى بها بتاريخ 25 يوليو عن العلاقات بين الاجهزة الاستخباراتية البريطانية والاميريكية. هذا في حين ان بريطانياوامريكا تتعرضان لانتقادات واسعة بسبب تجسسهما على المواطنين العاديين . ووصف هيغ تبادل المعلومات والبيانات بين بريطانيا واميركا في الظروف الراهنة بانها عملية غير مسبوقة ولا مفر منها. كما حاول هيغ تبرير هذه العملية التجسسية بقوله "يجب ان نتذكر دوما بان الارهابيين يحاولون توجيه ضربة لنا، العصابات الاجرامية تخطط لسرقتنا، الاجهزة الاستخباراتية الاجنبية تتعاون سرا للتجسس علينا وانه يتم التخطيط سرا لتصميم وصناعة منظومات جديدة من الاسلحة، فان لم نخطط نحن ايضا بشكل سري ردا على هذه التهديدات، لن نستطيع المحافظة على مواطنينا". وتأتي تصريحات هيغ في حين تتواصل المحاولات الامريكية لملاحقة ومحاكة عميل الاستخبارات الاميركية السابق والمتعاهد مع وكالة الامن الاميركية "ادوارد سنودن" الذي سرب معلومات ووثائق سرية ادت الى الكشف عن عمليات التجسس هذه. وقد قدم سنودن وثائق الى صحيفتي الغارديان وواشنطن بوست تكشف عن انتهاك الخصوصية الفردية للمواطنين من قبل الحكومتين الاميركية والبريطانية. واعلنت صحيفة الغارديان الاسبوع الماضي استنادا الى الوثائق التي نشرها سنودن ان عمليات التجسس البريطانية في مجال التنصت على الاتصالات الهاتفية كانت واسعة الى درجة انه يمكن مقارنتها بالمحاولات التي قامت بها امريكا للتجسس على الشبكة المعلوماتية الدولية. ويرى مراقبون ان الوثائق التي تم تسريبها هي غيض من فيض هذه العمليات التجسسية وما يخفيه المستقبل اكبر، ولذلك فان دفاع هيغ المتسرع وغير المنطقي عن هذه العمليات هو بمثابة الهروب الى الامام، لانه وبدلا من الاعتذار عن هذه العمليات غير القانونية وغير الاخلاقية التي تنتهك خصوصية المواطنين ليس في بريطانيا فقط بل في سائر الدول ايضا، دافع بشكل متزمت عن اداء هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية والاستخبارات الاميركية. ذلك الدفاع الذي يفتقد الى المنطق والاسس القانونية والحقوقية. وفي الحقيقة ان كانت عمليات التجسس الاميركية والبريطانية مبنية على اسس قانونية لما بذلت الحكومة الاميركية ما بوسعها لاعتقال سنودن بتهمة الخيانة وتسريب الوثائق السرية. يتبع ..