ويبدأ بيفر مذكرته بالقول: كانت معاهدة «ستارت» الجديدة التي تحققت في فترة ولايتك الأولى إحدى أهم إنجازات سياستكم الخارجية، ولكن حتى وإن طبقت تلك المعاهدة بالكامل، فإن الولاياتالمتحدةوروسيا ستظلان تحتفظان ب 5000 سلاح نووي لكل منهما، وهو ما يعني أن حجم الخفض ليس كبيرًا بعد 20 عامًا من انتهاء الحرب الباردة. الآن لديك الفرصة للتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق خفض أكبر في عدد الأسلحة النووية والخوض في الترتيبات الخاصة بالتعاون بين الناتو وروسيا في مجال الصواريخ الدفاعية. التوصية ينبغي البناء على معاهدة ستارت جديدة، لتحقيق الأهداف الأربعة الآتية: 1- البدء في معاهدة جديدة لتحقيق خفض قدره 2500 سلاح نووي لكل من الولاياتالمتحدةوروسيا، بما في ذلك 1000 سلاح نووي إستراتيجي جاهز للإطلاق. 2- العمل في اتجاه التوصل إلى اتفاقية للتعاون بين روسيا والناتو في مجال الصواريخ الدفاعية عن أوروبا. 3- العمل في اتجاه تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على معاهدة حظر التجارب النووية. 4- تمهيد الطريق أمام توسيع نطاق عملية خفض السلاح النووي عبر العالم. الخلفية لا شك أن خفض السلاح النووي حقق بعض التقدم خلال السنوات الأربع الماضية - بالرغم من أن هذا الخفض لم يكن كبيرًا- فيما يمضي برنامج «ستارت» الجديد بشكل حسن، حيث من المنتظر أن يتحقق الخفض المنشود في الفترة الزمنية المحددة له (عام 2018). بيد أن الترتيبات الخاصة بين روسيا والناتو بشأن نظام الدفاع الصاروخي عن أوروبا ما تزال تراوح مكانها لأن روسيا تريد ضمانة قانونية بألا تصوب الصواريخ الأمريكية نحو القوات الروسية الإستراتيجية. وحتى إذا كان في وسعك -الكلام موجه لأوباما- منح هذا الضمان، فإن الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ لن يوافقوا على ذلك. ويفصل بيفر كل نقطة من النقاط الأربع السابقة على حدة، ويقول في تفصيل تلك النقاط إن المعاهدة الحالية تغطي فقط 30 % من مجمل ترسانة السلاح النووي الأمريكي، لذا ينبغي إجراء مفاوضات جديدة مع موسكو تشمل بقية السلاح النووي. وخفض 50% من السلاح النووي يمكن أن يغير بشكل كامل الجدل حول السلاح النووي. والمعلوم أن الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن لديها مخزون من السلاح النووي الإستراتيجي أكثر من روسيا، فيما أن روسيا لديها سلاح نووي تكتيكي أكثر من الولاياتالمتحدة. مثل هذا الخفض سيدعو روسيا إلى زيادة عدد الأسلحة النووية التي يمكن أن تدفع موسكو لإلغاء خططها الخاصة بالصواريخ العابرة للقارات التي تشكل تهديدًا على الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات في أماكن تخزينها، بما يؤدي إلى حالة عدم توازن في الجانب الروسي. أي عدد أكبر من الرؤوس النووية وعدد أقل من وسائل إطلاق تلك الصواريخ. لذا ينبغي التحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة حول هذه المسألة والعمل على التوصل إلى معاهدة جديدة في العام 2015، حتى يتم إقفال الجدل حول هذا الموضوع قبل العام الانتخابي (2016). فيما يتعلق بالنقطة الثانية الخاصة بنظام الدفاع الصاروخي عن أوروبا، ينبغي ملاحظة أنه إذا أسقطت موسكو طلبها الخاص بالضمانة القانونية، فإن ذلك سيفتح الطريق أمام مواصلة المفاوضات حول اتفاقية الصواريخ الدفاعية بين روسيا والناتو.وهو ما يمكن أن يؤدي إلى قدر أكبر من الشفافية العسكرية بين روسياوالولاياتالمتحدة. والقيام بمناورات عسكرية مشتركة، إلى جانب المشاركة في تبادل المعلومات، وإنشاء مراكز عمليات وتخطيط مشتركة. وبإمكانك مساعدة الروس بإبداء درجة أكبر من المرونة، وإعطائهم قدرًا أكبر من الشفافية حول البرامج العسكرية الأمريكية، بما في ذلك الملاحظات الروسية المتعلقة بتجارب نظام الدرع الصاروخي إس .إم 3 الذي يمكن تأخيره، حيث يتوقف ذلك على الصواريخ النووية التي يمكن أن تنتجها إيران. فيما يتعلق بالنقطة الثالثة، الخاصة بحظر التجارب النووية، إذا أمكن للكونجرس المصادقة على الاتفاقية، فإن من شأن ذلك أن يشجع دولًا أخرى، وعلى الأخص الصين للتوقيع أيضًا عليها. وهو ما يمكن أن يمنح الولاياتالمتحدة ميزة معلوماتية كبيرة. والجدير ذكره أن الاتفاقية الحالية (غير الرسمية بسبب عدم تصديق مجلس الشيوخ عليها حتى الآن) تحظى بموافقة الجميع ماعدا كوريا الشمالية. وهو وضع يبدو أفضل من فشل الكونجرس في التصديق على الاتفاقية الرسمية. بمعنى أنه إذا لم تكن واثقًا من التصديق - الكلام موجه لأوباما- فلا داع من القيام بالمحاولة، لأن الفشل سيعني أن الولاياتالمتحدة غير جادة في مسعى وقف التجارب النووية. فيما يتعلق بالنقطة الأخيرة، ينبغي أن تعمل مع موسكو لتشجيع الدول النووية الأخرى لخفض حجم ما لديها من السلاح النووي، على أن يتم ذلك بالتدريج، والأفضل بمساعدة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وإذا ما تحقق ذلك، فإنه سيخدم المصلحة الأمريكية بعدة طرق، من أهمها تقليل التهديد الإستراتيجي للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا وآسيا. وبإمكانك توفير الأموال الدفاعية لأنك لن يتعين عليك بناء المزيد من الترسانة النووية. كذلك ستكتسب الولاياتالمتحدة قدرًا أكبر من المصداقية في سياستها على المستوى العالمي. وهو ما من شأنه أيضًا أن يقوي قدرة الولاياتالمتحدة على كسب المزيد من الدعم الدولي في مواجهة كوريا الشماليةوإيران، إلى جانب تعزيز العلاقات الأمريكية - الروسية. ولنا أن نتساءل في النهاية هل سيكون بوتين مستعدًا للتفاوض حول الأسلحة النووية؟ يمكن القول في الإجابة على هذا السؤال أنه في الوقت الراهن، تتوفر لدى الولاياتالمتحدة ميزة التفوق في مستوى القوة الإستراتيجية، وهو ما يشكل حافزًا أمام بوتين للتفاوض. ومثل البنتاجون، يواجه الروس أيضًا ضغوطًا مالية. وللحصول على تصويت ناجح في الكونجرس، ستحتاج - أي الرئيس أوباما- إلى عمل شاق وسوف يقتضي الأمر تدخلك شخصيًا. وإذا لم ينجح التصويت، يمكن الاستعانة باتفاقية غير رسمية. ويمكن للصين أن تقاوم عملية خفض لسلاحها النووي طالما احتفظت الولاياتالمتحدةوروسيا بعدد أكبر من السلاح النووي. وهذه النقطة بالذات تشكل تحديًا خطيرًا. الخلاصة لا يمكن النظر إلى أي من هذه النقاط (الأربع)على أنها أمور سهلة. وسوف يتطلب الأمر تدخلك الشخصي بشكل مستمر، ولكنها فرصة أمامك لتترك أثرًا طيبًا بعد مغادرتك البيت الأبيض، ليس لك فقط، وإنما أيضًا للولايات المتحدة وللأمن الدولي.