نشرت مجلة «فورين أفيرز» في عددها الأخير تقريرًا مطوَّلاً حول جماعة «الحريديم» الدينية المتطرفة، أعدّه الصحفي الأمريكي جيفري جولدبرج، تطرق فيه إلى التهديدات التي تشكّلها جماعة الحريديم الدينية المتطرفة على إسرائيل والصهيونية، واعتبر أن ما يزيد من حجم هذا التهديد التحالف السياسي الذي يربط تلك الجماعة بالمستوطنين. وفيما يلي أهم النقاط التي تطرق إليها التقرير: يتلقى اليهود الأرثوذكس المتطرفون الذين يعرفون باسم الحريديم (يشكلون حوالى 10% من الإسرائيليين) منذ العام 1948 معاملة خاصة من الحكومة الإسرائيلية، وكانت لهم دائمًا ثقافتهم وتقاليدهم الخاصة بهم، ونظرتهم الغريبة للعالم من حولهم، وأصبحوا الآن يشكّلون مجموعة سياسية قوية في المجتمع، بالرغم من كرههم للديمقراطية العلمانية، وفي عام 1948 أيضًا، قام دافيد بن جوريون بإعطاء طلبة حريديم إعفاء من الخدمة في الجيش، لأن الكثيرين من أقارب هذه الطائفة قتلوا في الهولوكوست، وهم يشكّلون على الدوام حوالى 60 ألف طالبًا من مجمل طلبة المدارس الدينية في إسرائيل، حيث يواظبون على تدارس التوراة طيلة عمرهم، ولا يشتغلون في أي عمل في غالبيتهم، وهم بذلك يشكلون عبئًا اقتصاديًّا على الحكومة التي تضطر للإنفاق عليهم وعلى عائلاتهم. وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد تعاون سياسي وثيق بينهم وبين المستوطنين. وخلال السنوات العشرين الماضية، كان لهذا التحالف السياسي تأثيره على أي قرار سياسي يصدر من الحكومة الإسرائيلية. ويكن الحرديم كراهية شديدة لليهود الإصلاحيين، وإلى حد المطالبة برحيلهم من إسرائيل. ولديهم تأثير كبير أيضًا على شؤون الحياة اليومية، فهم لا يعترفون بأي زواج شرعي ما لم يتم عن طريق حاخام من طائفة الحريديم، ولا يعترفون بأي إنسان يعتنق اليهودية ما لم يتم ذلك عن طريق حاخام منهم. كما وأن لديهم حافلاتهم الخاصة التي يفصل فيها بين الرجال والنساء. لكن لوحظ في الآونة الأخيرة بدأ العلمانيون في تحدّي هذه الطائفة ومجابهتهم سياسيًّا. ففي انتخابات يناير الماضي، قام حزب يش عتيد «هنالك مستقبل» الذي يترأسه يائير لابيد بحملة ضد قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وقد حقق هذا الحزب 15% في تلك الانتخابات، وهو ما أرغم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على استبعاد الحريديم من الائتلاف الحكومي. وقد بدأت تطرأ تغيرات داخل هذه الجماعة مؤخرًا، فبعض رجالهم بدأوا يعملون، لأن لديهم العديد من الأطفال. بيد أن التوقعات تدل على أن السنوات المقبلة ستشهد تصعيدًا في المشادات السياسية بين هذا الجماعة والعلمانيين، بما يمكن أن يتسبب في إحداث انقسام في المجتمع الإسرائيلي. لكن التهديد الأكبر مصدره المستوطنون، فهم الآن يهيمنون على السياسة الإسرائيلية، من خلال داعميهم في الحكومة بحيث لم يعد في وسع أحد وقف مشروعات الاستيطان. وهم يتلقون أموالاً طائلة من الأثرياء اليهود في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث يستغلون تلك الأموال في شراء العقارات في القدس العربية. وهم يخططون بذلك لإجهاض الحلم الفلسطيني بحل الدولتين، ويظهر التناقض في إسرائيل الآن في أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين ما زالوا يؤيدون حل الدولتين، ولكن في ذات الوقت فإن حركة الاستيطان تزداد بوتيرة سريعة.