اشار سفير ايران السابق لدى فرنسا صادق خرازي الى ان ايران لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا، بل ان الجانب البريطاني وفي خطوة متسرعة اقدم على قطع علاقاته مع ايران بسبب عدم النضج السياسي وهذا ما توصلت اليه هي ايضا في الوقت الراهن. طهران (فارس) استعرض خرازي الذي شغل مناصب عدة بعد انتصار الثورة الاسلامية في مقابلة مع وكالة انباء "فارس" وجهات نظره حيال العديد من القضايا لاسيما سياسة ايران الخارجية وقال: ان الحكومة الايرانية الاخيرة لم تنجح في تحديد اولوياتها على صعيد السياسة الخارجية، وهذا ما ادى الى خلق بعض المشاكل لنا في حين كنا نمضي قدما الى تحسين موقفنا مع اوروبا التي كانت تسعى لتاسيس تعاون استراتيجي معنا. الخطوة الاولى كانت مبنية على بناء الثقة لكنها تحولت الى المواجهة والردع لتسوق سياستنا الخارجية بعيدا عن التعايش السلمي والتفاهم والحوار . **نتيجة تبديل 3 دول ب 6 في المفاوضات النوية تقوية دورها ويقول خرازي ان تبديل 3 دول اوروبية في المفاوضات النووية ب 6 دول ادى الى تعزيز الجبهة المعارضة لايران، وقد انكشف ذلك بوضوح في ازدواجية مواقف روسياوالصين. واعلن ايضا ان الاولوية في السياسة الخارجية هي لدول امريكا اللاتينية، الامر الذي كشف عن عدم وجود رؤية صحيحة حيال اميركا اللاتينية واسيا. هذا في حين ان قائد الثورة الاسلامية كان قد صرح قبل اشهر بان فرنسا، الهند، الصين، روسيا، لبنان وسوريا هي من الجهات الاستراتيجية في سياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية. لقد اتحدنا مع دول في امريكا اللاتينية لا وزن لها على صعيد المعادلات الدولية. وفي اسيا توجهنا نحو دول تلاعبت بنا لان اولويتها على صعيد العلاقات الخارجية كانت امريكا. **سياسة الردع كبدتنا اضرارا كبيرة ويلفت الدبلوماسي الايراني السابق الى تشابك الاقتصاد الاوروبي مع التجارة الخارجية الايرانية ويقول: حين اتخذ هذا القرار وبدأنا بتوسيع علاقاتنا مع روسياوالصينوالهند ودول شرق اسيا وامريكا اللاتينية، كنا نتوقع انخفاض مؤشر التبادل التجاري بموازاة انحسار التعاون السياسي. تلك المسألة التي اثارت تحديات امام سياستنا الخارجية وحولت اوروبا الى منافس عنيد خلق الكثير من المشاكل لنا بعد ان كانت على وشك التحول الى صديق يعول عليه في مواجهة اميركا. **اميركا استغلت تقارب ايران مع اميركا اللاتينية للضغط على هذه المنطقة وبشأن جدوائية العلاقات بين ايران واميركا اللاتينية وقلق اميركا قال خرازي ان اميركا اللاتينية كانت تعد الباب الخلفي للولايات المتحدة ، هذا فضلا عن ان كوبا وفنزويلا كانت تثير الكثير من المشاكل لواشنطن . لذلك فانا اعتقد ان الاميركيين لم يشعروا باستياء كبير حيال هذا الامر فحسب، بل شعروا بالارتياح لان هذا الموضوع شكل ذريعة لهم لممارسة الضغط على هذه المنطقة . **اوروبا واجهت اميركا حول الموضوع النووي ويرى خرازي ان التعليق الذي طبقته ايران على مدى عامين كان له نتائج جيدة منها عدم رضوخ بريطانيا والمانيا وفرنسا للمطالب الاميركية حول البرنامج النووي الايراني واحالته الى مجلس الامن الدولي. كما كان لايران تعاون استراتيجي مع فرنسا حول الشأن اللبناني . فقد بذلت بريطانيا واميركا جهودا كبيرة لاستهداف المقاومة اللبنانية وادراج حزب الله في قائمة الارهاب الا ان فرنسا استثمرت جميع طاقاتها وحالت دون هذا الامر حتى العام الماضي حيث غابت ايران عن الساحة. **بعد العراق كان الدور لايران ويتابع خرازي قائلا ان اميركا وبعد احتلال العراق كانت تدق طبول الحرب ضد ايران بتحريض من بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، لكن الدبلوماسية الحكيمة لقائد الثورة والقيام ببعض المناورات في تلك الفترة أتت اكلها وحالت دون هذه الكارثة. هذا فضلا عن اننا حققنا بعض المكاسب النووية وحولنا ملفنا النووي من ملف امني وعسكري الى ملف سياسي حقوقي. ويعتقد السفير الايراني السابق لدى فرنسا ان طرح موضوع الهولوكاست لم يصب في مصلحة ايران القومية رغم انه اثلج صدور البعض في العالم ويضيف: ان السياسة الخارجية الناجحة هي تلك التي تحقق اهدافها المرجوة عبر استثمار القدرات والامكانيات المتاحة ومن ثم تتخذ الخطوة التالية. ويؤكد خرازي ان تحميل القائد مسؤولية القرارات المتخذة هو ظلم بحقه ويقول: ان القيادة تؤيد المباديء والاسس التي تصنف ضمن الاستراتيجيات ، في حين ان النقاش يدور حول الاساليب والتكتيكات. فعلى سبيل المثال القائد يعلن عن تاييده للحوار على اسس اطر محددة وشروط معينة، لكن المهم في هذا البين هو اسلوب التنفيذ والاداء. **لم نتجه الى الشرق بل الحظر ارغمنا على ذلك وحول توجه ايران نحو الشرق قال بان ايران لم تتجه الى الشرق بل الحظر هو الذي ارغمها ذلك والعمل في هذه المنطقة. ولكن رغم ذلك اشار خرازي الى ان الغرب وبسبب المكانة الجيوستراتيجية المهمة لايران في المنطقة سيتجهخ بنفسه لتحسين العلاقات مع ايران، لان اي خطوة لن تنجح في المنطقة بمنأى عنه ايران. ان الغرب يدرك جيدا الان مدى الطاقات الاقليمية والدولية التي تتمتع بها ايران ولذلك فانه ومن اجل المحافظة على هذه الطاقات سيميل نحو ايران. وفي مثل هذه الظروف ان سنحت فرصة، واستفاد منها الجانبان بشكل جيد، سنشهد حادثة تاريخية يمكن استثمارها على افضل وجه. **الى اين يجب ان تتجه ايران، الغرب او الشرق ويقول خرازي ان للشرق قوة اقتصلادية وصناعية لايمكن تجاهلها الا ان تاثيرها السياسي على الصعيد الدولي ضعيف جدا، فالسياسة الخارجية الناشطة والفاعلة المبنية على اسس استراتيجية خاصة، تعرف جيدا كيفية التعامل مع العولمة في ضوء تغيير المعايير الدولية. فمفهوم القوة تحول من القوة الصلبة الى القوة الناعمة والتحدي العالمي في الوقت الراهن هو القوة الناعمة. **التعامل او التنازل يحددها القائد ولمجلس ووسائل الاعلام وفي خصوص التمييز بين التعامل والتنازل يقول سفير ايران الساق لدى فرنسا ان هناك جهات عدة مسؤوليتها الرقابة والاشراف على القرارات المتخذة، ومنها على سبيل المثال القيادة والمجلس ووسائل الاعلام والصحافة. فالحكومة ليست مبسوطة اليد لتفعل ما تشاء، لان هناك حساسيات وطنية وقومية لا تسمح لنا ببيع مصالحنا القومية وبلدنا بثمن بخس. **الحكومة البريطانية ارتكبت خطأ فادحا حيال ايران وحول العلاقات مع لندن قال خرازي ان بريطانيا هي التي قطعت علاقاتها مع ايران. وهذه الخطوة جاءت بسبب عدم نضج الادارة البريطانية وتسرعها آنذاك. ولكن يمكنها الآن استثمار فرصة حكومة الرئيس روحاني والعمل على تحسين علاقاتها مع طهران . وهذا الامر يصدق على كندا واميركا ايضا. وشدد خرازي على انه لا مفر امام اوروبا سوى العودة نحو ايران بسبب مكانتها الجيوستراتيجية والاقتصادية الممتازة، لان مصادر النفط في بحر الشمال بدات تنفد في حين ان ايران مازالت تزخر بهذه الطاقة الحيوية فضلا عن مكانتها الخاصة في منطقة الخليج الفارسي والشرق الاوسط. **الدور المحوري لايران على الصعيدين الاقليمي والدولي ويشير خرازي الى نفوذ ايران في لبنان وفلسطين وسوريا وتركيا وسائر دول المنطقة ويضيف ان هذا النفوذ لا يقتصر على حدود تركمنستان بل يمتد الى كازاخستان ومغولستان وجزء كبير من الصين واوروبا ايضا. ونوه الى التعاون بين اميركا وايران لحل ازمة العراق بطلب من واشنطن وشدد على ان الازمة السورية لن تحل بدون ايران لما لها من نفوذ في هذا البلد. وهذا ما حدث بشأن افغانستان ايضا. **ان لم يكن ظريف ايرانيا لارتقى الى منصب مساعد الامين العام للامم المتحدة وختم سفير ايران السابق بابداء رايه حول مرشح الرئيس روحاني لحقيبة الخارجية محمد جواد طريف وقال، ان ظريف شخصية فريدة من نوعها في السلك الدبلوماسي الايراني وافضل دبلوماسي ايراني على مر التاريخ باعتراف الامين العام للامم المتحدة. فلو لم يكن ظريف ايرانيا لارتقى الى منصب مساعد الامين العام للامم المتحدة بفضل قابلياته. علما انه رفض اقتراح توليه منصب الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي. / 2811/