انتهى شهر رمضان المبارك، شهر الخير والحسنات شهر العبادات؛ وعندما هل هلاله رأيت القوم يهبون إلى المبادرة في تأدية الصلوات المفروضة في المساجد، والذكر والدعاء وتلاوة القرآن، ولعل الكثير شاهد الليلة الأولى منه المساجد وهي مكتظة بالمصلين لصلاة المغرب وصلاة الفجر، ورأيت منهم الكثير التالين لكتاب الله وبصفة مستمرة طيلة شهر رمضان. لكن ما إن ولّى الشهر الكريم، حتى رأيت تلك الأعداد تتضاءل في تأدية الصلاة في المساجد، وخاصة صلاة الفجر، ثم العزوف من البعض عن كتاب الله عز وجل، ولم يعد بعضهم لتلاوته كما كان في شهر رمضان، وقد يكون هاجرًا له طيلة العام، فهؤلاء يُخشى أن ينطبق عليهم قوله سبحانه وتعالى: «وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا». وكذلك الصيام ليس مقصورًا على رمضان فحسب، بل هناك أيام موجودة طيلة أيام السنة يكثر فيها صيام التطوع، منها صيام ستة أيام من شوال، فمع صيامها إضافة إلى رمضان الكريم كأنه صام الدهر كما ورد في الحديث؛ وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ويستحب أن تكون أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي؛ وصيام يوم عرفة؛ وصيام عاشوراء؛ وصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، فلكل من الفضل الكبير، فالذي يوفقه الله يكون مستمرًا في هذه العبادات التي منها قيام الليل، وإن كان يرى البعض انتهاء التهجد بانقضاء شهر رمضان لكنه في الحقيقة لم ينته طيلة ليالي العام، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يقوم صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه؛ وقال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أكون عبدًا شكورًا».. وقال صلى الله عليه وسلم في فضل قيام الليل: «أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». إذًا العبادة والأعمال الصالحة ليست قاصرة في رمضان، بل هي مستمرة ما بعد رمضان، من المحافظة على تأدية الصلاة في أوقاتها جماعة، وذكر ودعاء وصيام ونوافل وقيام ليل مستمر ما دام عمر الإنسان، قال تعالى: «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين».. جعلنا الله سبحانه وتعالى جميعًا من الدائمين على طاعته حتى يتوفانا وهو راضٍ عنا، وكل عام أنتم بخير. مطهر الفقيه - القوز