"دولة يمنية مدنية ديمقراطية قائمة على نظام مؤسسي يحترم حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية" هو مايطالب به الشباب المستقل في رؤيته التي قدمت لمؤتمر الحوار الوطني الشامل. وتؤكد رؤية الشباب الموحدة المقدمة إلى مؤتمر الحوار الوطني بعنوان "الرؤية الموحدة للشباب المستقل - ساحة الحرية تعز" أن الشكل الأمثل للدولة هو الاتحاد المركزي (الفيدرالي) حيث يكون لهذه الدولة شعار ونشيد وجيش وطني واحد وتمثيل خارجي واحد. وتضمنت رؤية الشباب المستقل تصوراً لبعض القضايا الهامة التي يقوم عليها بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة، منها القضية الجنوبية، وقضية صعدة، وكذا شكل الدولة، ونظام الحكم، والسلطة القضائية، والنظام الاقتصادي، وأسس بناء مؤسستي الجيش والأمن. وأشارت الرؤية إلى أن أهم العوامل التي أعاقت تقدم المجتمع اليمني وتحقيق ازدهار اقتصادي واستقرار أمني وسياسي افتقاده لدولة مدنية ديمقراطية قائمة على نظام مؤسسي يحترم حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، وأن بناء الدولة المدنية الحديثة يمثل جوهر اهداف ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية، وغايتها العليا حتى كانت محطتها الكبرى ومشروعها الابرز والأعمق، لافتة إلى أن شكل الدولة البسيطة -التي ثار عليها الشعب- لم يستوعب التنوع والتباينات والاختلافات الموجودة حيث كرس احتكار السلطة، مما زاد من حدة الصراع السياسي في المركز للاستحواذ على السلطة والثروة، وأدى ذلك إلى تهميش وإقصاء دور المناطق الحضارية الأخرى مهدداً أمن واستقرار اليمن. القضية الجنوبية وفيما يتعلق بالقضية الجنوبية أكد الشباب في رؤيتهم أنه "يجب معالجتها -باعتبارها من القضايا الوطنية المركزية- وبما يفضي إلى رد الاعتبار لإخواننا في المحافظات الجنوبية، وإيجاد تسوية تاريخية من خلال حل عادل يضمن شراكة وطنية حقيقية في السلطة والثروة، ويعالج نتائج الممارسات السلبية للنظام البائد الذي حوّل مشروع الوحدة من مشروع وطني ديمقراطي الى مشروع يكرس نزعة الهيمنة والإقصاء والإلغاء لخصائص الجنوب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويعمل على إعادة كافة الحقوق والممتلكات إلى أصحابها كاملة غير منقوصة". قضية صعدة وفيما يتعلق بقضية صعدة فأشارت الرؤية إلى ضرورة معالجة القضية من خلال "حل يؤدي إلى إزالة الأسباب التي أدت إلى نشوبها ومعالجة ما خلفت من دمار ومآسي بإعادة الأعمار وتعويض المتضررين". نظام الحكم وحول نظام الحكم الأنجع لشكل الدولة اليمنية الجديدة القائمة على (الفيدرالية) رأى الشباب المستقل في رؤيتهم أن "النظام البرلماني أكثر الأنظمة ملائمة لإدارة شئون الدولة الاتحادية، ويبقي لكل ولاية الحق في اختيار النظام السياسي التمثيلي الذي يتناسب مع طبيعة الولاية الجغرافية والسكانية. وأشارت الرؤية إلى أنه وبحسب نموذج النظام البرلماني، السلطة التشريعية في الدولة الاتحادية تتكون من مجلسين مجلس اول يمثل السكان ومجلس ثاني يمثل الولايات، السلطة التنفيذية تتكون من رئيس دولة ورئيس حكومة، والسلطة القضائية سلطه اتحادية عليا مستقلة، مع وجود محاكم عليا في كل ولاية على حدة. فيما يقوم النظام الانتخابي في الدولة الاتحادية، بحسب رؤية الشباب المستقل، على أساس القائمة النسبية مع مراعاة نسبة معينة للمستقلين. السلطة القضائية وفيما يتعلق بالسلطة القضائية نوهت الرؤية إلى أن المتأمل لواقع السلطة القضائية يجدها غارقة في الظلم والفساد والعشوائية والفوضى في مختلف مرافقها فقد معها القضاء مصداقيته وهيبته واحترام احكامه وقراراته، مؤكدة ضرورة أن تكون السلطة القضائية مستقلة مالياً وإدارياً عن السلطة التنفيذية يديرها مجلس أعلى للقضاء بعيدا عن وصاية وزير العدل. وبحسب الرؤية فإنه لابد من وجود سلطة قضائية بكل ما يعنيه مفهوم السلطة من معنى - يتضمنها الدستور بنصوص واضحة تضمن حيادها واستقلالها، مع إنشاء مؤسسات قضائية للقانون العام بموجب الدستور الى جانب القضاء العادي. واقترحت الرؤية إنشاء محكمة دستورية مستقلة (أو مجلس دستوري مستقل) تراقب دستورية القوانين وتفرض احترام الارادة الشعبية وتحمي الحقوق والحريات، ومجلس دولة ومحاكم ادارية متخصصة في القضاء الاداري مستقلة تمام الاستقلال عن القضاء العادي، ومحكمة عليا للحسابات (أو مجلس اعلى للحسابات) ومحكمة مالية متخصصة بالقضاء المالي. الجيش والأمن تعتبر الرؤية مؤسستي الجيش والأمن، سيادية وتتمتع بالاستقلال والحياد التام تجاه النظام السياسي -السلطة والمعارضة- تمارس مهامها طبقا للدستور الذي يخولها حق الدفاع عن الوطن والحفاظ على سيادته وحمايته من الاخطار المحدقة به داخليا وخارجيا، انطلاقا من ولائها وعقيدتها الخالصة له. ورأى الشباب المستقل في رؤيتهم حول المؤسستين العسكرية والأمنية، أن يمنع تولي احد من اقارب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او وزير الدفاع أو رئيس هيئة الاركان ونوابه ومساعديه او قادة فروع القوات المسلحة "برية وبحرية وجوية"، ونوابهم ومساعديهم ورؤساء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ونوابهم ومساعديهم إلى الدرجة الرابعة، وتجريم كل من يسخرها لمصلحة حزبية او شخصية، وإخراج المعسكرات من المدن. واقترحت الرؤية أن يتم دمج الامن القومي والامن السياسي وإعادة هيكلتهما بما يضمن حماية الوطن وسيادته واستقلاله وصون المصلحة الوطنية العليا، وانشاء مجلس للأمن القومي يضم قيادات من السلك المدني والعسكري، من ذوي الكفاءة والنزاهة. وشددت الرؤية على ضرورة وضع آلية واضحة للالتحاق بالسلك العسكري تستند على مبدأ التكافؤ بين النطاقات الجغرافية (الاقاليم) والسكانية لضمان التمثيل الوطني المتوازن، وتحديد ميزانية القوات المسلحة برقم محدد ويخضع للرقابة من لجنة مختصة ويناقش في جلسات مفتوحة للغرفتين التشريعيتين. الاقتصاد وحول الاقتصاد اليمني أشارت الرؤية إلى أنه يعاني العديد من المشاكل والاختلالات الهيكلية، منذ عقود نتيجة الافتقار للعمل المؤسسي وغياب الخطط الاقتصادية العلمية، مما فاقم الكثير من المشاكل والاختلالات الاقتصادية كالبطالة التي تقدر بنحو 40 %، ومعدل نمو يصل الى اكثر من 4.1% ، والفقر الذي وصل إلى أرقام مخيفة، فمن يعيش تحت خط الفقر بحسب التقديرات الأكثر تفاؤلا يمثلون 60 % من السكان. وأوضحت الرؤية أن "هذا الوضع لا ينسجم البتة ولا يتناسب مع حقيقة ما تمتلكه اليمن من موارد طبيعية وبشرية، لم تستغل، بل وتهدر، حيث لايزال البلد بكرا، يتمتع بميزة نسبية في أكثر من قطاع مثل السياحة والثروة السمكية، الموارد غير القابلة للنضوب، المتجددة باستمرار". وأكدت الرؤية ضرورة أن يقوم النظام الاقتصادي اليمني في الدولة المدنية الحديثة، على عدة مبادئ أهمها الحرية الاقتصادية وفق ضوابط المصلحة العليا للوطن، العدالة، الشراكة والتعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، الشفافية والمساءلة والمحاسبة، الانسان باعتباره هدف التنمية ووسيلتها، الاعتماد على الموارد الذاتية والاستفادة من الكوادر والخبرات المحلية أولا والإقليمية والدولية ثانياً. وأشارت الرؤية إلى أنه "لا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي الا بإحداث تنمية اقتصادية وبشرية تعتمد ادوات وتنظيمات جديدة تفضي الى تغيير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السلبية القائمة، منها تحقيق الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي، وتوفير الأمن ومكافحة الفساد واستئصاله، وتفعيل اجهزة الرقابة للقيام بدورها، وإخضاعها لإشراف السلطة التشريعية، وتحقيق التنمية المستدامة بالتركيز على القطاعات الواعدة". وأضافت الرؤية" كما يجب تبني سياسات مالية ونقدية واضحة، تضمن إزالة الاختلالات وتحد وتكافح الفقر والتضخم والبطالة، وتشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي بتوفير البيئة الملائمة والمحفزة، ورفع الوعي المصرفي وتطوير العمل المصرفي وضمان استقلالية البنك المركزي، وان تشرف عليه السلطة التشريعية، وسن القوانين والتشريعات التي تضمن حسن سير العمل وتحفظ حقوق العمال، وتوفير وتعزيز الحماية والمساندة للنقابات العمالية في القطاع الخاص". الإعلام وفيما يتعلق الإعلام الذي كان حاضرا بقوة منذ انطلاق شرارة ثورة فبراير، شدت الرؤية على ضرورة توفر مصفوفة من الاصلاحات التي تخلق سياسة اعلامية كفؤة وهادفة تضمن الدور الحيادي للإعلام بكافة وسائله، صحافة وإذاعة وتلفزيون وغيره. وقدمت الرؤية العديد من الاجراءات لإصلاح منظومة الإعلام أهمها؛ ضمان حرية كل وسائل الاعلام، وسن التشريعات والقوانين الكفيلة بذلك، والغاء وزارة الإعلام لتحل بدلها هيئة او مؤسسة وطنية مستقلة وحيادية عن الحكومة والعمل الحزبي يتم تشكيلها من العناصر الإعلامية الوطنية المشهود لها بالاستقلالية والنزاهة والكفاءة وعدم التبعية للإشراف والتخطيط للأجهزة الإعلامية لتبني سياسة إعلامية قائمة على الشفافية والاستقلال والوضوح. كما أشارت الرؤية إلى أن تتبنى مصفوفة الإصلاحات اطلاق الحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير بما لا يتعارض مع الثوابت الوطنية والأخلاقية، وحرية امتلاك الأفراد والأحزاب والمنظمات لوسائل الإعلام المختلفة وفق القوانين المنظمة ذلك. الجدير بالذكر أن الرؤية التي أعدها الشباب اليمني المستقل، حول أهم القضايا الثورية والوطنية الماثلة أمامهم يأتي ضمن مشروعهم الوطني للتغير الذي أطلق في الاول من مايو 2012م برعاية من جمعية الشباب للتنمية، لضمان تحقيق تطلعاتهم في دولة مدنية حديثة عادله وديمقراطية.