شدد متابعون بالقطاع العقاري على ضرورة إنشاء محاكم عقارية متخصصة لفض النزاعات والفصل في القضايا الخاصة بالعقار، مشيرين إلى أن المستجدات في مجال التمويل والاستثمار العقاري تتطلب محاكم عقارية وقضاة مختصون، إضافة إلى أن وجودها سيحد من قضايا إخلاء المساكن في حين رأى آخرون عدم جدوى إنشاء مثل هذه المحاكم وان وجودها غير مهم ويمكن ان تكون المحاكم التجارية المزمع إنشاؤها ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء بديلة لها. وقالوا: إن هذا المشروع الذي يعتبر نقلة نوعية للقضاء سيؤمن 25 ألف وظيفة مابين مستشارين وقضاة وإداريين، «المدينة» استطلعت آراء الخبراء والمواطنين لمعرفة اهمية وجود هذه المحاكم. نقلة نوعية وفي هذا السياق قال ل»المدينة» المحامي الدكتور ماجد قاروب: إن الغرض الاساسي من طلب المختصين انشاء محاكم عقارية هو حل المشكلات التي تصاحب المجال العقاري، كما أن البعض يرى أن تخصيص القضاء هو سبيل إلى إنجاحه وهذه الفكرة صحيحة بشكل نسبي، ومشروع الملك لتطوير مرفق القضاء قسم القضاء إلى 5 أنواع، عامة، أحوال شخصية، جنائية، تجارية وعمالية، كما أن الحقوق العقارية هي جزء من القضاء التجاري والمطلوب من كل من هو مهتم بشأن تسوية المنازعات وإيصال الحقوق إلى أصحابها المطالبة من مختلف الجهات الحكومية مع وزارة العدل القيام بواجباتها ومسؤولياتها الكبيرة لإنجاز مشروع الملك لتطوير القضاء بالمشاركة الفعالة والايجابية مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ويشاركهم في هذا السلطة التشريعية في إنجاز ما يتوجب عليها لإنجاز نظام المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية التي تمهد إلى انطلاقة محاكم الاستئناف في مشروع التطوير حيث تأتي الخطوة اللاحقة لذلك وهي تفعيل وبدء المحاكم الابتدائية والمتخصصة المتنوعة، وذلك عوضًا لإهدار الوقت والجهد في محاولة ايجاد محاكم أو لجان فض منازعات جديدة، هو ان تتركز الجهود في إنقاذ مشروع الملك الذي أحدث نظريًّا نقلة نوعية للعمل القضائي وينتظر أن يترجم إلى واقع ملموس في محاكم متخصصة في وزارة العدل ومحاكم استئناف كما هو الحال في القضاء الاداري في ديوان المظالم، لأننا بحاجة إلى توفير ما لا يقل عن 5 آلاف قاضٍ للعمل في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وهو ما يستوجب من وزارتي العدل والمالية ووزارة الخدمة المدنية، استحداث هذه الوظائف ورصد مبالغها، كما أن على وزارة التعليم العالي ان تعلم بأن السلطة القضائية بحاجة إلى هذه الوظائف، ممّا يحتم عليها ان تعدل المناهج التعليمية في كليات الشريعة، وبالتالي يتخرج طالب الشريعة وهو مؤهل تأهيلًا ابتدائيًا للعمل القضائي وهذا أهم ما يجب على وزارة التعليم العالي القيام به في اطار مسؤولياتها تجاه مشروع الملك لتطوير القضاء، من ناحية أخرى المحاكم المتخصصة بحاجة إلى كادر اداري نوعي متخصص ومؤهل وبالتالي نحن نتحدث عن 15 ألف وظيفة إدارية جلها من خريجي الجامعات في تخصصات عدة». وأضاف قاروب: إن على وزارتي المالية والخدمة المدنية استحداث هذا العدد من الوظائف لمصلحة السلطة القضائية بما فيها من وظائف اجتماعية وقانونية للمرأة في المجلس الاعلى للقضاء ووزارة العدل والمحاكم بما في ذلك محاكم التنفيذ، من ناحية أخرى يجب ان لا نغفل الحاجة إلى توفير ما لا يقل عن 10 آلاف مستشار قانوني متخصص للعمل داخل اروقة المحاكم لنقل الخبرات والتجارب القضائية التي حصلوا عليها. القضاء العقاري ضرورة في حين أكد خالد بارشيد نائب رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية في المنطقة الشرقية ل»المدينة»: أن القضايا العقارية لا تحتاج إلى المحاكم التجارية بل تحتاج إلى محاكم عقارية متخصصة، وقال: وجود محاكم عقارية ضروري لعدة اسباب ومنها القضاء على المشكلات التي تحدث في الوسط العقاري فيما بين العقاريين أنفسهم، وبين المستثمرين وإعطاء كل ذي حق حقه، كما أن لدينا انظمة مثل الرهن العقاري والتمويل العقاري وغيرها من الأنظمة الجديدة القادمة وكلها تحتاج إلى محاكم عقارية وقضاة تنفيذ متخصصين، كما ان وجود محاكم عقارية مبنية على اسس عقارية وعلى لوائح تشرح الانظمة العقارية، إضافة إلى قضاة يكون لديهم الخبرة الكافية في المعاملات العقارية سيكون لهذه المحاكم دور كبير في تنظيم القضايا العقارية في المملكة. هيئة عقارية وأضاف بارشيد: إن المحاكم الشرعية تأتيها قضايا عقارية كثيرة، وترجعها إلى اللجان العقارية في الغرف التجارية في المملكة للاستفادة من ذوي الخبرة العقارية، كما أن بعض القضاة وبصراحة شديدة تنقصهم الخبرة الكافية في مثل هذه القضايا، وهذا يسمونه نوع التخصص، ووجود محاكم عقارية تخصصية سيخدم السوق العقاري والمستثمرين ويجعل السوق بعيدة عن المشكلات، وسيكون هناك نوع من المصداقية، كما أن وجود هذه المحاكم المتخصصة سيطمئن المستثمرين الأجانب للاستثمار داخل المملكة. وعن وجود هيئة عليا للعقار، وهل ستنجح لتكون بديلة للمحاكم العقارية قال: الهيئة لو وجدت ستغني عن المحاكم العقارية، مثلها مثل هيئة سوق المال، هي التي تصدر الاحكام وتغرم الشركات وتوقف تداول أسهم شركة ما... الخ، وهذا يعني أنها بحد ذاتها محكمة خاصة بالسوق، فإذا وجدت الهيئة ستصدر انظمتها وتشريعاتها العقارية، ولكن للشركات الكبيرة والمستثمرين، أمّا القضايا اليومية العقارية التي تكون عادة بين مواطن ومستثمر فهي تحتاج إلى محاكم عقارية. وأضاف: نحن نريد أن يتصدى للقضايا العقارية قاضٍ علمي قانوني له خبرة عقارية، ولا يمنع ان يستشير اهل الخبرة من العقاريين، لأن المحاكم العقارية ستكون مهمة للغاية مع بدء تطبيق بعض الأنظمة العقارية الجديدة. وفي الإطار نفسه قال المحامي مشعل الشريف ل»المدينة»: إن وجود محاكم عقارية متخصصة في المملكة سيحد من قضايا إخلاء المساكن وقيمة الإيجارات الخاصة بالمساكن، كما أنه في حالة اتخاذ المجلس الأعلى للقضاء قرارًا بشأن إنشاء هذه المحاكم في فصل النزاع على المخططات والأراضي والمساهمات العقارية وحجج الاستحكام وتعدد الصكوك... الخ، تُعدُّ خطوة ايجابية جدًّا، وتكون كتلك المحاكم التي استحدثت في مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، التجارية، الجزائية، الأحوال الشخصية، المستقلة بذاتها وتتبع المجلس الأعلى للقضاء. وعن كونها أمنية يريدها العقاريون أن تتحقق قال الشريف: بكل تأكيد العقاريون هم مواطنون في الأصل ويعرفون أكثر من غيرهم أن القضايا العقارية قد استفحلت وكثرت في المحاكم. وأضاف الشريف: أمّا بالنسبة للفصل في القضايا على سبيل المثال، في رأيي أن وجود محكمة عقارية يقصد به قاضٍ شرعي يفصل في القضايا دون تدخل أي جهات أخرى، كما يجب على تلك المحاكم ألا تكون فقط خاصة في فصل النزاعات على المساهمات العقارية وحجج الاستحكام والمخططات والأراضي، بل نتمنى أن تشمل المحكمة العقارية تلك القضايا المنظورة بين المستأجرين والمؤجرين فيما يخص الإيجارات وإخلاء العقار. وأوضح الشريف أن هناك تجارب عربية وغربية سبقتنا اليها دول كثيرة في انشاء المحاكم العقارية المختصة، واستشهد بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي أنشئت المحكمة العقارية، وبحكم أن مدينة دبي عاصمة تشهد نموًا عقاريًّا ويتوافد عليها الكثير من المستثمرين من مختلف دول العالم فإن فكرة انشاء محكمة عقارية بها جاءت لتواكب التطور العقاري بها لحل الكثير من النزاعات التي تحصل، وقد اشاد الكثير من العقاريين بحل الكثير من النزاعات العقارية خصوصًا أن دبي مرت في عام 2008م بانتكاسة عقارية سببت توقف الكثير من المشروعات العقارية والتي أوقعت ملاكها في نزاعات عقارية مع أطراف أخرى، من وجهة نظري أن المملكة ستكون رائدة في هذا النوع من المحاكم وسيكون له صدى واسع سواء داخل المملكة أو خارجها، بحكم أن السعودية الآن فتحت مجال الاستثمار، وسيكون لها المردود الواسع في حل الكثير من النزاعات العقارية التي لها أكثر من عشرين سنة لم يتم حلها حتى الآن على الرغم من تشكيل لجان وغيرها. من جانبه قال عبدالله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري بالغرفة التجارية بجدة ل»المدينة» نحن طالبنا بهيئة عليا للعقار ولم تنشأ حتى الآن فما بالك بمحاكم عقارية. وأضاف: اذا كانت المطالبة بمحاكم عقارية بسبب فض النزاعات فهي متوفرة في وزارة التجارة، بالإضافة إلى المحاكم التجارية المزمع إنشاؤها في ظل مشروع الملك لتطوير مرفق القضاء، كما ان هناك لجانًا في بعض إمارات المناطق تكون مهامها فض النزاعات العقارية بين المالك والمستأجر. وأضاف: لابد من ان يكون القضاة لديهم خبرة في القضاء العام، الاداري، الهندسي ... الخ، لأن الاختصاص هو علم بحد ذاته، كما نعول على وزارة الاسكان الحديثة، اذا وضعت الخطة المناسبة لها، اعتقد انها تستطيع حل جميع المشكلات العقارية، كما ان عدم وجود محاكم عقارية متخصصة، يفتح الباب لتشكيل لجان شبه قضائية في ظل عدم وجود معايير واضحة لاختيار أعضائها أو تحقيق الحد الأدنى من الضمانات. بينما شدد عدد من المواطنين على ضرورة وجود محاكم عقارية تساعد في حل مشكلاتهم وتسهم في انجاز قضاياهم ومنازعاتهم في وقت سريع، ويؤكد عبدالمجيد الغامدي أنه أحد ضحايا الاستثمار والمستثمرين في مساهمة عقارية تم الاعلان عنها منذ سنوات، ومازال ينتظر حقوقه المالية منذ سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن وجود محاكم عقارية يساعد على الاستثمار في السوق العقارية التي تحظى بأهمية كبيرة بسبب المستقبل الواعد -على حد تعبيره- في مجال الاستثمار في العقار في المملكة، والذي يشكل أهمية كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني. في حين أوضح توفيق النومان صاحب عمارة سكنية، انه يواجه في كثير من الأحيان مشكلات كبيرة مع المستأجرين حيث أكد انهم في بعض الأحيان يتأخرون في دفع قيمة الإيجار، وقد تصل المشكلة إلى عدم الدفع في بعض الأحيان، كما أن الطرق المتبعة حاليًّا لدى الجهات الحكومية بطيئة نوعا ما في حصول المستثمرين في العقار على حقوقهم بشكل سريع، وأتصور أن وجود محاكم عقارية تهتم بهذا الشأن سيكون لها الأثر الكبير في تنظيم هذه العملية وعودة الحقوق إلى اصحابها في الوقت الذي تم الاتفاق عليه في عقد الايجار، او اشعار الساكن المخالف بالتسديد او الرحيل في وقت يحدده قاضي المحكمة العقارية. من جهتها حاولت «المدينة» الاتصال ب فهد البكران متحدث وزارة العدل، للحصول على تصريح صحفي حول المحاكم العقارية، إلاّ أنه لم يرد على الاتصالات الهاتفية التي جرت لعدة أيام.