شهدت عروض الدورة الخامسة من بانوراما السينما الاوربية هذا العام ، عرض الفيلم الوثائقي "عن يهود مصر" للمخرج أمير رمسيس ، وهو العرض الاول للفيلم في مصر، حيث يتعرض الفيلم للفترة التاريخية قبل ما قبل ثورة 52 وحتي الفترة التي أعقبت عدوان 56 حيث بدأ تهجير اليهود المصريين الي خارج مصر. "عن يهود مصر" هو وثيقة سينمائية لإدانة فترة حكم جمال عبد الناصر وضباط الثورة اللذين قضوا علي الاستعمار الملكي وحولوه الي استعمار عسكري،كانت اول نتائجه القضاء علي ما كان يسمي بالوحدة الوطنية ، ونشر العنصرية الطائفية بطرد اليهود المصريين في البداية علي استحياء ثم ارتفعت نبرة الوطنية بعد عدوان 56 وتحميل يهود مصر ثمن قرارات الحكام ، وكانت بعض العمليات التخريبية التي قام بها عدد من شباب اليهود في مصر سبب استغله الاعلام والحكومة ضد يهود مصر جميعاً ولم يكن نتائجه فقط اجبارهم علي الهجرة خارج مصر ولكن نبذ المصريين المسلمين والمسيحيين لهم علي اعتبار ان كل يهودي ينتمي الي اسرائيل وبالتالي كل يهودي هو صهيوني ،وعززت تلك الفكرة حوادث تخريب المنشأت التي يمتلكها اليهود، علي يد جماعة الاخوان المسلمين ، واشاعة فكرة سادت المجتمع هذا الوقت وهو ان كل يهودي جاسوس اسرائيلي صهيوني يجب طرده و نزع الجنسية المصرية منه وتعهده بعدم العودة الي مصر مرة اخري، وذلك من خلال شهادات عدد من المهاجرين اليهود الي اوربا اللذين رفضوا الهجرة الي اسرائيل واليهود القليلون اللذين قاوموا الحكومة ورفضوا الخروج من مصر وقام بعضهم بتغيير ديانته الي الاسلام. الجزء الاول من الفيلم يعرض حياة يهود مصر خلال فترة الثلاثينات اي فترة الحكم الملكي ، وبداية بناء مستوطنات في فلسطين وتحرك اليهود الي توسيع تواجدهم في فلسطين ومحاولتهم استقطاب يهود مصر للهجرة ،بينما ينقلب الوضع بعد الثورة ومع اعلان دولة اسرائيل ، وتبدأ الحكومة في طرد اليهود خارج مصر، اما الجزء الثاني من الفيلم يركز علي مطاردة الحكومة لحركة اليسار في مصر بعد ثورة 52 وهي نفسها الاحداث التي صاحبت حكم الاخوان بعد ثورة يناير ، من تشويه لقوي اليسار في مصر ، للثورات دائماً هفوات تكرر نفسها وكأننا نعيش الماضي حاضراً. السيناريو افرط في سرد سيرة خروج "هنري كوريل" من مصر وتأثيره الواسع علي الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني "حدتو" حيث كان يقودها من باريس، التي هاجر اليها مجبراً بعد القبض عليه عدة مرات ضمن سلسلة الاعتقالات التي طالت عدد كبير من الشيوعيين اثناء حكم عبد الناصر، وأكد الفيلم علي انتماء كوريل اليهودي الجنسية الي مصر ،بتسليمه خطة هجوم فرنسا لعدوان 56 الي ثروت عكاشة الذي قام بتسليمها الي عبد الناصر،ودوره في مجموعة "جينسون" التي ساندت جبهة التحرير الوطني الجزائرية خلال حرب استقلال الجزائر، وتوج الفيلم تلك الشخصية اليهودية برفض عبد الناصر اعادة الجنسية المصرية له تكريما له علي ارساله خطة فرنسا اثناء حرب 56. يؤكد الفيلم ان مصر كانت قبل ثورة 52 البلد الاكثر اتساعا لتعايش جميع الثقافات والاديان ونبذ العنصرية، في الوقت التي كانت فيه اوربا تجبر اليهود علي وضع شاره لتمييزهم ،وبعد حكم العسكر تقلصت الحريات و سادت فيها العنصرية والديكتاتورية بعد ان توج العسكر انفسهم سادة الحكم وقاموا بفصل المجتمع عن بعضه ،وتهجير المصريين اليهود وطردهم وسحب الجنسية المصرية منهم،علي نفس خطي هذا السيناريو تعيش مصر الان بعد ثورة يناير ولكن مع تغيير الادوار من العسكر الي الاخوان ، الذي شهدت فترة حكمهم اعلي نسبه تهجير للاقباط من منازلهم وهجرة بعضهم خارج البلاد اما طوعا او خوفاً.