في ساحة التواصل الاجتماعي تأتيك الغرائب من حيث لا تدري، وتصلك أخبار مصدرها بعيد عن مركز صناعة القرار، وحين يدفعك فضولك البشري للاستزادة يكون الرد: "على ذمّة الراوي" أو "كما وصلتني"..! لا أدري لماذا دائمًا نسيء استخدام التقنية، فنمتطيها للتشويه وللتلاعب بمشاعر الناس وعواطفهم، وندفعهم لبناء أحلام شاهقة تتكئ على السراب، دون الالتفات إلى السلبيات التي يمكن جنيها نتيجة شائعة أو خبر مغلوط يُراد به تحقيق هدف أكبر ممّا يعتقده مَن بدوره نقل المعلومة وأعاد بثها، فبعد أن كانت الرسالة أدعية وأحاديث يلزمك المرسل، ويستحلفك بالله أن تعيد توجيهها لتنال السعادة ووافر الحظ، ويهددك بأنك إن تجاهلتها سيصيبك نحس كبير، أصبحت اليوم مراكز لصناعة القرارات، وترويج الشائعات، وتبشير الناس دون الالتفات للعواقب، والتي لا يمكن أن تقف عند كونها مجرد شائعة، بل هُيئت وأعدت ثم أرسلت للتمهيد لتحقيق هدف أكبر وغاية أعمق. كثيرة هي الرسائل التي تمطر أجهزة هواتفنا الذكية ونستقبلها، ثم "بغباء" غير مقصود نعيد البث على ذمة الراوي البلاستيكية، التي تتمدد وتنكمش بحسب الظروف والرغبات التي يسعى المصدر الرئيس لتحقيقها، فنتحوّل لاشعوريًّا إلى قنوات بث مسخَّرة له ونؤثر دون حول منّا أو قوة على الكيان المجتمعي، ونسهم في هز الثقة وإشعال فتيل الفتنة. يجب أن يعلم كلٌ منّا أنه مسؤولٌ أمام الله أولاً عن كل كلمة يساعد في نشرها، وأنه لا بد أن يكون على يقين بصدق ما يُرسله، وأن يربأ كلٌ بنفسه أن يكون أداة سهلة، ولقمة سائغة بين فكيّ مَن يعمل على زرع الفتنة والترويج لأمور ترتدي في الظاهر حلة البشائر، فيما تكتنف بين الأحشاء نوايا تخريبية، وتصيب الجسد الواحد بالتشقق وتودي به إلى الانهيار. * همسة: رأيك صوتك فلا تفكر نشازًا، ونيتك جواز عبورك فاختر له أنقى الصور.