لاشك بأن الإعلام أضحى سلاح العصر الحديث، وهذا مفهوم يتفق معه معظم مفكري ومثقفي العالم، كما يتفق إلى حد بعيد مع رؤية أحدهم الذي قال بأن "الإعلام قادر على تشكيل العقول على النحو الذي يريد بعد أن يشل القدرات على التفكير المنطقي بالتدفق غير المسبوق بالمعلومات الصحيحة أو الزائفة ويستبدل بمفاهيمه النابعة من مصلحته المفاهيم التي تتناقض معها"، ما هو حاصل في مصر الشقيقة حالياً لم يكن سوى بتأثير الإعلام، وحرب الدعاية التي يجيدها المناوئون للحكم الحالي، والذين خططوا لها منذ زمن بعيد، لقد تركت حكومة الرئيس المعزول (مرسي) للصحافة المحلية المعارضة انتقاد سياستها، وذلك لإدراكها -كما توهمت- بأن الإعلام المحلي لا يملك التأثير الفاعل في زحزحتها، وراهنت في المقابل على الإعلام الخارجي الذي استأجرته ووظّفته لكي يقوم بتحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي، ويقف بجوارها عند حدوث أية مستجدات من شأنها أن تستهدف نظام الحكم ومن ثم تسقطه. ولأن "الإعلام سلاح ذو حدين" كما هو معروف، فإن النتائج قد خالفت التوقعات، حيث نجح الإعلام المحلي المصري في نقل ما يدور وتعبئة مواطنيه، وبالتالي كان له دور في حثّ المواطنين على الخروج إلى مختلف ميادين المحافظات لإسقاط النظام وسحب الثقة من رئيسهم، وبدورها سقطت القواعد العسكرية الإعلامية الخارجية، ولم تنجح في مهامها رغم الخداع وتزييف الحقائق في إشعال نار الفتنة بين أفراد الشعب المصري، كما لم تنجح في زرع الفرقة بين الطوائف المتعددة، بل زادتهم تماسكا وترابطا. وإذا ما سلّمنا بمصداقية أن "الإعلام سلاح العصر في صناعة الرأي" فإننا ندعو كافة المسؤولين والمحللين السياسيين في وطننا العربي إلى عدم الهروب من دعوات القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى عند طلبهم استضافتهم، وذلك لكي يتسنى لهم الرد على الافتراءات وإيضاح الحقائق للجمهور المتلقي الذي يبني مفاهيمه ويستقي معلوماته عبر الإصغاء لتلك الوسائل فقط. لم يعد الإعلام إعلام (غوبلز) وزير هتلر، ولا إعلام (قوميسار) وزير الدعاية السوفياتية، حيث سقطت نظريات أولئك بفضل الفكر الإعلامي المتجدد ووسائله التي تنقل الحدث وقت وقوعه بواسطة مراسلين يحملون أرواحهم على أكفهم، ويمارسون مهامهم تحت ظلال (سبطانات) آلات الحرب، ولقد كشفت هذه الوسائل من قبل ألاعيب محمد سعيد الصحاف، بعد أن باغتته قوات التحالف "العلوج"- كما كان يحلو له أن يسميهم- وهو يلقي بيان الانتصارات التي حققتها القوات العراقية ومن ثم سقط في الفخ. ولذلك عجز إعلام الغرب من أن يستبدل صورة الفتيان الذين تم قذفهم من على أسطح العمارات من قبل رجال "الإخوان" بصور أغصان زيتون. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (24) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain