لا أحد كان يصدّق بأن تتحوّل موسكو في يوم من الأيام «موطن أكبر عدد من المليارديرات في العالم» -على الأقل في التسعينيات الميلادية- بالنظر للغياب القسري الذي كانت تفرضه الحكومة على رجال الأعمال من خلال الستار الحديدي الذي كان مقيدًا للجميع، واليوم -كما أوضحت قائمة- (فوربس) السنوية يوجد في موسكو 79 مليارديرًا، وتسبق مدينة نيويورك التي بها 58 مليارديرًا. الروس اليوم يعدون أنفسهم في مضمار سباق مع الولاياتالمتحدة، ومع دول الغرب، ليس في الاقتصاد فحسب، بل وفي السياسة والثقافة أيضًا، فالبروسترايكا التي عصفت بالنظام الشيوعي، وهدم ارتدادها (سور برلين)، جاءت كموجة عاتية قذفت بالروس عاليًا إلى ميادين هامّة نجحوا في اقتحامها، وفرض سيطرتهم عليها، ذلك النجاح أكد على جاهزية الروس أمام الإصلاحات التي ولدت على يد (جورباتشوف)، وطبقت فيما بعد على استحياء وحذر. الروس اليوم يفعلون بأمريكا ودول الغرب، بمثل ما فعلوا ب(هتلر) الذي جروّه للهجوم على (ستالنغراد) في فصل الشتاء، فأذاقوه شر هزيمة، وأنهوا أسطورة أقوى جيش في العالم، بعد أن قضوا على الجيش الألماني، وجعلوا من الأراضي الروسية مقابر لهم، فقد نجحوا في جر الولاياتالمتحدة إلى وحل (أفغانستان)، بعد أن غادروها وتركوا لها الحبل لأن تتوغل في العراق، وكوريا، والصومال، الأمر الذي وضع اقتصادها على حافة الانهيار المالي؛ بسبب الإنفاق على الحروب، ودعم بعض الفصائل المتنازعة، والانخراط في حروب غير معلنة لا طائل منها؛ ممّا أوجد حالة من التلاعب المالي الذي أدّى إلى خفض قيمة الدولار الحقيقية. الروس اليوم يقفون بثبات، ويخطبون ود بعض الدول التي تناصر الغرب، معتمدين على بزوغ فجرهم، وأفول نجم منافسهم، وعلى قوتهم العسكرية، وتأثيرهم السياسي في مجلس الأمن، وعلى اقتصادهم المتنامي مقابل ضعف الاقتصاد في الغرب. شتّان ما بين (روسيا خروتشوف)، وروسيا بوتين، وشتّان أيضًا ما بين (أمريكا كيندي)، وأمريكا أوباما. لم يترك رجال الأعمال الروس فرصة إلاّ واستثمروها حتى أن وصل بهم الحال للاستثمار في أمريكا وأوروبا، هذا التحوّل الدراماتيكي، هل يعني ذلك بأن الولاياتالمتحدة ستلحق بركب القوى التي سادت ثم هوت، كالإمبراطورية الرومانية، وفرنسا نابليون؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (24) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain