دخلت تخصصات جامعية جديدة على قائمة البطالة في الأردن، بعدما كانت مطلوبة في سوق العمل سابقاً في مقدمتها الطب والصيدلة والتمريض وإدارة الأعمال، وكشف تقرير صادر عن وزارة التعليم العالي وجود 13 ألف طالب وطالبة على مقاعد الدراسة في تخصصات الطب المختلفة، بينهم 3 آلاف في أوكرانيا وحدها و53 ألفاً في تخصص الإدارة العامة و10 آلاف ضمن التمريض لن تفيهم الشواغر الموجودة . وتوقع وجيه عويس، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ظهور بطالة واضحة بين خريجي تخصصات الطب خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، لافتاً إلى رصد نحو 3700 خريج عاطل عن العمل في تخصص التمريض وحده . وقال: هناك 22 ألف طالب يدرسون حالياً للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه بينما بلغت نسبة البطالة في هذا النطاق 49%، للفتيات الحاصلات على درجة البكالوريوس والمواصلات إكمال تعليمهن و20%، بالنسبة للشبان . وأرجع عويس تفاقم الأمور إلى "أخطاء كبيرة" في الماضي لم يحاسب عليها أحد حتى الآن، من بينهما تأسيس جامعات من دون موارد مالية كافية عانت من سوء الإدارة روّجت للتوظيف العشوائي . وزاد: فضلاً عن ذلك ثمة تزايد في أعداد الطلبة خلال الفترة الماضية على حساب النوعية وبلغ الملتحقون في برامج البكالوريوس في الجامعات الأردنية للعام الحالي فقط 227 ألفاً من دون مضاعفة أعضاء الهيئات التدريسية وإنما هجرة 16% إلى الخارج . وأشار إلى معاناة جامعة رسمية من أزمة مالية أثرت في جودة برامج الهندسة والطب والتمريض، ما جعل خريجيها يجدون صعوبة في مجاراة المطلوب مهنياً لافتاً إلى وجود إشكالية في أسس القبول وإسهام ذلك في زيادة عبء البطالة لاحقاً . وحدد عويس حلولاً مقترحة تتمثل في تجميد أو إلغاء القبول في بعض التخصصات "المشبّعة"، ودمج المتكرر منها واعتماد القبول المباشر على مستوى الجامعات في بعض التخصصات مثل الطب البيطري والهندسة المعمارية، وتوجيه 40% من خريجي الثانوية العامة للالتحاق في كليات "البوليتكنك" التطبيقية والاقتصار على البرنامج الأكاديمي لأغراض "التجسير" (التأهيل لمواصلة الدراسات العليا) . ورأى محمد العبابنة، نقيب الصيادلة، وجوب وقف استمرار دراسة تخصص الصيدلة نتيجة عدم جدواه اقتصادياً للأسر خاصة مع تزايد عدد خريجيها بشكل يفوق احتياجات سوق العمل . وقال: لقد بلغت نسبة البطالة 30% في صفوف الخريجين الشبان، ومتوقع تزايدها حال تواصل الوضع الحالي . ووجد العبابنة الأموال التي ينفقها أولياء الأمور على دراسة الصيدلة "تهدر هباء" داعياً إلى وضع استراتيجية تفصيلية في هذا الشأن نحو رفع مستوى التعليم وانتقاء النوعية وتوفير محاضن وظيفية بعد التخرج . وعلق: بقاء الأمور على حالها يضاعف النتيجة سوءاً . وقال أحمد أبو إسماعيل الطالب في كلية الطب في الجامعة الأردنية: منذ الصغر وأنا أحلم في دراسة هذا التخصص لأنه ينطوي على مجهود مضاعف نحو الحصول على نسبة نجاح مرتفعة في الثانوية العامة والدخول في تنافس مع آخرين لاقتناص القبول في الشعبة المناسبة وتحقيق رسالة إنسانية سامية واليوم تحوّل ذلك إلى "كابوس"، مخيف بعدما قطعت نصف المشاور صوب التخرج . وأضاف: من الصعب أن تجد مصيرك مجهولاً بعد مرحلة دراسة وتدريب وتمرين تستغرق نحو 7 سنوات، وكان الأجدر بالجهات المعنية توضيح الأمر منذ فترات سابقة نحو تداركه وعدم إضافة أعداد جديدة لا تعرف مآلها اليوم واتشاح الرداء الأبيض بمخاوف سوداء تقلل حماسة التفاعل مع التخصص على عكس الحماسة الكبيرة عند دخوله . وأبدت نهاد سرور، وشيكة التخرج في تخصص الطب العام، قلقاً شديداً حيال الأمر . وقالت: لا يملك الجميع فتح عيادات خاصة ولا يرغب آخرون في ذلك أساساً قبل احتكاكهم مهنياً ضمن مستشفيات حكومية، وهذا حقهم نحو اكتساب خبرة كافية تؤهلهم للتعامل الاحترافي التام مع المرضى . وتابعت: نصحت شقيقي الأصغر بعدم دخول التخصص فور علمي بالمعضلة ورغم تميزه في المدرسة وحصوله عادة على نسب تفوّق مرتفعة، بدأ يفكر جدياً في الاتجاه إلى ميدان تطبيقي يواكب التكنولوجيا والتقنيات لأنه في النهاية لا يريد حمل شهادة ذات مكانة بارزة شكلاً ووضعها في برواز يعلقه في الصالة . وأكد وسام المومني وعماد الشوابكة تفكيرهما جدياً في عدم الاتجاه إلى دراسة الصيدلة عقب حصولهما على شهادة الثانوية العامة أو مواصلتهما ذاك مع التخطيط للعمل خارج البلاد . وعقب الشوابكة: مشكلتنا ليست في البطالة فقط وإنما غياب التطبيق العملي الصحيح نحو تدارك تفاقمها وهذه المعضلة الرئيسة .