أ. د. حسن بن محمد سفر أولت المملكة العربية السعودية الاهتمام والعناية بالجامعات، وتميزت بعض هذه الصروح العلمية بمنهجية توظيف أهدافها لخدمة الشريعة الإسلامية بحكم مسمياتها، فالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة ما فتئت نشاطاتها في الداخل والخارج تقدم طرحًا متميزًا في مؤتمراتها وندواتها، وانطلاقًا من رسالة هذه الجامعة المباركة في التنوير الإسلامي المعرفي القائم على هدي الإسلام وثوابته نظمت ندوة علمية بعنوان: الوسطية في القرآن والسنة وتطبيقاتها المعاصرة في المملكة وماليزيا والتي توجت بموافقة خادم الحرمين الشريفين على تنظيمها في جامعة ملايا في العشرين من ذي القعدة في مدينة كوالالمبور الماليزية، ولا شك أن هذه الندوة ذات أهمية كبيرة كونها تعطي تنويرًا عالميًّا لصورة الإسلام الحقيقية ولريادته في العمل بالوسطية في جميع مناحي الحياة، الدينية والسياسية، والاجتماعية والتعامل الإنساني مع الغير من أهل الديانات والمذاهب والأيدلوجيات الأخرى، فسلوك الإنسان وتصرفاته في الحياة العامة والخاصة توجهه القيم السلوكية الأخلاقية التي تحمل في طياتها روح الشريعة ونَفَس الشارع في الوسطية والاعتدال، ولا تتحقق الحياة الآمنة المستقرة في الأفراد والجماعات والدول إلاَّ بمنهج الوسطية القائم على التعامل الإنساني الحضاري، لذلك وسمت الأمة المحمدية بالوسط وتميّزت به، (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا)، فالوسطية في دين الإسلام ونظمه السياسية والقضائية والاجتماعية هو المقصد التشريعي التطبيقي، وقد تجلّت صور الوسطية كمنهج مطلوب العمل به، فالإحسان والتودد والانفتاح الفكري على الآخر صورة مشرفة من العمل التنفيذي لمفهوم الوسطية، يقول الإمام العز بن عبدالسلام في قواعده (إن الإحسان لا يخلو عن جلب نفع أو دفع ضرر، وتارة يكون في الدنيا وتارة يكون في العقبى فالإرفاق الدنيوي، ودفع المضار أمر رغب فيه الشرع وجعل مسالك العفو أمرًا مطلوبًا) فالأساس الذي أسس الإسلام عليه منهج المحبة والمصداقية هو التوسط في الأمور وطرد سلوك العنف والتشدد، وما من شك أن هذه الندوة سيكتب لها النجاح إن شاء الله كون منبع الوسطية انطلق من المنهج القرآني والسنة النبوية التي أنزل الله كتابه في هذه البقاع المقدسة.. وفق الله الجميع للخيرات، وأثاب ملك البلاد خير الجزاء وحفظه ورعاه.. والله الموفق.