اختتم المؤتمر الدولي للوسطية الشرعية والاعتدال الواعي (مدرسة حضرموت أنموذجاً) أعماله أمس بمدينة سيئون محافظة حضرموت، نظمته على مدى ثلاثة أيام أربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية ودار المصطفى للدراسات الإسلامية ومؤسسة طابه للدراسات الإسلامية ومركز الإبداع الثقافي للدراسات وخدمة التراث. وصدر عن المؤتمر الذي يأتي في إطار فعاليات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م بيان ختامي، أشاد فيه المشاركون بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية- لرعايته المؤتمر ودعمه للفكر الوسطي الذي لطالما كان حصن الأمن والأمان للأمة الإسلامية.. مؤكدين الحفاظ على وحدة الأمة ورأب الصدع واستلهام الأصول التي قامت عليها حضارة الإسلام واجتمعت عليها الأمة طوال تاريخها الطويل وقيامها بواجب المسئولية التي وضعها الله في أعناقها. كما تضمن البيان عدداً من التوصيات التي دعت إلى جمع كلمة الأمة على منهج الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي عقيدة وشريعة وسلوكاً واستلهامها لحقائق الكتاب والسنة بفهم العلماء العاملين من سلف الأمة وصلحائها مع ضرورة تحلي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بعيداً عن نهج التكفير والتشريك والتفسيق والتبديع في غير مقتضى الشرع الحكيم ودعوة جميع فرقاء الأمة ومذاهبها ومدارسها ومفكريها إلى تحمل مسئولياتهم، كلٌ في ما يعنيه في ظل المخاطر التي تحيق بالأمة وصيانة منابر الدعوة وبيوت الله من أهواء الفتن والتمزيق والتحريش والعنف والتشدد والتعصب كي تستعيد تلك المنابر وظيفتها الأساسية في التربية والدعوة إلى الله تعالى على بصرٍ وبصيرة وتنقية مناهج التعليم بكافة مستوياته من روح التعصب والانغلاق والإفراط والتفريط، والعودة بها إلى روح الكتاب والسنة وسلف الأمة. كما دعا المؤتمر في توصياته وسائل الإعلام إلى الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية، بعيداً عن الإثارة والتشكيك والالتزام بالضوابط الشرعية والعلمية في التعبير عن الآراء والأفكار وإلى الاهتمام بالتربية الإسلامية وتزكية النفوس في كافة قطاعات الحياة ومظاهرها وعلى كافة مستوياتها كلُ في دائرة معاملاته ونشاطه وإنشاء آلية لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر والبحوث المقدمة إليه والكلمات والمداخلات ذات العلاقة، مع الاهتمام بالمبادىء والأفكار التي طرحت في جلسته الافتتاحية باعتبارها وثيقة مهمة من وثائق المؤتمر. وثمّن المؤتمرون اختيار مدينة تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م، مقدرين الجهود التي بذلت من أجل إنجاح هذا المؤتمر من قبل كافة المؤسسات التي قامت على تنظيمه وكافة المؤسسات الشعبية والرسمية التي كان لدورها الأثر الأكبر في إنجاحه. وقد رفع العلماء والمفكرون والدعاة والباحثون المشاركون في المؤتمر في ختام الجلسة الافتتاحية رسالة لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - عبروا فيها عن جزيل شكرهم وثنائهم وبالغ احترامهم وتقديرهم لحرص فخامته من أجل إنجاح فعاليات هذا الجمع الإسلامي المبارك من اليمن وخارجه، والهادف إلى ترسيخ قيم ونهج الوسطية والاعتدال، وهو النهج الذي أصبح المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بأمس الحاجة إليه اليوم وترسيخه ترسيخاً عميقاً في الأخلاق والسلوك لإظهار الصورة الحقيقية لديننا الإسلامي الحنيف، دين المحبة والسلام والوئام، أمام العالم أجمع، فضلاً عن تحسين سمعة المسلمين أمام من يحاول تشويهها، وأمام كل من يحاول أن يربط الإسلام بالإرهاب والعدوان. وتطرقت الرسالة إلى معاناة المسلمين من التفرق في الدين وهو بلاْء كتبه الله على هذه الأمة التي تتجاوزه تارة فتستقيم أحوالها وتقوى شوكتهم ويقعون تارة أخرى فيفشلون وتذهب ريحهم ويتسلط عليهم العدو فيفسد دينهم ودنياهم .. مؤكدة أن للوسطية أصولاً تتجلى معانيها وأحكامها في تعظيم خدمة لا إله إلا الله والاحتكام إلى الله ورسوله والعدل والميزان والانسلاخ عن الهوى وترك ما لا يعني والحرص على الجماعة والائتلاف وطاعة ولي الأمر. ولفتت الرسالة إلى أن هذا المؤتمر قد جاء بمباركة من فخامته لما له من آثار حميدة في الربط بين الوسطية الشرعية مع أنموذج تطبيقه مع وسطية مدرسة حضرموت ومنهجها الذي نشر الإسلام إلى كل بقاع الأرض. وأكدت أن هذا المؤتمر إبراز شعبي لمدرسة عالمية ذات مميزات تاريخية في مرحلة المتناقضات والتناقضات.. منوهة إلى أن اختيار تريم عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام يأتي بمثابة الرد الاعتباري لتلك المدرسة، لذلك فقد بات من واجب تريم ومدرستها تقديم ما لديها من مخزون علمي وعملي ليتحول إلى مشروع عمل يسهم في معالجة العديد من القضايا في مرحلتنا المعاصرة. وباركت الرسالة خطوات فخامته ومساعيه من أجل ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال وحماية شبابنا من الوقوع في مستنقع الأفكار الهدامة والضالة والتطرف والغلو والإرهاب. وكان وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء عمير مبارك عمير ألقى كلمة نقل فيها مباركة وتهاني فخامة رئيس الجمهورية بنجاح المؤتمر.. مشيراً إلى أهمية المؤتمر خصوصاً وأن الأمة في أمس الحاجة لنهج الوسطية والاعتدال.. منوهاً بدور المدرسة الحضرمية في ترسيخ هذا النهج ونشر الإسلام من خلاله إلى أصقاع الأرض. ولفت عمير إلى أهمية عقد مثل هذه اللقاءات والمؤتمرات التي تسهم في تعزيز روح المحبة والتآخي والسلام وتنوير الناس وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم وجمع كلمتهم ونبذ العنف والغلو والتطرف والإرهاب الذي أضر بسمعة الإسلام والمسلمين. وأعربت كلمة منظمي المؤتمر التي ألقاها المشرف العام لأربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية فضيلة العلامة والمفكر الإسلامي أبوبكر العدني المشهور عن الشكر لكل من أسهم في إنجاح المؤتمر.. لافتاً إلى دور مدرسة حضرموت في نشر قيم المحبة والتسامح في إطار نهجها القائم على الوسطية الشرعية والاعتدال. وقال : لن يستقر حال المسلمين إلاّ بالتحلي بأخلاق الوسطية والاعتدال حينها تتجسد في الأرض مفاهيم السلام والرحمة والمحبة والأمان.. مضيفاً : إننا حينما نجسد الرحمة التي خص الله بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها سقفاً للوسطية الشرعية والاعتدال الواعي فإننا سنجسد بلا شك الخير الكبير في الأرض، ونعيد لهذه الأرض السلام والاستقرار والخيرات والبركات وتفجير الثروات والعطاءات والمنح من خلال العودة إلى الحق وتطبيق ما جاء به النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام. فيما ناشدت كلمة المشاركين التي ألقاها رئيس جامعة الأحقاف بحضرموت الدكتور عبدالله باهارون فخامة رئيس الجمهورية المعروف بدعوته للحوار والاعتدال في الداخل والخارج بتبني عقد ندوة يشارك فيها كبار العلماء من أنحاء العالم الإسلامي تعالج مسألة التكفير وذلك ضمن الفعاليات الختامية لتريم عاصمة الثقافة الإسلامية، ولتكون هذه الندوة رسالة السلام من تريم مدينة السلام والحوار والتسامح وليسمع العالم الإسلامي كلمة علمائه، وهي تنطلق من اليمن بلد الإيمان والحكمة. حضر الاختتام وكيل وزارة المياه والبيئة لقطاع البيئة الدكتور حسين الجنيد، ومحمد حسين العيدروس عضو مجلس الشورى.