يطالب الكثيرون بأن تُحل الاختناقات المرورية في المدن الرئيسة، وأن تصبح حركة سير المركبات أكثر سلاسة وهدوءًا بدلاً من التفكير مليًّا قبل الخروج من المنزل، أو جدولة "المشاوير" والبحث عن الوقت الأسلم لقضاء المستلزمات، فيما آثر آخرون البقاء في منازلهم، رافعين الراية البيضاء أمام شراسة الزحام. وأمام المشروعات التي تُنفَّذ لفك الاختناقات المرورية، يأبي البعض إلاَّ أن يتحدَّى حلول تلك الأزمات، فالملاحظ لكافة المشروعات المنجزة من أنفاق وتقاطعات يجد ابتداع الطرق المخالفة، وعكس الاتجاهات العمد، هربًا من الزحام، ما يعمل على خلق أزمة أخرى تتجاوز التكدس إلى تعريض الأرواح للخطر، فيما يبحث آخرون عن الأرصفة الأقل ارتفاعًا لينتهكوا حرمتها من أجل الوصول سريعًا، أو احتلال مراكز متقدمة في الإشارات الضوئية، وجميع تلك التجاوزات تسهم في تحويل الحلول إلى مشكلات. وبالرغم من التحفظ على نظام ساهر، والذي بات بالنسبة لقائدي المركبات مصيدة وطعمًا همَّهُ الإيقاع بالسائق لأجل الربح المادي، إضافة إلى زيادة قيمة المخالفة في حال التأخّر عن السداد، وهذه أمور يجب إعادة النظر فيها ليتحقق على أقل تقدير الاحترام المتبادل بين الطرفين، إلاّ أنه بات من الضروري أن يكون له حضوره في ظل غياب رجال المرور بشكل ملحوظ، خصوصًا في التقاطعات الجديدة ذات المسار المحدد، والتي أصبحت تشهد في ساعات الذروة أزمات مرورية يجب إعادة النظر فيها، وتكثيف الوجود الميداني لرجال المرور، لأن تعدِّي الأنظمة وانتهاك حرمتها لا يكون إلاَّ في غياب العقاب، فلو أمعنَّا النظر في الإشارات الضوئية المراقبة بكاميرات ساهر، فإننا سنجدها أكثر انضباطًا ممّا سواها، ما يؤكد أهمية الرقابة والمعاقبة. إن مشروعات تسهيل الحركة المرورية هدفها الأول المواطن، والذي يتوجّب عليه أن يُقدّر العمل المنجز والقائم، لتكون القيادة آمنة وغير مُسبِّبة لارتفاع ضغط الدم، أو المشاجرات اللفظية وخلافه، لتتحقق الأهداف المرجوّة والمبنية على الاحترام المتبادل بين كل الأطراف. همسة: احترام النظام خطوة أولى لصناعة مجتمع واعٍ ومثقف.