تحدث خطيب جامع أم الخير بشارع التحلية في جدة الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبة الجمعة يوم أمس والتي استغرقت 30 دقيقة عن جانب من شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال ينسب النبي محمد إلى ربه، أي ينسب إلى ربه في التلقي عنه، وفي التعلم منه، وفي تربيته وتكوينه وتنشئته، وأن ينسب كل خير وصل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه الذي تفضل به عليه. وفعلًا فقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم ربانيًا في كل شيء. ربانيًا في تربيته لأن الذي رباه هو الله، وربانيًا في النور الذي سطع في قلبه لأن الذي ملأ قلبه بالنور هو الله، وربانيًا في التلقي، فما تلقى عن أحد سوى الله شيئًا، إنما تلقى عن الله وحده، وربانيًا في سلوكه فما كان يخطو خطوة واحدة ولا يتكلم بكلمة إلا إذا عرف أنه يرضي بها ربه. وقد حفظه الله ورعاه من صغره بل حتى قبل ولادته فقد رأت أمه قبل ولادته في الرؤيا أن نورًا خرج منها فملأ ما بين الشرق والغرب. ولما أعطته أمه لحليمة السعدية حتى ترضعه رأت حليمة من الآيات ما أذهلها: فما أن وضعته على صدرها وألقمته ثديها حتى أقبل ثديها بالحليب مع أنها كانت تشكو من عدم وجود الحليب، وكانت تملك ناقة ليس فيها قطرة من حليب فإذا بها قد تغيرت وأصبحت تدر الحليب درًا، وكانت أرضهم التي يعيشون عليها جدباء، فإذا بها قد تغيرت وانقلبت إلى أرضٍ خضراء بإذن الله حتى قال زوج حليمة السعدية لها: تعلمين يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة فقالت: والله إني لأرجو ذلك. ومن اللطيف أن الله سبحانه وتعالى في تربيته لنبيه حماه في صغره من أن يقع في الخطايا والآثام التي يقترفها الشباب حتى أنه كان معروفا عنه أنه لا يشارك الشباب في اللهو وتضييع الأوقات . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ربانيًا مخلصًا لله فإن علينا أن نكون كذلك لماذا؟ لأننا لن نكون سعداء إلا إذا كنا ربانيين، ولن نكون ربانيين إلا إذا ضحينا بالكثير من الشهوات، وبالكثير من اللذات، وأخترنا بدلًا من ذلك الله ورسوله والدار الآخرة.