احمل الحقيبة يا عبدالله على ظهرك الغضّ واسأل الله أن يهدي وزارة التربية أن تنقذك وزملاءك الصغار، الذين باتوا يحملونها وهم يبكون من الحزن، لأنهم يعلمون أن كثيرًا من شعوب الأرض لم تعد تستخدم الكتاب الورقي ولا الحقيبة، رغم أنها شعوب فقيرة، إلا أنها طوّرت نفسها وصنعت للأجيال ما يُمكِّنهم من الصعود للأعلى، والتعلم بأسلوب حديث آخرها مصر الشقيقة، فقد وقّعت اتفاقية مع مصانع الجيش هناك لصناعة آيباد للتلاميذ بقيمة اقتصادية، بينما مازلنا نحن في الكتاب الأول والباب الأول والفصل الثاني وكتاب النشاط والدفاتر والتعب والعذاب، والحقيقة التي أصبحت حكايات وخيالا، منها تلك الصور التي يتبادلها الناس، وهي عبارة عن حقيبة تُغطي طفلاً بكامله، كُتب عليها: تحذير، إذا شاهدت حقيبة في الشارع فلا تركلها، حيث يختبئ خلفها رجل المستقبل، هذا الرجل الذي سوف يجد نفسه مثنيًا وعنقه يُقبِّل الأرض والسبب الحقيبة الثقيلة، لا والقضية ليست حقيبة فقط بل في التصاريح التي تأتي في كل عام والتي هي نسخة من بعضها، والذي أعتقد أنها لا تُستبدل، بل يطلبها صاحبها قائلاً: (هات تصريح العام المنصرم أو العام الذي قبله) ليُطلقوه في الريح، وعلينا أن نقول: لاحول ولا قوة إلا بالله، وهو عجب أن تكون الثروة لا تأثير لها، لا على الإنسان ولا على المكان، والدليل لا يحتاج إلى تعب ولا مشقة، بل هو ظاهر يستطيع أن يكتشفه الجميع...!!! * يا عبدالله جهّز نفسك للحديث عن واقع التعليم لتقول الحقيقة، وأنت الشاهد والشهيد، أقصد شهيد الحقيبة يحفظك الله، لأنه لا أحد يستطيع أن يتحدث عن تعبك؛ بالإنابة عنك، هيّا قُل للملأ عن فصلك وماصتك، عن مدرستك ونظافتها وفنائها، عن مكيفاتها والحرّ، وعن الماء الذي لا يوجد والإضاءة التي لا تتوفر، عن الأسياب والسقف والكراسي المدمرة، عن الفئران التي تغزو مدرستك ليلاً، عن كل همومك الصغيرة الكبيرة، وقُل لهم يا عبدالله إن بلدي تنفق على التعليم مليارات أين نحن منها وعنها، قل لهم عن أزيز المكيفات وتعاسة البقاء وحزن الشقاء، قل لهم كيف يكون حالنا هكذا في بلدنا التي دفعت وتدفع مليارات، والحال: «محلك سر». قُل يا طفلي الصغير عن ظهرك الذي انكسر، وصدرك الذي انشطر، وقدمك التي غارت بك واحتارت معك، قُل لهم أين المنجز، قُل لهم إن كثيرا من التصاريح باتت في أذهان الناس مجرد تكرار، والواقع جديرٌ بكشف الحقيقة، قُل لهم يا عبدالله إنني تسمّيت باسم عبدالله حباً في حبيب الشعب، والدي عبدالله الحبيب القريب للقلوب، وإن حبي لبلدي يجعلني أوجه رسالتي للمسؤولين عن التعليم، رسالة صدق واضحة أحملها لهم، ليقفوا على الواقع بأنفسهم، حيث التعليم الحلم الأول للوطن، ولأنني أنا الفتى الآتي للمستقبل، وكل الرفاق الذين يحلمون بعالم سعيد يسألون عن سبب تردي الحال؛ الذي تشهده كثير من مدارسنا، وهو سؤال مرير لابد من أن يجد إجابة لكي لا يبقى الحال هكذا للأبد...!!! * (خاتمة الهمزة).. قلت لعبدالله هل تريد أن تكون معلمًا؟ قال: يا أبي.. كيف أكون كذلك وأنا أرى المعلمين يركضون من فصل إلى فصل، ويتعبون ويعرقون ويموتون يومياً، لدرجة أنني أتصوّر أنهم من كثرة التعب ربّما في الغد لا يأتون، مثل هذه المهنة هي ليست لي يا أبي، أنا أريد أن أكون عسكرياً كجدّي علي -يرحمه الله-، قلت له بيّض الله وجهك وسدد خطاك.. وهي خاتمتي ودمتم. تويتر: @ibrahim__naseeb [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (48) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain