تجمع الرجال في الشوارع المحيطة بساحة التحرير، وهم يتفحصون وجوه الباعة، وفجأة اندفعوا الى الأمام دافعين الأشخاص المتجمهرين جانباً، متجهين نحو الشاب الذي لاذ بالفرار، ولكن الشبان تمكنوا من الإمساك به، وقام أحدهم بالكتابة على ظهره كلمة «انا متحرش». ولطالما كانت الشوارع في مصر امكنة خطرة بالنسبة للنساء، الذين يتعرضون للمعاكسات الكثيرة والتحرش امام انظار افراد الشرطة، الذين يشيحون بأنظارهم عن كل ما تتعرض له النساء المصريات من انتهاكات. ولكن في هذه الأيام ظهر العديد من الجماعات التي تقوم بحماية النساء، والتي تقوم بأفعال تخجل رجال الشرطة. وقال رجل شرطة وهو ينظر الى الشبان المستعدين لاعتقال كل شخص يعتدي على النساء «انهم يقومون بالعمل الذي لا يمكن القيام به»، وبعد ذلك غادر الشرطي مسرعاً عائداً الى كوب الشاي الذي كان يحتسيه. وبعد انتفاضة الربيع العربي، اصبحت الهجمات ضد النساء اكثر وضوحاً، وحتى الجيش كان متورطاً في الإساءة إلى النساء المشاركات في الاحتجاج، مهدداً باستخدام العنف ضدهن واخضاع اخريات إلى ما يسمى «اختبار العذرية». وخلال العطلات، عندما تخرج النساء الى الشوارع، تتضاعف حالات التعدي على النساء، لكن خلال عطلة عيد الأضحى الأخير، دهش بعض الرجال عندما اكتشفوا انهم لا يستطيعون التحرش بالنساء من دون عقاب، وهو تغير لم ينجم من القلق على حقوق النساء فحسب، وانما من الشعور بالإحباط لأن الحكومة لم تفعل ما يكفي لحماية مواطنيها. وتقوم ثلاث مجموعات على الأقل بأعمال الدورية في وسط القاهرة، ويشترك اعضاء هذه الجماعات بالقناعة التي مفادها ان السلطات لن تفعل شيئاً ضد هذه المشكلة الا اذا اصبحت مثار الجدل بين أوساط الشعب. وانتقد البعض، بعض الجماعات لمسارعتهم باللجوء الى العنف. وقال عمر طلعت (16عاماً) أحد أفراد الجماعات التي تقوم بالدورية «من يقوم بالاعتداء على النساء يعتقد أن أحداً لن يعاقبه على فعلته». لكن العمل الذي يقوم به «جماعات الوطنين المصريين » ربما يكون له اثر. وبعد عيد الأضحى في نهاية شهر اكتوبر، اعلن المتحدث باسم الرئيس المصري، محمد مرسي، ان الحكومة تلقت اكثر من 1000 تقرير عن اعمال التحرش التي تتعرض لها النساء. وذكر المتحدث ان الرئيس مرسي قال «ثورة مصر لا يمكنها ان تتحمل هذه الانتهاكات». ولكن مديرة مركز المساعدة القانونية للنساء، عزة سليمان، اعتبرت كلمات الرئيس ضعيفة. وقالت انه خلال عطلة عيد الأضحى تعرض احد ابنائها للضرب بعد ان حاول ايقاف رجل عن التعدي على امرأتين اجنبيتين، وحاولت الشرطة ان تمنعه من تقديم شكوى. وقالت السيدة سليمان «العالم كله يتحدث عن المعاكسات في بلدنا، لكن وزارة الداخلية لا تتخذ اي اجراء». وخلال العطلات تنتشر الجماعات في وسط القاهرة، وكان بعضها يحاول تجنب العنف، فيقيم حاجزاً بشرياً بين النساء ومن سيقوم بمعاكستهن، اما جماعات أخرى فإنها لا تتردد في مواجهة الرجال والصبيان الذين يعتدون على النساء، إذ يتم ضربهم وتسليمهم الى الشرطة. وكانت شيرين بدرالدين (30 عاماً) وهي من المؤسسين لجماعات حماية النساء، قد بدأت عملها في حماية النساء من التحرش عن طريق الطلب من الرجال ان ينزلوا من العربات المخصصة للنساء في مترو القاهرة. وعندما كانوا يرفضون ذلك كانت تعمد الى تصويرهم بكاميرا فيديو وتضع صورهم على الإنترنت، حسبما تقول. وفي الصيف الماضي هاجمها أحد الرجال وهي تقول «حاولت رفع شكوى ضده للشرطة، لكن ضابط الشرطة رفض ذلك، وقال ان مهمتهم مراقبة برنامج عمل القطار»، وقالت شيرين «ان أفراد الجماعات صعدوا من أساليبهم انطلاقاً من حالة الإحباط التي شعروا بها، خصوصاً بعد ان بدأت الشرطة إطلاق سراح الرجال الذين اعتقلتهم الجماعات المدافعة عن النساء»، وقالت شيرين «العنف ليس من وسيلتنا ولكن الضغوط كانت كبيرة جداً». وأخيراً، وبعد تجمع الجماعات عند ميدان التحرير، كان لدى بعض افرادها ما بدا انه مسدس صاعق، وآخر كانت لديه علبة لرش طلاء رذاذ. وبنهاية العطلات تقول نهال سعد زغلول (27 عاماً) وهي عضو في إحدى الجماعات، ان جماعتها تمكنت من ايقاف اكثر من 30 رجلاً، كانوا يحاولون معاكسة النساء .